أواخر صيف 2011. تزوجت دعاء غريب في قرية ريفية بمحافظة البحيرة، مرت سنوات لم ترزق فيها بطفل، ترددت خلالها على عيادات أطباء أملًا في الإنجاب، لكن ظل الأمل يراودها عاما تلو آخر.
في شتاء 2017، راودتها فكرة كفالة طفل من دور الرعاية، بعدما خاض جيرانها التجربة؛ تعرفت على الخطوات والتفاصيل من جارتها؛ وذهبت بعدها إلى وزارة التضامن الاجتماعي: "لكنهم اشترطوا أن يكون زوجي معي"، كما تروي.
وبسبب سفر زوجها للعمل خارج مصر، لم تتمكن من استكمال خطوات الكفالة، ومع مرور الوقت قلّ حماسها للفكرة، خاصة في ظل عادات وتقاليد المجتمع الريفي الذي تعيش فيه.
وبعد مرور 10 سنوات على زواجها، لم ترزق خلالها بمولود، راودتها من جديد فكرة احتضان طفل، عندما شاهدت قصة "أم سينجل ماذر" على الصفحة الرسمية لـ"مبادرة الاحتضان في مصر"، على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، والتي تسرد حكاية امرأة لم تتزوج، لكنها قررت كفالة طفلة من إحدى دور الرعاية.
كان زوج دعاء مترددا، بسبب الخوف على الطفل من مواجهة الحقيقة أو تعرضه لصدمة عندما يكبر. تمكنت دعاء من إقناع زوجها، ليخوضا معا رحلة البحث عن طفلتهما التي اختارا لها اسم حنين.
قدمت دعاء على طلب الكفالة أونلاين، في أواخر نوفمبر 2020، وجاءت الموافقة في اليوم التالي، وطلبوا منها التوجه إلى مديرية الشؤون الاجتماعية لاستكمال باقي الإجراءات.
تسترجع دعاء الذكريات بقولها: "قبل ما أفكر في الاحتضان بشهر حلمت إني حامل في بنوتة صغيرة"، وهو ما اعتبرته بشرى بالخير لاستكمال خطواتها في الكفالة.
بحثت دعاء عن مولودة تكفلها في العديد من دور الرعاية، فلم تجد رغم كثرة المحاولات: كنت بدور على بنت ومش لاقية، صليت استخارة أجيب بنت ولا ولد علشان مفيش بنات، لقيت طفلة صغيرة في الحلم وبشيلها أحضنها".
انتقلت رحلة البحث عن الطفلة خارج القاهرة، التي لم تعثر فيها دعاء على طفلتها، حتى وجدتها في دار رعاية بإحدى محافظات الصعيد، طفلة عمرها 17 يوما، تعاني من آلام حساسية على الصدر.
بمجرد رؤيتها تذكرت دعاء تفاصيل حلمها: "كانت بتكح وصدرها تعبان"، كأن قدرنا واحد ومصيرنا مشترك، تقول دعاء: "أنا كمان عندي حساسية من وأنا طفلة، حسيت إنها شبهي في كل حاجة".
كان الأمر ميسرًا لدعاء وزوجها، فوجدت سهولة كبيرة في إنهاء الإجراءات والأوراق المطلوبة: "ربنا كان مسهّلها جدا ومن أول شهر 12 حتى 10 يناير قدرنا نخلص كل حاجة".
أنهت دعاء جميع الإجراءات وتمكنت أخيرا من ضم طفلتها إلى صدرها، لكنها لم تتمكن من استلامها قبل أن تبلغ من العمر 3 أشهر، بحسب شروط الاحتضان.
وبعد فترة قصيرة. ظهرت أعراض المرض على الطفلة، سافرت لها دعاء لرعايتها: "سافرت الصعيد لوحدي وقعدت بيها 5 أيام في المستشفى ورغم أنها تعبانة إلا أنهم كانوا أحسن 5 أيام في حياتي"، وكانت أصعب لحظات على دعاء أثناء تركها بعد تعافيها والعودة بدونها: "كنت هتجنن عليها وبعيط جدا طول الطريق وأنا راجعة من الصعيد لأني سبتها".
وبعد انتهاء الشهور الثلاثة، تمكنت دعاء وزوجها من استلام الطفلة، وأسموها "حنين". لم تكن حنين تحمل هذا الاسم قبل أن يتم احتضانها، بل كانت تسمى مريم، ولأنه يحق للأسر الكافلة، وفقا لشروط الكفالة، تغيير الاسم الأول للطفل فتم تغييره، تقول دعاء: "كان نفسي أسيب اسم مريم بس جوزي عنده استوديو تصوير باسم حنين وكان ده أحد أسباب اختيارنا لأنثى وإطلاق اسم حنين عليها، كل الناس بتقول أبوحنين وأم حنين، من قبل ما نكفلها ومفكرين إن عندنا حنين فعلا".
تحتاج دعاء أن تحصل على شهادة من دار الإفتاء بأن حنين ابنتها بالرضاعة، ويتطلب إصدار شهادة الإفتاء وفق والدة حنين شهادة من دكتورة الرضاعة بأن حنين حصلت منها على 5 رضعات مشبعات وشهادة الميلاد بعد تغيير الاسم وجواب من الشؤون الاجتماعية وصور عقد الاحتضان وقسيمة الزواج لـ "دعاء" وزوجها وبطاقات الرقم القومي لهما.
تابعت دعاء مع دكتورة من أجل رضاعة ابنتها: "تابعت مع دكتورة وجمعت لها الرضعات ولما استلمتها أخدت 12 رضعة مني وجبت شهادة من الدكتورة بإرضاعها 5 رضعات مشبعات".
لم تجد والدة حنين حرجا من إظهار الحقيقة وإعلان أن حنين ابنتها بالكفالة: الناس عارفين إن أنا محتضناها، حتى اللي مكنش يعرف وبيسأل بقولهم إحنا محتضنينها، وبحس بفخر لما بقول الحقيقة وبنوعي الناس بالكفالة والاحتضان وربنا زارع في وش حنين وضحكتها القبول لأي حد يشوفها يحبها.
بعد 10 أشهر من كفالة حنين يراود دعاء حلم جديد كالذي أرشدها إلى حنين من قبل، يخبرها هذه المرة أنها ستتمكن من كفالة ولد: بعد ما تكفلت بحنين حلمت إن معايا ولد كمان متكفلاه وجبته فعلا وكبر وبيحضني ويقولي أنا بقيت دكتور يا ماما.