صيف 2019، أقيم معسكر تدريب منتخب مصر لرفع الأثقال، الذي يضم 20 لاعبًا (10لاعبين و10 لاعبات)، استعدادًا لدورة الألعاب الأفريقية المقامة في المغرب. بحسب الرباعة سلمي فرج: التدريب المسائي في الخامسة مساءً، ويبدأ بارتداء كل لاعب ملابس التدريب داخل غرفته، ثم الالتقاء في غرفة "المكملات الغذائية" في إشارة إلى غرفة المدير الفني محمد موسى، لأخذ المكملات الغذائية الخاصة بكل لاعب، ونتجه إلى صالة التدريب. نفس الرواية أكدها لاعبان بالمنتخب هما الرباعة سمر حبشي، والرباع مصطفي منصور.
استشاري التغذية هو الشخص الوحيد المنوط به تحديد نوعية المكملات الغذائية التي يحتاجها الرياضي، وفق الدكتور هاني وهبة، أستاذ مساعد بقسم التغذية بالمركز القومي للبحوث، والذي أكد أن "تحديد نوع المكمل يختلف من لعبة للعبة، ومن لاعب لآخر، يعني كل رياضي له احتياجات من المكمل تختلف عن الآخر، مستحيل مكمل واحد ينفع كل اللاعبين".
بعد انتهاء المعسكر، سافر المنتخب المصري إلى المغرب للمشاركة في دورة الألعاب الأفريقية الـ12، أواخر أغسطس 2019، وهناك سحبت اللجنة المنظمة للبطولة عينات من المنتخب المصري، وظهرت نتيجة العينات إيجابية لـ5 لاعبين. وبعد مرور شهرين على انتهاء البطولة، وتحديدًا 8 أكتوبر الماضي، قررت اللجنة الأولمبية المصرية تجميد نشاط الاتحاد، ومنع لاعبيه من المشاركة في البطولات الحالية والقادمة حتى انتهاء التحقيق الذي تجريه لكشف ملابسات الواقعة.
سبق "التجميد" المحلي؛ صدور قرار من اللجنة الدولية المستقلة (IMFSP) -المنوط بها التحقيق وتوقيع العقوبات على الاتحادات التي تخالف قواعد وقوانين اللعبة-، بوقف الاتحاد المصري لمدة عامين وتغريمه 200 ألف دولار، كعقوبة على واقعة جرت في ديسمبر 2016، أثناء استضافة مصر البطولة الأفريقية للناشئين والشباب، حيث أُخذت عينات من 12 لاعبًا مصريًا، وكشفت نتائج الفحص تناول 7 هرمونات، وقرر الاتحاد الدولي آنذاك وقف المتورطين 4 سنوات.
بين الواقعتين (2016 - 2018)، ضاعت أحلام الفرق القومية الثلاثة لرفع الأثقال، وتهدد مستقبل نحو 50 لاعبًا ولاعبة. وبالأمس القريب كان يتم إعدادهم ليكونوا أبطال الغد، قبل أن تتكرر الأزمة، ويثبت تعاطي بعضهم منشطات تحت إشراف مسؤولي الاتحاد، وكانت النتيجة وقف وتجميد أنشطة الاتحاد و اللاعبين .
واعتراضًا على العقوبة الدولية، أرسلت اللجنة الأولمبية المصرية مذكرة قانونية إلى الاتحاد الدولي؛ للتظلم من القرار الذي وصفته بـ"المجحف، وغير الحيادي" من جانب اللجنة المستقلة للعقوبات، لمخالفته مبدأ عدم جواز توقيع أكثر من عقوبة على فعل واحد، والتراخي في توقيع العقوبة لأكثر من ثلاث سنوات من وقوع المخالفة.
اتهم اللاعبون الـ5 أصحاب العينات الإيجابية، المدير الفني محمد موسى والمدرب المساعد محمد طه، بالمسؤولية عن نتيجة الفحص الطبي، مؤكدين أنهما كان ينظمان آلية تعاطي اللاعبين للمكملات الغذائية.
يستنكر محمد موسى المدير الفني للمنتخب، الاتهامات التي وجهها اللاعبون له في التحقيقات: "أنا حاسس إن في حد بيوجههم، أنا آخر واحد ممكن يتحاسب عن اللي حصل"، موضحا أن اختيار المكملات الغذائية يكون مسؤولية طبيب الاتحاد، والشراء يتم بمعرفة لجنة منوط بها شراء المكملات الغذائية والأدوية، "أنا غير مسؤول عن اختيار المكملات الغذائية التي تعاطاها اللاعبون، الدكتور هو اللي بيوقع على الروشتات اللي فيها الأدوية دي، والروشتات دي بتطلع باسم الاتحاد المصري لرفع الأثقال، أنا مش بجيبها من عندي".
صباح 30 سبتمبر2017، أوقف مفتشو جمارك مطار القاهرة، راكبًا قادمًا من الإمارات، بصحبته 10 حقائب سوداء، متوسطة الحجم، وزعها على 5 أشخاص كانوا معه، عثر بها على 700 عبوة مكمل غذائي.
وبحسب ما ذكره أسامة مصطفى، مدير الجمارك في محضر الضبط، أخبرهم الشخص بهويته: "أنا المدير الفني للمنتخب المصري البارالمبي لرفع الأثقال، والخمس أشخاص الموجودون بصحبتي، هم أعضاء البعثة المصرية للمنتخب، والمكملات الغذائية خاصة بلاعبي المنتخب".
بعد اتصالات جرت على عدة مستويات؛ بين مفتشي الجمارك وقيادتهم وأخرى مع الاتحاد المصري لرفع الأثقال، تم التحفظ على المكملات الغذائية التي حدد قيمتها إبراهيم كليلة نائب رئيس الاتحاد المصري لرفع الأثقال "بأكثر من مليون جنيه".
ورفض الكابتن أحمد سمير أمين الصندوق بالاتحاد التعليق على الواقعة، وإذا ما كانت هذه المكملات تم شراؤها من ميزانية الاتحاد أم لا؟، قائلا: "معرفش حاجة عن الواقعة دي، أنتم ليه بتفتحوا في حاجات قديمة".
في صباح اليوم التالي 1 أكتوبر 2017، نفت اللجنة البارالمبية المصرية ـ في بيان رسمي - وجود بعثات رسمية خارج البلاد تمثل رياضة أصحاب القدرات الخاصة أو اللجنة البارالمبية، وأكدت عدم وجود أي بطولات لرفع الأثقال في الإمارات خلال هذه الفترة. وأوضح بيان اللجنة أن منتخب رفع الأثقال المصري متواجد في المركز الأولمبي بالمعادي في معسكر تدريبي استعدادًا لبطولة العالم في المكسيك.
"البيان كان ردًا على ما نشر في وسائل الإعلام وقتها"، كما يقول إبراهيم أمين القائم بأعمال المدير التنفيذي للجنة البارالمبية، موضحا أن محمد موسى الديب كان يعمل مديرًا فنيًا لمنتخب رفع الأثقال البارالمبية قبل 4 سنوات، وتم وقفه في 5 يونيو 2016 بقرار من لجنة الاستماع والعقوبات بالمنظمة المصرية لمكافحة المنشطات، بسبب شكوى قدمها لاعب المنتخب عمرو فاروق، يتهمه بالتسبب في تعاطيه مكملات غذائية ملوثة بالمنشطات، وببيع فيتامينات ومكملات غذائية منتهية الصلاحية؛ ليعود مجددًا إلى الاتحاد المصري لرفع الأثقال مديرًا فنيًا للمنتخب وليس مساعدًا للمدير الفني كما كان قبل توليه تدريب البارالمبية.
بعد 7 شهور من التحفظ على المكملات الغذائية، سمحت إدارة الجمارك لبعثة منتخب رفع الأثقال باستلام المكملات الغذائية التي تم التحفظ عليها، وأثناء سفرها إلى دولة أذربيجان لإقامة معسكر خارجي، في 20 إبريل 2018.
تقول الرباعة شيماء خلف، أحد أعضاء هذه البعثة: المدير الفني أعطى كل لاعب حقيبة؛ ليسافر بها إلى المعسكر، بعد التأكيد عليهم بعدم اصطحاب حقائب خاصة بهم، "سافرنا في مجموعتين، البنات ومعانا محمد إيهاب من مطار القاهرة، والأولاد سافروا من مطار الإسكندرية، وإحنا أخدنا الشنط العشرة معانا".
وتؤكد الرباعة أن المدرب لم يسمح لهم باستخدام المكملات أثناء المعسكر التدريبي الذي استمر على مدار شهر.
عاد الرباع محمد إيهاب -الذي أكد لنا رواية شيماء خلف-، من المعسكر الخارجي قبل أعضاء البعثة بيومين، بسبب امتحاناته. فيما تحركت بعثة المنتخب الوطني من المعسكر الخارجي من أذربيجان صباح 10 مايو 2018، متجهة إلى مصر. وطلب الكابتن محمد موسى المدير الفني، أن يحمل كل لاعب عددًا من عبوات المكملات الغذائية في حقيبته الخاصة، وإذا سُئل عنها في المطار يقول: "إنها للاستخدام الشخصي"، كما تقول خلف.
بينما ظل المدير الفني في أذربيجان، وبرر لأعضاء البعثة بقاءه بأنه سيشحن الكميات الباقية من المكملات الغذائية برًا إلى مصر .
بعد ثلاث ساعات من تحرك الطائرة من مطار "حيدر علييف" الدولي بالعاصمة الأذربيجانية "باكو"؛ وصلت بعثة المنتخب المصري لرفع الأثقال إلى مطار القاهرة، ورفض مفتشو الجمارك مرورهم بالمكملات الغذائية لعدم وجود تصريح رسمي يسمح لهم بالعبور، ليتم التحفظ عليها مجددًا بمعرفة الجمارك، والسماح للاعبين بالانصراف بعد التحقيق معهم.
يقول الدكتور إسلام أحمد، طبيب المنتخب آنذاك، إن بعض مسؤولي الاتحاد طلبوا منه اعتماد سلامة أنواع المكملات المضبوطة بالمطار "لاقيتهم جايبين تقرير فيه أسماء المكملات وبيقوللى اعتمدها علشان تخرج من المطار، ولكن أنا رفضت".
موضحًا أن اعتماد سلامة المكملات يكون بمعرفة الوكالة المصرية لمكافحة المنشطات "قلت لهم لازم أعرضها على "النادو"، وهما يوافقوا عليها، ولكن دا محلصش".
وقتها، شكلت وزارة الشباب والرياضة لجنة للتحقيق في الواقعة وفقا للقرار الوزاري رقم 382 لسنة 2018. وخاطبت اللجنة اتحاد رفع الأثقال بشكل رسمي، وكان رد الاتحاد أن اللاعبين هم من اشتروا المكملات الغذائية لاستخدامها أثناء التدريب، وتم ذلك بعلم رئيس البعثة والمدير الفني ومساعده.
طلبت اللجنة وقف مسؤول البعثة والمدير الفني ومساعده، وإحالتهم إلى المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات "النادو" لإعمال شؤونها والتحقيق في ملابسات الواقعة.
وتجاهل مجلس إدارة الاتحاد الرد على اللجنة، فأرسلت الإدارة المركزية للرقابة والمعايير بالوزارة مخاطبة رسمية للاستفسار عن سبب هذا التجاهل، وطالبت رئيس الاتحاد باتخاذ اللازم وموافاتها بما أسفر عنه التحقيق، حتى يتسنى لها اتخاد اللازم.
تقدم النائب البرلماني محمد فؤاد، بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء، ووزير الشباب والرياضة، بشأن عدم تحليل المكملات الغذائية المضبوطة، رغم قرار اللجنة الأولمبية بفحصها وتحليلها؛ لبيان مدى احتوائها على مواد محظورة من عدمه، وفي حالة ثبوت خلوها من أية مواد محظورة يتم أداء الضريبة الجمركية المستحقة عليها؛ تمهيدًا لاستخدامها، وهو ما لم يحدث ولم يتم الإعلان عنه، ويقول عضو مجلس الشعب إن الاستجواب ما زال في مرحلة البحث ولم يدرج أو يرفض حتى الآن.
بعد 5 أشهر من التحفظ للمرة الثانية على المكملات الغذائية بمعرفة جمارك مطار القاهرة، تمكنت بعثة الاتحاد المصري لرفع الأثقال من استلامها مجددًا أثناء سفرها في 10 أكتوبر 2018 إلى المعسكر الخارجي المخصص للاستعداد لبطولة العالم لرفع الأثقال التي أجريت في نوفمبر من العام نفسه بدولة تركمانستان.
وأوضح مصدر مسؤول بجمارك القاهرة، أن السبب في عدم مصادرة المكملات الغذائية المضبوطة؛ أنها خاصة بمؤسسة رسمية "حجزنا على المكملات وديعةً لحين إتمام الإجراءات، وطلبنا جوابًا من الشباب والرياضة؛ يؤكد أنها خاصة بالاتحاد، ولم يصلنا تقرير يؤكد سلامتها وخلوها من المنشطات، لذلك لم نسمح بدخولها إلى مصر، وسمح للبعثة باستعادتها مرة أخرى أثناء سفرها إلى الخارج".
ويقول المصدر الذي يعتبر أحد المسؤولين عن الإشراف والمراقبة على إدارة الجمارك بمطار القاهرة، إن الإجراءات التي اتخذتها الجمارك سليمة؛ لأنها لم تكن تخص لاعبًا أو مسؤولاً بعينه في كل مرة يتم ضبطها، وفقا للأوراق التي قدمها اتحاد رفع الأثقال لنا.
يقول المدير الفني للمنتخب: المكملات الغذائية التي تم التحفظ عليها، أفرج عنها بعد فترة كبيرة، وسمح لنا باستلامها أثناء سفر بعثة المنتخب الأخيرة إلى أذربيجان، "ولو كان فيها منشطات ماكانتش خرجت معانا وإحنا راجعين".
وعن مصير المكملات بعد الإفراج عنها، قال: "فيه جزء كبير منها تم إعدامه بعد انتهاء تاريخ صلاحيته؛ لأنها قعدت فترة كبيرة في المطار، والجزء التاني اللاعيبة استخدمته"، رافضًا التعليق على سبب شراء المكملات وتوزيعها على لاعبي المنتخب، "البعثة كان لها مسؤول المفروض هو اللي يسأل عن الواقعة، أنا مجرد فرد من البعثة". وبالرجوع إلى رئيس البعثة، الكابتن مصطفى اللوزي رفض التعليق على الواقعة.
كما رفض محمود محجوب، رئيس اتحاد رفع الأثقال، الإفصاح عن أي معلومات بخصوص هذه الواقعة، واكتفى بالقول إن "وزارة الشباب والرياضة أجرت تحقيقات في الواقعة، استفسروا منها لمعرفة ما انتهى إليه التحقيق".
ولما توجهنا إلى الدكتور محمد فوزي، المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، رفض هو الآخر التعليق على الواقعة أو التحدث عن النتائج أو المراحل التي وصلت إليها لجنة الوزارة المنوط بها التحقيق في القضية.
عقب هذه الواقعة، شكل مجلس إدارة الاتحاد المصري لرفع الأثقال لجنة منوط بها الإشراف المباشر على عمليات شراء المكملات الغذائية، برئاسة نائب رئيس الاتحاد وعضوية السكرتير العام وأمين الصندوق واثنين من أعضاء مجلس الإدارة.
إبراهيم كليلة، الذي ترأس اللجنة، يقول: لم يتم تفعيل لجنة المشتريات- التي وصفها بالوهمية، مؤكدًا: "شيك المكملات كان بيطلع باسم المدير الفني أو أحد العاملين بالاتحاد لشراء المكملات، بعلم وموافقة رئيس الاتحاد".
وأوضح: "رئيس الاتحاد طالبني بالتوقيع على شراء مكملات بمبالغ مالية كبيرة، بعد ما اشتروا المكملات جايين يقولوا لي اعتمدها في لجنة المشتريات رفضت طبعا، ولا يوجد مستند واحد تم اعتماده بمعرفة لجنة المشتريات".
يدعم رواية نائب رئيس الاتحاد محضر اجتماع شهر أغسطس الماضي لمجلس إدارة الاتحاد، الذي تضمن بندًا ضمن بنود الشؤون المالية ينص على: "وافق المجلس على استخراج شيك بمبلغ 50 ألف جنيه، باسم محمد حسني طه، قيمة شراء مكملات غذائية للاعبي الفريق القومي المقيمين بالمركز الأولمبي بالمعادي اعتبارا من 22/8/2019. وهذا هو الاسم الثلاثي للمدرب المساعد.
في يونيو الماضي، وافق مجلس اتحاد رفع الأثقال على استخراج شيك آخر بمبلغ 100 ألف جنيه لشراء مكملات غذائية للفرق القومية، باسم محمد حسني طه، المدرب المساعد. "الشيك يصدر بناءً على قرار مجلس الإدارة، وتوقيع رئيس الاتحاد"، يقول الكابتن أحمد سمير، أمين الصندوق، واصفًا هذا الإجراء بالقانوني والمتبع في الاتحاد منذ سنوات، وأنا كأمين صندوق ليس لي علاقة باسم الشخص المدون في الشيك، طالما كان القرار صادرًا من المجلس وممهورًا بتوقيع رئيس الاتحاد.
يبرر إبراهيم كليلة نائب رئيس الاتحاد المصري لرفع الأثقال، عدم اعتراضه على عدم تفعيل لجنة المشتريات: "كنا ساكتين علشان المسيرة تمشي في الاتحاد وما تحصلش مشاكل وخصوصًا في البطولات والفاعليات الرياضية اللي كان الاتحاد بيمثل مصر فيها".
محمود محجوب، رئيس اتحاد رفع الأثقال، رفض التعليق على عدم تفعيل لجنة المشتريات وقيام المدير الفني بشراء المكملات، قائلا: "الكل دلوقتي بيتنصل من المسؤولية، وبيبعد الاتهامات عنه، عموما يوجد تحقيقات تُجرى حاليًا وعلينا الانتظار حتى يتم الانتهاء منها".
لا يوجد مسؤول تغذية بالاتحاد، منذ انتهاء التعاقد مع الطبيب السابق، بسبب واقعة منشطات سابقة، بحسب إبراهيم كليلة، نائب رئيس الاتحاد، الذي أضاف: لذلك يختار المدير الفني ويشتري المكملات بنفسه.
تقول الرباعة سلمي فرج، أحد اللاعبين الخمسة أصحاب العينات الإيجابية: الكابتن محمد موسى هو المسؤول المباشر عن المكملات الغذائية اللي كنا بنستخدمها في المعسكر التدريبي، خاصة في ظل عدم وجود دكتور متخصص أو طبيب تغذية، "إحنا بدون دكتور من قبل دورة الألعاب الأفريقية بالمغرب، والدكتور الوحيد الموجود بالاتحاد هو إخصائي علاج طبيعي ومالوش علاقة بالأدوية والتغذية".
المدير الفني محمد موسى، اعترف بمسؤوليته عن شراء المكملات، وقال لـ"مصراوي": إنه اعتمد في اختياره للأدوية والمكملات الغذائية التي يستخدمها اللاعبون على الأنواع السابقة التي كتبها واعتمدها الطبيب المسؤول عن التغذية قبل مغادرته للاتحاد.
وتبرأ الدكتور شريف أنور، إخصائي العلاج الطبيعي بالاتحاد، من أي مسئولية في ملف المكملات الغذائية، وقال: ليس لي علاقة بالمكملات أو التغذية ومهمتي تقتصر على علاج اللاعبين من الإصابات والكدمات فقط. وبرر وجود توقيعه على الروشتات التي يوجد بها مكملات قائلا: "بيبقى فيها أدوية وكريمات خاصة بالجانب العلاجي، وأنا بوقع على الجزء الخاص بالأدوية بتاعتي بس، ولو فيه دكتور تغذية أو متخصص في الاتحاد، أكيد مش هوقع على روشتات".
«N.O.- XPLODE» اسم المكمل الغذائي الذي اشتراه الاتحاد للاعبين خلال المعسكر التدريبي في صيف 2018، كما تظهر فاتورة باسم الاتحاد المصري لرفع الأثقال، ممهورة بتوقيع الدكتور شريف أنور، طبيب العلاج الطبيعي بالاتحاد المصري.
وتظهر الفاتورة شراء 4 عبوات من هذا المكمل يقدر ثمنها بــ 5 آلاف جنيه، من إجمالي تكلفة الفاتورة التي تضمنت أدوية أخرى ووصل ثمنها الإجمالي 60 ألف جنيه.
المكمل الغذائي نفسه هو المتسبب في أزمة المنشطات الأخيرة، وفقًا للتحقيقات الأولية للجنة المنوط بها التحقيق في واقعة العينات الإيجابية للاعبين الخمسة. ويقول علاء مشرف، عضو لجنة التحقيق، إن لاعبي الاتحاد تناولوا المكمل أثناء التدريب بمعرفة المدير الفني للمنتخب.
«N.O.- XPLODE» مكمل غذائي تروج له شركة "دكتور نيوترشن" على موقعها الإلكتروني، وتصفه بأنه إحدى وسائل تقليل الوزن، وزيادة طاقة الجسم أثناء التدريبات الرياضية، وغير مدّون على عبوته اسم المادة الفعالة للمركب.
في اتصال مع دكتور إبراهيم محمد مسؤول التسويق في مصر، للاستفسار عن الـ«N.O.- XPLODE»، أكد أنه غير آمن بنسبة 100%، "يعني لو اتعملك تحليل احتمال تظهر العينة إيجابية بالمنشطات؛ لأن المركب به نسبة محدودة من مادة DMAE المنشطة".
وأكد مدير المبيعات والتسويق أن المكمل ليس معتمدًا عالميًا للاستخدام الرياضي، ولم يتم اختباره للرياضيين، "وارد جدًا يكون فيه مواد منشطة". ولفت إلى أن المكمل غير متوفر لدى فرع الشركة بالقاهرة منذ أكثر من عام، وأن الشركة لم تتعامل مع أي مؤسسة رياضية في السنوات الأخيرة باستثناء النادي الأهلي، "مفيش أي اتحاد أو نادي طلب مننا المكمل في مصر"، موضحا أن النادي الأهلي يحصل على مكمل آخر (تم حجب الاسم لتجنب الدعاية لهذا المنتج)، آمن ومختبر للرياضيين في كل دول العالم، يظهر عليه شعار وختم معتمد من قبل المنظمة الدولية للمعايير " ISO" .
ويعترف محمد موسى المدير الفني للمنتخب قائلا: "أنا فعلا كنت بدي اللاعبين كلهم من المكمل دا، بس منعرفشي إن فيه مشكلة، وفي 17 لاعبًا كانوا بيخدوا منه حللوا أثناء دورة الألعاب الأفريقية في المغرب، اشمعنا بقى الـ5 دول اللي نتيجتهم طلعت إيجابية، دا ملوش غير تفسير واحد، -وفقا لوجهة نظره-، وهو وجود مؤامرة ضد الاتحاد المصري".
الدكتور أسامة غنيم، الرئيس التنفيذي للمنظمة المصرية لمكافحة المنشطات (النادو)، له تفسير آخر: بعض العبوات تكون ملوثة بمواد منشطة، لم يأخذ كل اللاعبين من عبوة واحدة، ولهذا يمكن أن تظهر عينات إيجابية وأخرى سلبية.
يضيف مسؤول التسويق لشركة "دكتور نيوترشن" بالقاهرة: "احتمال تكون الشركة المنتجة نزلت كمية من المكمل ملوثة بهرمون منشط، وبعدها نزلت عبوات سليمة"، موضحا أن تركيبة التصنيع قد تختلف من مرة إلى أخرى، خاصة في ظل عدم إجراء اختبارات الأمان.
في المقابل، أكد الدكتور هاني وهبة، أستاذ مساعد بقسم التغذية بالمركز القومي للبحوث، وجود مكملN.O- XPLODE بالسوق المصري حتى اليوم، وقال إن " التركيبة الخاصة به تغيرت نهاية 2017، وفي يناير 2018 تغير شكل عبوة المكمل في السوق المصري، وكتب عليها (تركيبة جديدة)، ومن ساعتها بدأت تظهر مشاكل في المكمل، وعرفنا بعد فترة بوجود مادة منشطة في تركيبة المكمل".
يوضح متخصص التغذية -الذي تستعين به جهات ومؤسسات ونواد رياضية كمستشار تغذية ومكملات غذائية- أن مكمل N.O.- XPLODE غير مختبر للرياضيين، "مستحيل أنصح لاعب إنه ياخد مكمل غير موثق، ولم يتم اختباره للتأكد من وجود مواد منشطة بتركيبته".
التناقض بين تصريحات مدير التسويق بشركة "دكتور نيوترشن" والدكتور هاني وهبة حول وجود وعدم وجود هذا المكمل الغذائي في السوق المصري، دفعنا لتتبع المكان أو المصدر الذي اشترى منه الاتحاد المصري لرفع الأثقال المكملات الغذائية .
على ترويسة فاتورة شراء المكمل-التي حصل "مصراوي" على نسخة منها- اسم وعنوان صيدلية صغيرة بأحد الشوارع الجانبية الضيقة بمنطقة سهل حمزة المتفرعة من شارع فيصل بالجيزة.
طلب معدا التحقيق من شاب ثلاثيني يعمل بالصيدلية عبوة من مكمل «N.O.- XPLODE»؛ ليرد الشاب "المكمل دا مش موجود عندي؛ لأنه حصل عليه مشكلة في الفترة الأخيرة، لكن ممكن أجيبه لك خلال يومين".
وبمواجهته بالفاتورة وإقناعه بالتحدث معنا مقابل التحفظ على نشر اسمه واسم الصيدلية، أقر بأنه كان يتعامل مع مدرب منتخب الأثقال لتوفير مكملات غذائية للاتحاد أكثر من مرة منذ صيف 2018، مشيرا إلى أنه تعرف عليه عن طريق وسيط صيدلي يدعي محمد خاطر ، موضحا أن آخر فاتورة كانت منذ 5 شهور، "محمد موسى كلمني وقال لي عايزين مكملات علشان عندنا بطولة في المغرب وهناخدها معانا".
بسؤاله عن الشركة التي كان يشتري منها المكملات الغذائية قال: "كنت بجيبها من محلين، واحد في الدقي بجوار نادي الزراعيين والتاني في هليوبوليس بمصر الجديدة".
يقول الصيدلي: كنت بتعامل مع المدير الفني، وأحد أعضاء مجلس الإدارة، "الفلوس كنت باخدها من المدرب، وكان بيطلب مني أسيب تاريخ الفاتورة فاضي، ولما سألته عن السبب قالي علشان لجنة المشتريات بتسجلها".
وأثناء التنقيب في أوراق التحقيقات التي أجرتها المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات بخصوص الواقعة التي اتهم فيها اللاعب عمرو فاروق؛ المدرب الفني محمد موسى بإعطائه مكملات غذائية ملوثة بالمنشطات، ظهر اسم محمد خاطر الصيدلي الوسيط بين صاحب الصيدلية والمدير الفني، كأحد المتورطين في الواقعة، قررت لجنة العقوبات آنذلك إيقاف التعامل معه نهائيًا لتورطه في الاتجار في المكملات الغذائية المحظورة رياضيًا، وإبلاغ الحركة الرياضية بهذا الشأن؛ لكي يتم تجنب التعامل معه.
لكن كيف لصيدلي موقوف وممنوع من التعامل مع أي مؤسسة رياضية، طبقًا للكود الدولي لمكافحة المنشطات أن يتعاون مع إدارة الاتحاد؟ ولفك هذا الغموض ومعرفة كيف حدث ذلك؛ اتصل معدا التحقيق بالصيدلي محمد السيد على خاطر؛ ليؤكد أنه تقدم بالتماس للمنظمة وتم تخفيض العقوبة إلى وقفٍ عامًا واحدًا بدلاً من الوقف النهائي، بعد انتهاء مدة الإيقاف، ولا يوجد ما يمنع عمله مع أي جهة رياضية، مدللًا على ما يقول بإرسال صورة من قرار قبول الالتماس، الذي واجهنا به الرئيس التنفيذي للمنظمة المصرية لمكافحة المنشطات الدكتور أسامة غنيم؛ ليؤكد صحة ما رواه الصيدلي.
في محاولة أخرى للتواصل مع المدير الفني محمد موسى لمواجهته بما قاله الصيدلي محمد خاطر وصاحب الصيدلية التي ظهرت على فواتير الاتحاد، إلا أنه لم يرد على اتصالاتنا حتى نشر التحقيق.
مساء الأربعاء ٤ ديسمبر 2019، رفضت محكمه التحكيم الرياضي الدولي (الكاس)، الطعن المقدم من اللجنة الأولمبية المصرية، وتأييد قرار لجنة العقوبات المستقلة التابعة للاتحاد الدولي لرفع الأثقال، بتغريم الاتحاد المصري ووقفه لمدة عامين.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها:"إنها أرادت ضمان ثقافة منافسة نظيفة، وستبذل كل ما في وسعها لمساعدة الاتحاد المصري في التعليم والتحسن في مجال مكافحة المنشطات حتى يعود إلى المنافسة".
ولم تنظر هيئة المحكمة الرياضية حتى الآن واقعة الـ5 لاعبين، الذين ظهرت عيناتهم إيجابية في أكتوبر الماضي، وعلى إثرها جمدت اللجنة الأولمبية المصرية اتحاد رفع الأثقال، وهى الواقعة التي أحال بعدها وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، مسؤولي اتحاد رفع الأثقال إلى النيابة العامة، بناء على تقرير اللجنة الوزارية التي تم تكليفها بالتحقيق في الملابسات التي أدت إلى إيقاف الاتحاد، دون الإعلان عن نتائج التحقيقات.
قرار المحكمة الدولية، أنهى حلم 50 لاعبًا في تمثيل مصر في المحافل الدولية، وتسبب في اعتزال البطل المصري محمد إيهاب، وتوكد اللجنة الأولمبية المصرية، أنها لم ولن تتوانى عن محاسبة كل من قصر أو تسبب في هذا الشأن، واصفة قرار المحكمة بـ"الجائر ولن يزيدها إلا إصرارًا وتمسكًا بحق مصر وأبطالها"، وفي المقابل ترفض وزارة الشباب الرد أو التعليق على النتائج التى توصل إليها تحقيق "مصراوي"، وخاصة واقعة تهريب المكملات الغذائية التي تورطت فيها بعثة المنتخب، وتحقق فيها الوزارة منذ عامين.