دائما ما كانت حيوات أهالي قرية بنبان بسيطة؛ تدور رحى أيامهم بين العناية بالأرض، والعمل في السياحة أحيانا والتجارة أحيان أخرى، قبل أن يسمعوا بمحطة بنبان أو ما يُطلقون عليه "مشروع الطاقة".

كأنما انفتح لهم باب الجنة، باتت المحطة مُنتهى طموح شباب القرية، ينظرون إليها كغريق متعلق بحبل نجاة، يتحدث بعضهم عنها بسعادة؛ إذ غيّر العمل داخلها حياته، فيما يذكرها آخرون بتشكك بعدما خيبت آمالهم، وعدتهم بوظائف مستقرة، قبل أن يتم الاستغناء عنهم.

منذ حوالي 650 عامًا، هاجرت قبيلة عرب الجعافرة من بلاد المغرب، واستقروا بمصر، ليبدأ نسل السيد محمد أبو جعافر، المولود بفاس في الانتشار، والسكن.

في جزيرة المنصورية القريبة من القرية، استقرت العائلات، وُلد لأبي جعافر سبعة أبناء، ومن ذريتهم تم تعمير الأماكن المحيطة، واشتهرت قرية بنبان، منذ ذلك الحين بالزراعة والنخيل والطقس المعتدل.

على ألسنة أهل القرية الصعيدية، تجري الآن سيرة المشروع، يطوّقهم الأمل، يمنّيهم بتحويل قريتهم للأفضل، يعدهم بإصلاح الطرق وإدخال الصرف الصحي وتحسين جودة التعليم، يُخبرهم أن اسم "بنبان" سيظهر كثيرا خلال الأعوام القادمة، ضمن المشروعات العالمية، وأن تلك البقعة القاطنة في أقاصي مصر ستصبح قِبلة للمستثمرين.

بنبان الآن

عدد المدارس

18 مدرســـة

اقتصاد القرية

الزراعة - التجارة - العمل بالخارج - مهرجان بنبان السنوي للخيول والجمال - وحاليا مشروع الطاقة الشمسية

الطرق

الطرق الممهدة الرئيسية: طريقان
بطول: 22 كم

الطرق الممهدة الداخلية: 31 طريقًا
بطول: 38 كم

الطرق غير الممهدة: 30 طريقًا
بطول: 30 كم

الصحــة

عدد الوحدات الصحية : 6

عدد الأطباء: 6

عدد سيارات الإسعاف: 1

عدد المستشفيات: 0

الصرف الصحي

غير مفعل

الخدمات الاجتماعية

وحدة شئون اجتماعية

مشاريع الأسر المنتجة: 531

مشغل

حضانات أطفال: 2

المصدر: دراسة أعدها البنك الدولي بالتعاون مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة.



إسلام إبراهيم

السن: 22 عامًا

منذ كان صغيرًا، لم يعرف إسلام إبراهيم سوى الزراعة، وجد والده وأجداده يمتهنونها بقرية بنبان في أسوان.

ظن صاحب الـ22 عاما أنه سيحذو حذوهم، حتى سمع عن مشروع الطاقة الشمسية "قلنا خلاص هيبقى عندنا وظايف ثابتة"، قدّم إسلام كغيره من شباب القرية، قُبل كعامل على الفور "اشتغلنا 8 شهور واتعلمنا كتير.. كان بيعلمنا أجانب وبقينا نركب الشاشات"، كانت اليومية تتراوح بين 100 و120 جنيه "وكنا راضيين"، غير أن الأمر انقلب للأسوأ حين تم تسريح جزء كبير منهم "مشونا، وقالوا خلاص مش عايزين حد".

لا يعمل حاليًا في محطة الطاقة بشكل منتظم سوى عدد قليل من أهل القرية "الباقيين اشتغلوا فترة وخلصوا"، اضطر إسلام للعودة للزراعة "وأحيانا بكون عاطل مش بعمل حاجة"، لم تكن اليومية التي يحصل عليها الشاب مرضية له حسب قوله "بس كنا بنشتغل في مشروع كويس وبنتعلم.. دلوقتي لا فيه فلوس ولا مشروع".

رامي جاد

24 عامًا

Person

تغيرت حياة رامي جاد للأفضل بعد مشروع الطاقة؛ فمنذ عام انضم صاحب الـ24 عامًا لإحدى الشركات كفرد أمن "واحد صاحبي قالّي إنهم عايزين ناس قدمت، واتقبلت".

8 ساعات هي مدة عمل رامي يوميًا، يخرج من منزله في الخامسة صباحًا، ويعود في الثانية عصرًا: "الحمد لله مرتباتنا بتوصل 3000 جنيه شهريا". قبل العمل في المحطة لم يستقر رامي في وظيفة بعينها، لذا كان الانضمام لها طوق نجاة بالنسبة له، سد به جزءًا من ديونه، ضاحكًا: "بدأت أكوّن نفسي وخطبت وهتجوز كمان سنة".

عمران صالح

32 عامًا

Person

"ده مشروع قومي".. هي الجملة الدارجة على ألسنة أهل بنبان، يعتبر بعضهم المحطة "نقلة" في مسار القرية، رغم الشكاوى من آخرين بسبب سوء تعامل بعض المقاولين معهم "يعني يبقى الواحد جايبلي شغل وعايز يديني يومية 100 جنيه وأنا المفروض آخد 300 جنيه.. ده يرضي ربنا؟"، يقول عمران صالح، أحد أبناء القرية، والذي يعمل في المشروع حاليا.

مع الإعلان عن مشروع جديد في أسوان، ترك عمران عمله في مدينة بورسعيد: "قلت يبقى شغلي قريب من البيت حتى لو المكسب أقل"، هدأت نفس صاحب الـ32 عاما "عشان لقيت إن تخصصي كلحام موجود ومطلوب". قُبل عمران في العمل، ورغم حصوله على 100 جنيه يوميا "بس كان المكان قريب من البيت وفيه وجبة ومياه بناخدنا".

كان عمران سيستمر داخل المحطة "بس سمعت من كذا حد إن الأجور دي مفروض ناخد أكتر منها"، أكثر من شكوى قدمها العمال ليتم رفع الأجور فيما بعد لـ150 جنيها "فجأة الشغل بقى حوالي 10 ساعات فهي هي"، في تلك الفترة قرر عمران العمل لحسابه مع شركات مختلفة في المحطة "بس كان المقاولين بيدبحونا"، لذا قرر التوقف عن كل شيء والعمل بشكل حر كلحّام في المحطة حسب الطلب.

ما زال عمران مؤمنًا بأهمية مشروع الطاقة "شغّل ناس كتير.. على الأقل عرّفنا على مجالات مختلفة"، لكنه يتمنى أن يسع عددًا أكبر من أبناء قريته.

إعلان

إعلان

عَلَم عبد الستار

52 سنة

Person

19 فبراير 2018، يتذكر أهالي قرية "بنبان" هذا التاريخ جيدًا، حين أصيب الشيخ علم عبد الستار، نحيل الجسد، وهو يعمل في موقع محطات الطاقة الشمسية، يومها كان يباشر عمله المعتاد بالموقع، يحمل الأعمدة الحديدية، والألواح الشمسية، أو الشاشات - كما اعتاد أن يطلق عليها - والأخشاب.

بدأ يحمل لوحًا معدنيًا مع أحد زملائه، من المفترض أن يضعاه أعلى طرفي عمودين خشبيين، لكن زميله أخطأ موضعه، فسقط اللوح على قدم الشيخ الخمسيني، وسقط جسده على الألواح المعدنية التي خلفه، تهشمت عظام قدمه اليمنى "الحديدة لو جت على سيفها كانت قطعت رجلي.. حتى الجزمة السيفتي اللي لابسينها، معملتش حاجة". يقول بلهجة صعيدية.

تكفلت الشركة التي كان يعمل "علم" لصالحها بمصروفات علاجه، بعد أن علمت أنه كان عاملا في الزراعة باليومية، قبل أن يتقدم للعمل داخل محطات الطاقة الشمسية، بشكل موسمي "اشتغلت بصورة البطاقة"، فما كان له من حقوق.

لم يرضَ رجال القرية بهذا التعويض، فـ"علم" لم يكن له دخل آخر سوى أجر يومه من المشروع، تدخلوا وأجبروا الشركة على تعويضه بأجر 3 أشهر، وأخذ وعدًا بعودته إلى العمل ما إن يطيب.

وبعد 4 أشهر، عاد الرجل إلى عمله الذي لم تتغير تفاصيله، ظل 3 أشهر يحمل الحديد والأخشاب داخل الورش "وبعد ما الورش خلصت شغلها، اشتغلت مع عمال النظافة، علشان أنا معنديش لا شغل ولا معاش قولتلهم أشتغل أي حاجة.. لكن بعد كده قالوا لي مع السلامة".

أخبروه أنهم ليسوا بحاجة إلى عمال بعد الآن، فبدأ البحث في شركات أخرى بالمشروع "رُحت شركات تانية كتير، ومحدش أخدني، علشان كبير في السن".

بعد 5 شهور حصل "علم" على عمل جديد؛ مجموعة من الأهالي يحتاجون إلى من يحمل الأخشاب، بدأ العمل معهم منذ أيام فقط، أيضًا باليومية، لكنه قبِل، ليحصل على قوت يومه.

عبد الله محمود

53 عامًا

Person

ينادونه بـ"شاعر بنبان"، لكنه لم يخترها مستقرا له، تزوج منذ زمن بعيد من سيدة سكندرية، وعاش معها في مسقط رأسها، وقبل أربعة شهور، قرر العودة "كنت عايز أعيش في بلدي شوية، وسمعت إن فيها باب رزق فجيت".

لم يعرف عبد الله في الإسكندرية عملًا ثابتًا، فتارة يعمل كفرد أمن، وأخرى في بوفيه أحد المطاعم، علم عن مشروع الطاقة الشمسية من وسائل الإعلام، وفور وصوله إلى بنبان وفر له أحد أبناء البلد وظيفة عامل "برّاد" في إحدى شركات المشروع "عامل باخد من 120 :140 جنيه في اليوم، بدل ما أقعد فاضي".

ترك أسرته بالإسكندرية بحثًا عن فرصة عمل حقيقية، لكن الواقع لم يكن كذلك، يقول عبد الله "نفترض إن الأجور كويسة، لكن بعد سنة ولا اتنين الشباب اللي اشتغله في المشروع ده، واتعود على دخل معين، هل هيتوفر له بعد لما يخلص شغل تاني؟".

شبح التشغيل المؤقت يطارد شاعر البلدة مثل غيره، لا ينكر أنه فاز بفرصة عمل، لكنه يترقب ويتساءل ماذا سيعمل بعد أن تنتهي، ينتقد الاعتماد على "أبناء بحري" في العمالة الدائمة بالمشروع، ينظم الشعر، يتغزل في الأصول القبلية لبلدته، وينتقد سوء أحوال قريته، يجتمع مع أبناء عمومته وقت مغيب الشمس، يتناقشون في أحوال بنبان، ويلقي عليهم ما كتبه من شعر.

كان رد ممثلي 3 شركات هم "إنفينيتي واسكاتيك وألكازار" هو أن محطات الطاقة الشمسية تحتاج عدد كبير من العمال في مرحلة الإنشاءات والتركيبات، بينما ينخفض عدد العمالة إلى 15 فرد في الموقع الواحد بحد أقصى بعد مرحلة التشغيل. الأولوية لمن هم من بنبان وما حولها، لكن الأمر يخضع أيضًا للكفاءة والحاجة لتخصصات محددة. أما عن الأجور فيعترف المقاولون بأن أجور العمال تتقلص بسبب كثرة الوسطاء حتى يصل الأجر إلى العامل، الذي يستقطع منه ثمن الخدمات مثل المواصلات والمياه والوجبات.


شروط العمل في المشروع

العمالة المؤقتة يجب أن تكون من قرية بنبان وما حولها على أن يتم تدريبهم.

العمالة الدائمة يفضل أن تكون من بنبان أو القرى المجاورة على أن تتوافر فيهم شروط التوظيف العالمية.

إعلان

إعلان

العمدة

Person

منذ 7 سنوات، في الوقت الذي كان فيه أغلب رجال قرية بنبان يعملون في الزراعة أو يسعون للسفر إلى الخارج والنساء لا تعمل، كان هناك رجل تركي الجنسية يبحث عن قرية لا تزورها الرياح، تجفف له محصولها من الطماطم، يستوردها، ويعيد تصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

فرصة لم يغفلها العمدة نجدي وشقيقه، لتصبح بنبان على مدار 5 سنوات، أشهر القرى التي تصدر الطماطم المجففة إلى الاتحاد الأوروبي، 250 فتاة من القرية يشقُقْن حبات الطماطم بشكل متساوٍ، ويفترشن بها 10 أفدنة من مفارش وأسلاك تحول بينها وبين الغبار في الطل حتى تجف تمامًا، ثم يعبئْنها خامًا في شكائر، تشحن إلى تركيا، يتم تغليفها ثم إرسالها إلى إيطاليا، ومن هناك توزع على جميع دول الاتحاد الأوروبي.

"من سنتين وقف المشروع.. بس جه مكانه مشروع جديد أكبر".. يقول العمدة نجدي، توقف مشروع الطماطم، بالتزامن مع البدء في مشروع بنبان للطاقة الشمسية في الظهير الصحراوي للقرية "المشروع عمل رواج.. خلى المزارع عامل والتاجر مقاول" هكذا يرى العمدة نجدي تأثير مشروع الطاقة الشمسية على القرية.

2800 شاب من بنبان والقرى المجاورة وجدوا من خلاله فرصة عمل، وفقًا للعمدة، لكنه لا ينفي شكاوى العمال، يلتقط الحديث من جديد مسرعًا "عمل مؤقت"، يصمت قليلًا ويردف "إحنا الصراحة بنعاني من حاجة.. التعيين الدائم أهالي بنبان مظلومين فيه".

لكن المشروع له وجوه أخرى مضيئة في نظر العمدة؛ وعود بالتنمية، منها ما وضع خطواته الأولى، ومنها ما تحدد له زمن، ومنها ما يعرف أنه من الصعب تنفيذه "إحنا كلمنا البنك الدولي والمستثمرين وجابلونا وحدتين غسيل كلى، وطلبنا معديات للبحر.. لكن هما أكيد مش هيقدروا يعملولنا صرف صحي".

خطة البنك الدولي لدعم بنبان

تعزيز الخدمات الصحية

توفرها الشركات الخاصة للعمال

مكافحة النمل الأبيض

التكلفة : 5000 دولار سنويًا

تدريب الشباب

التكلفة : 10000 دولار

جمع وإعادة تدوير النفايات

5000 دولار كل شهر

المواصلات

التكلفة : 9000 دولار لكل ميكروباص

التكلفة : 27000 دولار لكل ميني باص

إنارة الشوارع

التكلفة : 300 دولار لكل عمود

تطوير وحدة الإسعاف

التكلفة : 3000 دولار




المصدر: البنك الدولي وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة.

ما زالت أرض الشمس تسير بخطوات ثابتة نحو الطاقة المتجددة. تفتح أبوابا للرزق، تكشف تقنيات جديدة، تضع مصر على خارطة "نظيفة" يصنعها العالم، تُكمل سلسلة التاريخ الممتد منذ آلاف السنين، وتحاول الخروج من عباءة الماضي؛ فمشروع بنبان -وإن كان الأكبر- ليس الأخير.

المشروع القدرة التكلفة تاريخ انتهاء الموقع
محطة التعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدوليJICA 20 م. و
(10 م. و. تخزين)
91 مليون يورو 2019
محطة كوم أمبو بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنميةAfD 26 م. و 800 ألف يورو منحة بالإضافة لـ40 مليون يورو قرض (الوكالة الفرنسية للتنميةAfD) 2019
محطة الزعفرانة بالتعاون مع بنك التعمير الألمانيKfW 50 م. و 50 مليون يورو 2020
محطة كوم أمبو بالتعاون مع الصندوق العربي للتنمية 50 م. و 86 مليون دولار 2019



المصدر: هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة.