حالة الطبيبة يارا ضمن آلاف الحالات التي تموت سنويًا بأمراض القلب، والتي شهدت ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة خاصة بين الشباب، مع تنامٍ كبير لعوامل الخطورة التي تسببها منها السلوكيات غير الصحية والانتشار الواسع للأمراض غير السارية والضغوط الحياتية، في ظل غياب جودة الرعاية الصحية وضعف منظومة الطوارئ التي تنقذ المصابين بالأزمات القلبية.
وأمراض القلب مجموعة من الاضطرابات تصيب القلب والأوعية الدموية ومن أكثر الأمراض غير المعدية انتشارًا، فتسبب 20 مليون وفاة سنويًا، 85% منها بسبب النوبات القلبية والسكتات الدماغية التي تعد من مضاعفات أمراض القلب، بالإضافة إلى أن 75% من الوفيات في البلاد منخفضة ومتوسطة الدخل، وتعتبر أمراض القلب القاتل الأول في العالم، تتعدد أشكالها ما بين وراثية وجلطات قلبية واختلال كهربي وتضخم القلب وأمراض الشرايين والأوعية الدموية لتصل في النهاية إلى أزمات قلبية قد تكون مفاجئة وبعدها يتوقف القلب ومعه كل شيء، بحسب منظمة الصحة العالمية والاتحاد العالمي للقلب.
وتعاني مصر من ارتفاع في حالات وفيات أمراض القلب مقارنة بباقي الأمراض، وتبلغ نسبة التغير في زيادة معدل وفيات أمراض القلب من عام 2011 إلى 2021 نحو 1%.
وشهدت مصر زيادة سنوية في نسب الوفيات بسبب أمراض القلب بداية من 2011 إلى 2021 لكنها انخفضت بشكل ضئيل عام 2016، ثم عادت بزيادة مطردة من 2017 إلى 2021، بعكس وفيات أمراض أخرى شهدت انخفاضًا كأمراض الدم والجهاز الهضمي.
دون أعراض
"لم تكن هناك أي مؤشرات على إصابة "يارا" بالأزمة القلبية، كانت تمارس عملها بشكل طبيعي".. بهذه الكلمات علقت الدكتورة إكرام صادق، أستاذة أمراض القلب بالجامعة وأستاذة الطبيبة الشابة، على واقعة وفاتها، وأرجعت سبب الوفاة إلى "الإجهاد والتعب والضغط النفسي والعصبي الذي عانته يارا في عملها فهم يعملون نبطشيات لساعات طويلة متواصلة في مستشفى الجامعة، وبعدها يعملون في مستشفيات خاصة لتوفير مستوى معيشة جيد خاصة مع تدني رواتب الأطباء في المستشفيات الحكومية".
وتضيف: "هذا الإجهاد يثير عضلة القلب ويخلق دقات قلب غير منتظمة بما يعرف باختلال كهرباء القلب تؤدي في النهاية إلى الوفاة وهو ما حدث مع يارا، خاصة أنها لم تكن تعاني من أي أمراض أو مشكلات صحية".
أستاذة طبيبة القلب يارا تتحدث عن وفاتها وسط مرضاها
ويرى الدكتور علاء الغمراوي، استشاري أمراض القلب وعضو لجنة روماتيزم القلب بمنظمة الصحة العالمية، أن من ضمن أسباب الأزمات القلبية المفاجئة خاصة لدى الشباب، الإجهاد والتوتر الشديد، فالأطباء يقضون ساعات عمل طويلة في المستشفيات فيكون الطبيب بصحة جيدة، ويموت بشكل مفاجئ نتيجة ذلك، وتؤدي العيوب الخلقية واختلال كهرباء القلب إلى حدوث أزمات قلبية قد تكون مفاجئة في الأغلب فيحدث فشل في القلب ويتوقف.
ويضيف "الغمراوي" أن حدوث خلل في ضربات القلب يصيب كل الفئات العمرية، فشهد لاعبة لا يتجاوز عمرها 13 عامًا توفيت أثناء اللعب بسبب اختلال في كهرباء القلب وصل إلى هبوط وتوقف في القلب؛ لذلك تم إطلاق مبادرة لحماية قلوب الرياضيين من توقف القلب المفاجئ تقوم بالكشف الشامل لكل الرياضيين لاكتشاف أي خلل لديهم في قلوبهم قد لا يعلمون به.
ويوضح أن قلوب المصريين الأكثر وجعًا في العالم وتبدأ في أعمار صغيرة اعتبرتها منظمة الصحة العالمية إلى عمر 65 عامًا، لكن تجد شباب في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات يعانون من الأزمات القلبية المفاجئة، نتيجة جلطات في الشريان التاجي، أو الاختلال الكهربي الوراثي أو اعتلال وتضخم عضلة القلب، وكلها تسبب موتًا مفاجئًا.
وتشهد مصر ارتفاعًا في عدد وفيات الشباب في الفئات العمرية من (15:50) عامًا، بزيادات سنوية متتالية تعد مؤشر خطر حول وفيات الشباب نتيجة أمراض القلب؛ حيث بلغ معدل تغير الوفيات من 2013 إلى 2021 نحو 8% وهو معدل يعكس وجود زيادة كبيرة في وفيات الشباب في هذه الفترة الزمنية.
لكن المفاجأة التي تلقتها الدكتورة إكرام، أن تلميذتها يارا التي كانت تعيش بقرية سملا بمحافظة الغربية، لم يظهر عليها أي أعراض خلال الـ24 ساعة الأخيرة قبل وفاتها فتقول: "لم تشتك من أي شيء وكانت تجري العمليات للمرضى بشكل طبيعي، ووقعت فجأة للإجهاد، معظم الحالات المماثلة ليارا يكون أصحابها نايمين أو في الشغل وحاليا انتشر ذلك في صغار السن، وأصبح الإناث مثل الذكور بعكس السابق".