"بدا الإرهاق واضحًا على ملامح الطبيب عبد الله راغب، بعد ثلاثة أيام من العمل المتواصل في قسم الطوارئ بمستشفى المنيا الجامعي". هكذا تتذكر زوجته نورهان عبد الرسول -الطبيبة في المستشفى نفسه- اللقاء الأخيرة بينهما..
بعدها بساعات يتوفى عبدالله في حادث سير، لتفقد معه الأسرة معيلها وتفقد أيضًا الحصول على معاشٍ عادلٍ.
الطبيب عبد الله راغب واحدٌ من ضمن آلاف مما يُسميهم القانون المصري بـ "الأطباء المقيمين" في المستشفيات الجامعية المصرية، ملزمين بالعمل لساعات تتخطى ضوابط قانون العمل وقانون المهن الطبية، بأجور زهيدة، وفي بعض الأحيان يفقدون حقوقهم بسبب العمل بلا عقود.
تخرّج الطبيب عبد الله راغب من كلية الطب جامعة المنيا دفعة عام 2020، وكان واحدًا من الطلاب الأوائل على دفعته، ولم تمضِ سوى أيام قليلة بعد إنهائه سنة الامتياز -السنة التدريبية الأخيرة في دراسة الطب- حتى طُلب منه الحضور لاستلام العمل الإلزامي بالمستشفى الجامعي بالمنيا رغم عدم استكمال أوراقه..
مضى الطبيب عبد الله راغب نحو شهرين من العمل في المستشفى قبل وفاته، بلا أجر.. بلا عقد.. بلا ضوابط محددة لساعات العمل، وحين فقد حياته في الرابع من يوليو عام 2021، حُرمت أسرته من الحصول على حقوقها القانونية.
طبيب امتياز
عامان تدريب ويسمى طبيب امتياز
طالب
دراسة الطب خمس سنوات
طبيب مقيم
من 3: 5 سنوات تكليف في مستشفيات الصحة أو الجامعية ويسمى طبيب مقيم أو نائب طبيب
في الستينات، وخلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، صدر القرار رقم 183 لسنة 1961 ، يُلزم القرار خريجي كلية الطب، بقضاء عامين من العمل في المستشفيات الحكومية، ويُنتدب أوائل الدفعات للعمل في المستشفيات الجامعية، بوظيفة "طبيب مقيم".
تطور القانون وتبدلت بعض مواده، ولكن ظل لزامًا على أوائل كليات الطب، الإذعان لتكليف وزارة التعليم العالي بالعمل في المستشفيات الجامعية، وفي ظل نقص عدد الأطباء في مصر، يخضع هؤلاء المقيمون إلى نظام قاسٍ من العمل اليومي.
بلغ عدد المستشفيات الجامعية في مصر نحو 120 مستشفى جامعي في محافظات مختلفة، وفقًا لتقرير صدر عن المجلس الأعلى للجامعات في شهر يوليو من عام 2022، بينما يختلف عدد أطباء النيابة من عام إلى آخر وفقًا لنقابة الأطباء، لكن يُعين نحو 15 % من دفعات الخريجين في الجامعة، ويتخرج نحو من 9 آلاف إلى 10 آلاف طبيب سنويًا، لذا يُعين من 1500 إلى 2000 طبيب مقيم بالمستشفيات الجامعية سنويًا.
يداوم عبد الله راغب منذ استلامه العمل في المستشفى الجامعي بالمنيا من ثلاثة إلى أربعة أيام متواصلة، مع الحصول على نصف يوم فقط عطلة، وفي بعض الأحيان لا يحصل على أي عطلات، بحسب حديث زوجته لـ"مصراوي".
لم يختلف واقع "راغب" عن الطبيب محمد رجب، وهو اسم مستعار لأحد الأطباء المقيمين بأحد المستشفيات الجامعية في شمال مصر، مع بداية استلامه التكليف في أحد المستشفيات الجامعية، كان مقررًا له نوبة عمل 24 ساعة، فيما يحصل على راحة لبضع ساعات بسكن المستشفى، يعود بعدها لاستكمال عمله.
ولكن فوجئ "رجب" أن الواقع غير ذلك، بسبب ضغط العمل وقلة الأطباء. لم يتمكن من الراحة المقررة لبضع ساعات، ليستمر في عمل متواصل لأيام بدون أي عطلات أو راحة في سكن المستشفى، ويتطور الأمر إلى سقوطه خلال نوبات العمل مصابًا بهبوط حاد.
قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 ينص على أنه "لا يجوز تشغيل العامل تشغيلًا فعليًا أكثر من 48 ساعة أسبوعيًا، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد ساعات العمل في اليوم الواحد عن عشر ساعات".
يقول خالد سمير، عضو نقابة الأطباء، إن قانون المهن الطبية يُحدد عدد نوبات العمل للطبيب المقيم، بنحو 10 نوبات في الشهر، وفي حالات الطوارئ تصل إلى 15 نوبة شهريًا.
ولكن على أرض الواقع -بحسب سمير- لا تلتزم المستشفيات الجامعية بقانون العمل أو قانون المهن الطبية، ويعمل أطباء الجراحة في بعض المستشفيات الجامعية لمدة تصل إلى 24 ساعة متواصلة وأكثر، فيما يحصل الطبيب على ساعة واحدة أو اثنتين على الأكثر كراحة، وفي بعض الأحيان لا يحصل على أي قدر من الراحة.
"العمل بالسخرة" هو وصف عضو نقابة الأطباء إيهاب الطاهر، لطريقة التعامل مع الطبيب المقيم داخل المستشفيات الجامعية، ويؤكد أن نقابة الأطباء تعرف جيدًا ما يحدث.
منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء، تقول إن النقابة طالبت بإعادة النظر في المناوبات الطويلة، وضرورة تنظيم ساعات العمل وألا تزيد المناوبة عن 8 ساعات يوميًا، ولكن في الواقع، المناوبة الواحدة تصل إلى 24 و36 ساعة، "وهذا شيء غير آدمي ولا يحدث في أي مكان في العالم" على حد قولها..
يخضع الأطباء المقيمون لقانون تنظيم المستشفيات الجامعية رقم 19 لسنة 2018، وهو لا ينص على حد أقصى لعدد ساعات العمل المتصلة، فيما ينص قانون المهن الطبية رقم 14 لسنة 2014 -المطبق على الأطباء المقيمين التابعين لوزارة الصحة- على حدٍ أقصى 10 مناوبات مسائية، بالإضافة إلى 10 مناوبات ليلية شهريًا، لكنّه لم يضع حدا أقصى لعدد ساعات العمل المتصلة.
بعد إجراء ست جراحات متتالية، سقط مغشيًا عليه، حاول زملاء الطبيب أحمد عبد العظيم، المدرس المساعد في قسم الجراحة العامة بكلية طب المنوفية إسعافه، ولكن دون جدوى، توفي الطبيب وكان التشخيص نتيجة أزمة قلبية حادة.
منذ تخرجه في كلية الطب عام 2013 ومع بداية عمله كطبيب مقيم في الجامعة عام 2016، كان عبد العظيم واحدًا من المدافعين عن حقوق الأطباء في ساعات عمل مناسبة وعدد راحات مرضية، بحسب حديث والده، سمير عبد العظيم، ويقول إن ابنه واجه و زملائه أزمات متتالية مع الجامعة وإدارتها للحصول على حقوقهم.
ويضيف أنَّه "نتيجةً لمطالبات عبد العظيم بحقوقه وحقوق زملائه في ساعات عمل آدمية، رفضت إدارة الجامعة تعيينه بعد إنهاء سنوات العمل الإلزامية في المستشفى الجامعي".
بعد انتهاء فترة التكليف، يُعين بعض الأطباء المقيمين في المستشفيات الجامعية، وتشترط اللائحة الأساسية للأطباء المقيمين في جامعة القاهرة، حصول الطبيب على تقرير أداء سنوي مرضي من رؤسائه لمدة خمس سنوات -مدة التكليف القانونية- لتعيينه.
تقرير الأداء شوكة في ظهر الأطباء المقيمين، ويمثل تهديدا لأي طبيب مقيم، إذ لا يستطيع أي منهم المطالبة بحقوقه، خشية الحرمان من الحصول على تقرير "مرضي" من رؤسائه يمكنه من الحصول على التعيين بعد انتهاء فترة تكليفه.
قرر عبد العظيم رفع دعوى قضائية للحصول على حقه في التعيين، وبعد نحو عامين، قضت المحكمة بعودته إلى العمل في الجامعة وتعيينه، وبعد نحو 6 أشهر حصل على درجة مدرس مساعد، ولكن الترقية جاءت متأخرة بسبب التعسف، ورُفض تعيينه في الجامعة منذ البداية، بحسب حديث والده.
ليس عبد العظيم وحده، الذي عُوقب بسبب مطالبته بحقوقه؛ سمر أحمد -اسم مستعار- لطبيبة نساء وتوليد في إحدى المستشفيات الجامعية، نتحفظ على ذكر اسمها الحقيقي، تجنبًا لتعرضها لأية مضايقات.
كادت "سمر" أن تفقد جنينها بعد العمل لـ 48 ساعة متواصلة، كان حملها بالشهور الأولى، أصيبت بانفصال في المشيمة وتجمع دموي. طلبت الحصول على إجازة مرضية بعدما أدركت أنّ استمرارها في العمل بهذا الشكل سيؤدي إلى خسارة الجنين، لكنّ طلبها قوبل بالرفض بدعوى "حاجة العمل".
أصرّت "سمر" على الحصول على عطلة مرضية لعدة أيام، رغمًا عن رئيس قسمها، ولكن بمجرد عودتها حصلت على نصيبها من التوبيخ، بل تطور الأمر إلى منعها من دخول امتحان الماجستير.
في المقابل، لم تتلقَ نقابة الأطباء أي شكاوى رسمية من الأطباء المقيمين، خوفًا من تعسف رؤسائهم، بحسب الطاهر. يقول إنَّ الجامعة تمتلك إيقاف تعيين الأطباء إذا تقدموا بشكاوى، ولذلك يضطر هؤلاء الأطباء إلى تحمل الأذى والضغط الذي يتعرضون له لحين الحصول على درجة الدكتوراه، وتعيينهم في الجامعة، ليحصلوا على جزء من راحة لم ينلها الطاهر طوال فترة عمله كطبيب مقيم، فيما تُزاح تلك الأعباء عن كاهلهم إلى جيل جديد من الخريجين.
الدكتور خالد سمير، أوضح أنّ الطبيب المقيم هو طبيب مُتدرب، وينبغي أن تكون وظيفته هي وظيفة إضافية وليست أساسية، تمثل فقط نسبة 50 % من قدرة العمل، لكن ما يحدث على أرض الواقع غير ذلك؛ يتحمل الطبيب المقيم مسؤولية كاملة وأكبر من قدراته، وقد ينتج عن الأمر أخطاءً طبية.
الدكتور علاء غنام، مدير برنامج الحق في الصحة، يقول إنه لا يوجد قانون في مصر يحدد عدد مناوبات الأطباء، وتتولى التنظيمات الإدارية الداخلية في كل مستشفى تحديد ذلك بمعرفة المدير الإداري والمدير الفني. ونوه إلى أن إدارات المستشفيات الجامعية تقر المناوبات على الأطباء بشكل عشوائي وغير منظم، وفي ظل نقص الأطباء، تحمّل الأطباء الشباب المقيمين مناوبات بمعدلات عالية، بدون مراعاة الحفاظ على حقوقهم أو صحتهم.
في محافظة الغربية، وفي نهاية مايو 2021، وبينما كان في طريقه من عمله بالمستشفى الجامعي إلى عمله الإضافي في المستشفى الخاص، توفي الطبيب الشاب محمد عصمت، المدرس المساعد في قسم التخدير والعناية المركزة بمستشفى جامعة طنطا.
يضطر عدد كبير من الأطباء المقيمين لعمل إضافي في مستشفيات القطاع الخاص، نظرًا لما يحصلون عليه من أجور زهيدة في المستشفيات الجامعية، إذ يحصل الطبيب المقيم في مصر على متوسط دخل 3600 جنيه شهريًا حسب نقابة الأطباء.
كان "عصمت" ينهي العمل في المناوبات المتواصلة في المستشفى الجامعي، ويتوجه إلى أحد المستشفيات الخاصة في مدينة قطور بمحافظة الغربية، ليقضي عطلته في مناوبات عمل أخرى، إذ كان الطبيب الثلاثيني يحاول جاهدًا توفير تكاليف زواجه، في ظل المرتبات الزهيدة بالمستشفيات الجامعية.
رفضت جامعة المنيا الاعتراف بالفترة التي قضاها الطبيب الراحل عبد الله راغب كطبيب مقيم بالمستشفى، لعدم وجود أوراق تثبت عمله، لكننا وثقنا في هذا التحقيق شهادة زملائه أنه كان يعمل معهم قبل وفاته بدوام كامل.
لم تستطع أسرة الطبيب راغب رفع دعوى قضائية للحصول على حقوقه المشروعة: "الجامعة أوراقها سليمة ولا يوجد من يثبت عمل المرحوم في المستشفى الجامعي على مدار نحو 60 يومًا" تقول زوجته.
وافقت الأسرة على الحصول على معاش استثنائي لزوجته وطفلته الرضيعة التي ولدت بعد وفاته، يبلغ نحو 1800 جنيه، واعتبرت الجامعة أن عبد الله مازال طالب امتياز تحت التدريب، وليس طبيبا مقيما مُعيّنا.
بعد وفاة راغب، أصدرت الجامعة قرارًا بعدم السماح للأطباء من دفعة الطبيب الشاب بالعمل قبل استكمال أوراق عملهم رسميًا، لكن ذلك لم يستمر طويلًا.
الطبيب الشاب مصطفى "اسم مستعار"، أُجبر على النزول واستلام العمل بالمستشفى الجامعي بدون أي أوراق تثبت عمله، ولم يستطع الاعتراض على ذلك، حتى لا يفقد فرصة التعيين في الجامعة مستقبلًا، فالقرار مُلزم للجميع حتى ولو كان بشكل غير قانوني.
مصطفى كـ"راغب" أيضًا يعاني من ساعات العمل الطويلة بالمستشفى، وبحسب وصفه "مفيش رحمة في التعامل معانا"، إذ يقضي الطبيب الشاب 3 أيام نوبة عمل متواصلة.
إيهاب الطاهر، يؤكد أنّ المستشفيات الجامعية تتبع منهجًا خطرًا في تسليم الطبيب المقيم عمله بدون استكمال تعيينه رسميًا، وفي حال تعرض الطبيب لإصابة أو وفاة فإن الجامعة لا تعترف به، وتلزمه بعدم التوقيع باسمه في كشوف الحضور والانصراف، ويوقع باسم طبيب آخر معين.
تعاني المستشفيات الجامعية التي تفرض عدد ساعات طويلة على الأطباء المقيمين من نقص الأطباء في المستشفيات الجامعية، وفي أبريل من عام 2022، وأثناء إفطار الأسرة المصرية، قال الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة، إن هناك نقصًا في عدد الأطباء مقارنة بعدد المواطنين.
وفي مارس 2019، أصدرت وزارة التعليم العالي بالتعاون مع وزارة الصحة، دراسة عن مدى احتياجات مصر للأطباء البشريين. كشفت الدراسة أن أعداد الأطباء البشريين حتى آخر عام 2018 يقدر بـ 212 ألفًا و 835 طبيبًا، بينما يعمل في المستشفيات 82 ألف طبيب فقط بنسبة 38% من القوة الأساسية المرخص لها بمزاولة مهنة الطب.
ويبلغ معدل الأطباء في مصر 8,6 طبيب لكل 10 آلاف مواطن بينما المعدل العالمي 23 طبيبًا لكل 10 آلاف مواطن، بحسب الدراسة.
بعد مرور 3 سنوات، وتحديدًا في العام 2021، أشار تقرير لنقابة الأطباء، إلى أن "الوضع ما زال سيئًا في ظل عزوف الأطباء عن العمل بالقطاع الحكومي، وتزايد سعيهم للهجرة خارج مصر".
وفي مارس من العام الماضي 2022، بلغ عدد الأطباء المسجلين 228 ألفًا و862 طبيبًا بزيادة قدرها 16 ألفا و27 طبيبًا، استقال منهم 11 ألفًا و536 طبيبًا وطبيبة، ليكون عدد الأطباء العاملين في القطاع الحكومي 93 ألفًا و536 طبيبًا تقريباً، وتكون نسبة الأطباء في القطاع الحكومي إلى عدد الأطباء المرخص لهم بمزاولة المهنة تحت سن المعاش 40,8% بزيادة 2,8% فقط عن عام 2019.
الهروب كان حلًا لبعض الأطباء، بالرغم من التفوق على مدار سنوات الجامعة على أمل الحصول على التعيين بها، لكن يمكن التنازل عن أي شيء مقابل السلام النفسي، كما حدث مع الطبيبة الشابة "زهرة محمد" اسم مستعار، والتي لم تمكث في نيابة الجامعة سوى شهر واحد فقط، وقررت تقديم استقالتها والذهاب إلى تكليف وزارة الصحة.
تفاقم الوضع واختار آلاف الأطباء الهروب خارج البلاد، وأعلنت نقابة الأطباء في مايو 2022 أنّه في آخر 3 سنوات استقال نحو 11 ألفًا و700 طبيب.
تطرقت دراسة التعليم العالي والصحة إلى المشاكل التي تواجه الأطباء في مصر، وتشمل التعسف الإداري مع العديد من الأطباء، وضعف الراتب، إذ يبلغ متوسط راتب الطبيب المقيم في مصر 3700 جنيه مصري، ومتوسط معاش الطبيب المتقاعد بعد نحو 35 سنة عمل بالحكومة 2300 جنيه مصري.
وطبقا للدراسة التي أجراها المركز المصري للدراسات الاقتصادية (غير حكومي) مطلع عام 2021، كان لا يزيد راتب الطبيب المصري عند بداية التعيين على 2500 جنيه (155 دولارا)، يرتفع عند الحصول على درجة الماجستير إلى 4 آلاف جنيه (250 دولارا)، فيما يحصل بعد حصوله على الدكتوراه على نحو 5 آلاف جنيه (315 دولارا).
عضو نقابة الأطباء خالد سمير، قال إنّ أزمة أطباء النيابة في المستشفيات الجامعية، أزمة معقدة طوال السنوات الماضية، تبدأ من مشكلة التعيين مرورا بالاستقالات التي يقدمها المئات من الأطباء بسبب الضغط الكبير والأجور الضعيفة التي يحصلون عليها في المقابل.
أمين عام المستشفيات الجامعية السابق والمتحدث باسم وزارة الصحة الحالي الدكتور حسام عبد الغفار، قال لـ"مصراوي" إن الحد الأقصى لعدد ساعات العمل الخاصة بالأطباء المقيمين في المستشفيات الجامعية لا تتجاوز الـ42 ساعة أسبوعيًا ويحصل الطبيب على أجر مقابل تلك الساعات.
ونفى استمرار عمل الطبيب المقيم لساعات متواصلة، وأشار إلى أنّ الطبيب المقيم يبدأ ساعات عمله من الثامنة صباحًا حتى الثالثة عصرًا، ثم بعد ذلك يبدأ مناوبة من الثالثة حتى الثامنة ثم سهر من الثامنة مساء الى الثامنة صباحًا في اليوم التالي، لتصبح ساعات العمل 12 ويحصل بعدها على راحة.
ويؤكد: ليس هناك أطباء يحصلون على ساعات للعمل والمناوبة والسهر تتجاوز الـ12 إلا في حالات الطوارئ، والتي بعد انتهائها يحصل على راحة ساعات طويلة، فوفق قوله "حسبة التعيين مبنية على 8 ساعات عمل فقط".
وبسؤال "عبد الغفار" ،عن تولي أطباء النيابة مهام عملهم دون أوراق ثبوتية، أجاب بأنّ هذا الأمر لا يحدث: "طبيب النيابة من حقه النزول للمستشفى لكن كمتدرب، ولا يتحمل أي مهام رسمية بدون أوراق ثبوتية، وهناك الكثير من الأطباء الذين ينزلون فور انتهاء الامتياز لكن للتدريب حتى يستلم العمل بشكل رسمي." وفق قوله.
شكاوى بعض الأطباء من المعاملة السيئة أثناء فترة نيابتهم والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى التعسف ضدهم وحرمانهم من التعيين، أجاب عليها الدكتور حسام عبد الغفار بالقول "إنّ هناك ما بين 1500 إلى 2000 طبيب نيابة يتم استلامهم نيابتهم في المستشفيات الجامعية بشكل سنوي".
وبالتالي؛ يضيف: "حتى لو اشتكى 10 أو 20 طبيبا فشكاويهم لا يُعتد بها ضمن العدد الكبير من الأطباء المقيمين، فضلا عن أن تلك الشكاوى لا أساس لها من الصحة، على حد تعبيره".
الدكتور وليد أنور أمين عام المستشفيات الجامعية الحالي، لم يختلف حديثه عن سابقه فذكر لمصراوي، أنّ هناك عدد ساعات محددة للأطباء المقيمين بالمستشفيات الجامعية ويتم الالتزام بها، كما أنّ القائمين بالمستشفيات الجامعية يقسمون العمل على عدد القوى المتواجدة من الأطباء المقيمين، وهذه الأعداد يتم تحديدها وفقا لخطة مسبقة على حسب طبيعة العمل في المستشفى، مؤكدًا أنّه لا يسمح لطبيب أن يتحمل نبطشية تتجاوز الـ48 ساعة.
وبسؤاله عن حالة الطبيب الشاب عبد الله راغب، والتي اتخذت كنموذجًا لما يتعرض له الأطباء المقيمين من العمل بدون أوراق ثبوتية داخل المستشفى الجامعي،نفى حدوث هذا الأمر قائلًا " أنّه لا يمكن لأي من المستشفيات الجامعية أن تجبر أحد الأطباء للعمل بدون الانتهاء من أوراقه وإثبات تواجده داخل المستشفى بشكل رسمي ولا يسمح لأي طبيب أن يعمل مجبرًا.
وتطرّق الأمين العام للمستشفيات الجامعية لأزمة الأطباء المقيمين بشكل عام موضحًَا أنّ الوزارة حاليا تعمل على دراسة لتوزيع العمل بالمستشفيات الجامعية وأعداد الأطباء بها، لكن تلك الدراسة لم يتم التوصل إلى قرارات خاصة بها إلى الآن.