في يوم خريفي مشمس، ترسل الشمس أشعتها على نوافذ المتحف المصري الكبير الزجاجية، تضيء أرجاءه، لتشير بخطوطها إلى فكرة البعث والخلود والنهضة، كما كان الاعتقاد في العالم القديم، فتُظهر وجه الملك رمسيس الثاني، الذي يستقبلك تمثاله قبل صعود الدرج.
يتسمّر الناس حوله، رافعين رؤوسهم لـ11 مترًا، وهو طوله، يرمقونه بإعجاب وانبهار، تمامًا كما فعل أجدادهم قبل آلاف السنين، فقدموا حينها القرابين وتلوا الصلوات عندما كان قائمًا خارج معبد المعبود "بتاح" على مقربة من هذا المكان، ليكون الملك بهيئته المهيبة "حارسًا لحرم المعبد المقدس" كما هو حارسًا لهذا المتحف الآن.
عاد الصخب حول "رمسيس الثاني" مرة أخرى بعد سنوات طويلة من الهدوء ووقوفه وحيدًا دون جمهور منذ صباح يوم الجمعة 25 أغسطس عام 2006، حين تم تغليفه بـ"الشاش" وصُبّت عليه مادة "بولي إيثان"، وهي مادة شبيهة بالسيلكون المطاط، لنقله من الميدان المسمى باسمه "رمسيس" والذي ظل ساكنًا به 51 عامًا إلى مكان مؤقت يبعد عن هذا المتحف مسافة 400 متر، حتى وصل إلى البهو عام 2018، ليظل منتظرًا فتح الأبواب للزوار كل هذا الوقت.
على الأغلب، أحب "رمسيس الثاني" في حياته هذا الصخب، فدخل المعارك وكان محاربًا عظيمًا، تزوج كثيرًا وأنجب حوالي مائة طفل -اثنان منهم منقوشان خلف ساقي تمثاله- كما ظل مهووسًا بالمعابد والتماثيل والنقوش، وترك كمًا مهولًا من الآثار طوال سنين حكمه السبع والستين. فكان الرجل جديرًا بأن يكون أشهر ملوك الدولة الحديثة وأن يمثل صورة المتحف وهويته..
ثم اصطف من خلفه، على أول سلالم الدرج؛ والده وأسلافه: حتشبسوت، أمنحتب الثالث، سيتي الأول، الذين عُرفت مصر في عهدهم كإمبراطورية عظيمة ذات حدود واسعة واقتصاد قوي.
فاستغلوا ثرواتها في تنفيذ مشاريع البناء، خاصة في عاصمة دولتهم "طيبة" (الأقصر)، وهي مدينتهم الكبيرة التي أحاط بها سور ضخم، ظهرت خلفه رؤوس المسلات الشاهقة وجدران المعابد كمعبد الكرنك أو كما أسموه "معبد آمون"، إله طيبة الأهم.
يشبه رؤية هؤلاء الملوك من الــسلم الكــهربائي المتاح للزوار، مشاهدة لقطات سينمائية لأحد المعابد بإيقاع بطيء.
لكن الأمريكية باجي تنر، كانت تصعد على السلالم العادية وليس الكهرباء، لتقترب أكثر من وجوههم. فتتحدث مع أصدقائها القادمين معها في رحلة سياحية، لم يكن على جدولها المتحف، عن " أنه مبنى مذهل".
وتكمل: "سمعنا عنه قبل مجيئنا، لكننا لم نخطط لزيارته، لأننا نعلم أنه لم يُفتح بعد.. عرفنا فقط خلال الأيام الماضية عن طريق الصدفة"..
انحنت "باجي" لتقرأ الوصف المرافق لتماثيل ثلاثة هائلة، بطلها الملك رمسيس الثاني مع المعبودات الرئيسية لهذه المنطقة في وقته: "بتاح وزوجته سخمت، المرتبط اسمها بالدمار"، فحل "رمسيس" محل ابنهم المعبود "نفرتوم"، في إشارة إلى أن الملك في منزلة ابنهم، له صفة شبه إلهية..
هيمن كل ما تراه على تفكيرها، غرقت في صمت أمامهم، كأنها تعود إلى زمن "رمسيس" وتتخيل ما تقرؤه.. ربما لأنها تراهم لأول مرة ولسبب آخر تحكيه: "رأينا كل متاحف القاهرة وذهبنا إلى مدينتهم أسوان، لكن هنا تجربة مختلفة في كل شيء، في الإضاءة والمساحة وشكل العرض، هذا يجعلنا أقرب لهم".
يتساءل أحد أصدقائها: "هل منفذو هذا المتحف مصريون؟، متى بدأ إنشاؤه؟".
تتسع حدقتا عينيه الملونتين اندهاشًا حين يعرف أنه صناعة مصرية خالصة، وحجر أساسه وضع عام 2002!، فتقول له "باجي" ضاحكة: "حظنا جيد أن يفتح بعد كل هذه السنوات في أول زيارة لنا إلى مصر".
بضع درجات أخرى لأعلى الدرج، وتلتقِ بتمثال الملك سنوسرت الأول ليأخذك إلى زمن دولته "الوسطى"، التي حكمها ملوك أقوياء بعد فترة انهيار وتدهور وحروب أنهكت مصر وقسمتها نصفين.
وإن كان "سنوسرت" حيًا، سيألف هذا المكان الجديد أكثر من بعض رفقائه من الدولة الحديثة، فكان عمله قريبًا من هنا، في العاصمة الجديدة التي أسسها والده "أمنمحات الأول" بعد مغادرته "طيبة"، وأسماها "إيتت تاوي" (اللشت حاليًا)، أي "القابض على الأرضين".. تلك الأرض البِكر، التي بقي موقعها لغزًا يخفي وراءه الكثير من أثرهم، ربما حتى اللحظة.
ومن هناك، اتخذ سنوسرت الأول قرار حربه مع الليبيين والنوبيين، واجتمع "سنوسرت" الثالث مع قادته لكبح جماح حكام الأقاليم الأقوياء، وواصل خلفاؤهم مشاريع البناء وأرسلوا بعثات التعدين وشجعوا رحلات التجارة ونفذوا مشاريع زراعية ضخمة في منطقة الفيوم.
لكن هذا لا يمنع وجودهم في أماكن أخرى أبعد مثل المنيا، التي أتى منها الكثير من الكنوز لهذا المتحف، فأغلب مقابر منطقة "بني حسن" تعود إليهم إن كانوا ملوكًا أو رجال النخبة، كمقبرة خنوم حتب الثاني، حاكم الإقليم المشرف على الصحراء الشرقية للملكين أمنمحات الثاني وسنوسرت الثاني، التي يعرض المتحف محاكاة لها برسوم متحركة ذات ألوان زاهية.
مَشى داخلها آنس مجدي (الطبيب البيطري) وصديقه عبد الله محمد (تاجر) وأخذا يحدقان في جدرانها وهما واجمان، ليستكشفا الأشكال المرسومة، والتي تعكس كلها حياة "خنوم حتب"، كجمعه الضرائب للملك وتلقي السلع من التجار الأجانب وطلاء العين وجنازته المتمثلة في الحج على متن قارب إلى أبيدوس (في سوهاج)، وهي المدينة الأكثر قدسية عندهم.
ولما خرج "آنس" من عالم "خنوم حتب"، قال: "منذ 10 أيام، كنت في إيطاليا، ووجدت الناس تتحدث عن أخبار المتحف وتخطيطهم لزيارته، لذا جئت، فلا يمكن أن يزوره قبلي.. ولم أصدق أن لدينا متحفًا يعرض لنا القديم بتقنيات حديثة هكذا!".
ثم اتفق مع صديقه "عبدالله" أن يحجزا المرة المقبلة جولة إرشادية لتعطيهما معلومات أكثر عن المتحف وملوكه. تحمس "عبدالله" ولا مشكلة لديه في الدفع مقابل إشباع فضوله في معرفة المزيد، ولا في سعر تذكرة البالغ 200 جنيه.. في رأيه: " قيمتها معقولة بالنسبة لمستوى المكان!".
بنهاية سلالم الدرج، ستكون الأهرامات وملوكها في وجهك. لقد وصلت إلى الدولة القديمة، إلى العاصمة "منف"، التي يقام المتحف على جزء منها، فما حوله هو "جبانتها".
هنا "نعرف أصل الأشياء، كيف بدأ كل شيء في مصر واستقرت حياتها؟"، كما يصف فرنسيس أمين (الباحث الأثري والمرشد السياحي) للفوج المرافق له وهو يشير باتجاه كل ما يمثل الدولة القديمة بالمتحف، وهو كثير!
للملك سنفرو، أول ملوك الأسرة الرابعة، وزوجته "حتب حرس" حضور قوي هنا. وتحكي كل قطعة معروضة لهما جزءًا من حكايتهما وحكاية دولتهما المثيرة.
فسنفرو الذي حكم لمدة 24 أو 44 عامًا، كان رجلًا حكيمًا وخَيّرًا وقويًا، يظهر فيما نُحت له مرتديًا تاجًا مزدوجًا، ليعبر عن وحدة مصر العليا والسفلى التي كانت موحدة بالفعل وذات موارد ثرية.
وتلك التماثيل المتراصّة لمهندسي ومعماري الدولة القديمة، هم رجاله، الذين تعملوا الكثير خلال بناء أهراماته. أما كتائب الجنود المصطفة في إحدى الخزائن الزجاجية، فكانوا قوام بعثاته الحربية للأراضي المجاورة، ومازالت نقوش بجبال سيناء شاهدة على حملاته العسكرية تلك.
وفي زاوية أخرى، كانت مجموعة زوجته "حتب حرس" تزين إحدى قاعات المتحف الاثني عشر، وهي أخته غير الشقيقة التي تزوجها لضمان عدم وجود أي مشاكل على العرش. فلا قواعد ثابتة وقتها لوراثة العرش كما يبدو.
يدعو فرنسيس أمين من حوله أن يتوقفوا قليلا عند هذه السيدة، مبررًا: "لم نجد ذهبًا كثيرًا من الدولة القديمة، لكن حتب حرس كان لديها الكثير من الذهب والحُلي منها 20 قلادة فضية مطعمة باللازورد والفيروز، وتابوت من الالباستر.. هذه الصناعات تطورت وظهرت أكثر منذ عهد الدولة الوسطى.. غير أن هناك الكثير من الغموض حول قصتها".
تستجيب كريستين أشرف الواقفة مع أمها، أمام سرير هذه الملكة، وكرسيها المذهب.. يتعرفان على قصة مقبرتها، التي ربما كانت في دهشور بالقرب من المجموعة الجنائزية لزوجها الملك سنفرو، ومن المحتمل بعد أن نهبها اللصوص، أن يكونوا دمروا جسدها أو ألقوا به في مكان ما، وتم نقل ممتلكاتها إلى جوار هرم ابنها "خوفو"، فوجدوها في بئر! تسرح الفتاة العشرينية في تلك الحكايات، وتحس أنها تقترب من جذورها، فتقول: "أشعر أن جيلي والأصغر مني لا يعرفون أصولهم، فأستغل الفرص لأتعرف عليها أكثر".
ويمكن أن تغرق في تفاصيل أكثر تظهرها مناظر ونقوش مقابر نبلاء الملك سنفرو، التي تشير إلى أوجه الحياة ما بعد الاستقرار كتفقد المزارعين لأراضيهم، صيد الحيوانات، حملة القرابين، كميات الطعام وأواني الجعة والنبيذ، صناعة السفن للتجارة مع دول بالبحر المتوسط، كاستيراد خشب الأرز من ساحل لبنان، لأن مصر كانت فقيرة في الأخشاب.
ستتخيل للحظات أنك تقف مع الملك وهو يرتدي تنورة قصيرة وقلادة على صدره ويمسك إحدى الشارات الملكية، ويرافقك لتحضر معه الاحتفال بانتصاراته وأعياده كعيد السد؛ الطقس المهم الذي يحتفل به لأول مرة بعد ثلاثين عامًا من حكمه ثم يكرر كل ثلاث سنوات، ليعبر عن "استعادة قوته".
ثم ترى "سنفرو" يجلس مع أخيه غير الشقيق ووزيره "نفر ماعت" بقصره الجديد في عاصمته الأولى "ميدوم" بأقصى جنوب "منف" (تتبع بني سويف الآن)، يناقش معه وصول منتجات الأبنوس والبخور والعاج من الجنوب، وصناعة توابيت الحجر الجيري الجديدة، وإمكانية توفير الأدوات والمعدات اللازمة!
كانت الفوارق الطبقية تظهر في كل شيء حتى في الدفن، فالفقراء مكانهم في الرمال ملفوفون بقطعة قماش أو حصير، بينما يستقر الأغنياء داخل توابيت فخارية أو خشبية مستطيلة، وياللحظ الرائع لمن يحبه الملك ويهديه تابوت من الحجر الجيري الذي كان يتحدث عنه!
هكذا يحكي فرنسيس أمين لمن معه.. ثم يأخذهم إلى أشكال الفن في منف، المدرسة التي استمرت لقرون، فيتحدث إليهم كأنه يحدث نفسه بانفعال: "ما هذه العظمة؟، وكيف جاءوا بكل هذه المواد من أماكن بعيدة؟"، فلم يعرف الرجل طوال سنوات بحثه وعمله الطويلة، ما كان يدور في قصر "سنفرو"!
وحين تلتفت نحو نافذة ترى منها الأرض المجاورة للمتحف، ستخمّن بعد كل ما رأيت، أنه ربما كان هنا يلعب الشباب: الجري، الرمي بالسهام، القفز، المبارزة، وحمل الأثقال، أو ربما كان مقر السوق التجاري المعروف الذي يأتي إليه تجار وفلاحون من كل مكان، أو قصرًا أو معبدًا راح بفعل الفيضانات التي أكلت أراضي منف.
لكن إن عدت إلى الواقع، فعلى مدّ البصر، ترى صور الملوك تطل على الطريق الدائري المؤدي إلى المتحف، تغطي واجهات البنايات المطلية حديثًا، وإلى اليمين قليلا، الطريق الرئيسي إليهم ممهد وواسع، خاصة المجاور للأهرامات، لكن مازال هناك الكثير من أعمال الإنشاءات، وأبعد قليلا إلى الأمام، مطار سفنكس الجديد، فهو جزء من أعمال التطوير الشاملة لتسهيل كل السبل إليهم.
لكن حين يتجول محمد عبد التواب (صاحب شركة سياحية قريبة من المتحف) في هذا المكان، لا ينظر لهذه الأرض كالباقين، فيتذكر أنه كان يمر أمامها يوميًا، يرى المتحف وهو يكبر تدريجيا، متشوقًا لزيارته يومًا ما.. ولم يصدق عندما وجد شاشة مثبتة خارجه في عام 2012 – 2013 لتعلن بدء العد التنازلي: 365 يومًا متبقية!
لكنها وصلت لليوم صفر، ولم يحدث شيء، حتى تحقق ذلك بعد 11 عامًا.
ذات مساء، كان فاروق حسني يتناول الغذاء في معهد العالم العربي في باريس، تلقى فيه سخرية معماري إيطالي من ضيق مساحة المتحف المصري بالتحرير، فوجد نفسه يرد عليه دون تردد: "سنقيم أكبر متحف آثار بالعالم".. ومن هنا تحول رد الفعل المندفع إلى فكرة تحصل على موافقة الدولة وتستغرق دراستها 8 سنوات
بدأ بناء المشروع فعليًا
حصلت مصر على قرض بقيمة نحو 280 مليون دولار من اليابان ممثلة في (وكالة اليابان للتعاون الدولي - جايكا) لأجل المتحف، يتم تسديده على 30 عامًا
أُنشئ له أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط لصيانة القطع الأثرية المُقرر عرضها
تعطل بما يكفي بعد ثورة 25 يناير والاضطرابات التي أعقبتها
حصلت مصر على قرض آخر من اليابان بقيمة 460 مليون دولار لاستكمال البناء
حل وباء كوفيد على العالم، فتوقف معه كل شيء، كذلك العمل بالمتحف
لكن أضاءت أنوار متحف آخر في هذا العام، وهو متحف الحضارة المصرية في نفس مساء يوم "موكب المومياوات" المتجه إليه.. زخم كبير جرى وألقي ضوء خافت على مشروع المتحف الكبير، حاملًا آمال افتتاحه القريب، لكنه ظل ثلاث سنوات أخرى ليتجهّز
بشكل مفاجئ، أعلن مصطفى مدبولي (رئيس الوزراء) أن المتحف جاهز الآن للافتتاح التجريبي خلال شهر أكتوبر
وأول ما عرف "عبدالتواب" أن اللحظة التي انتظرها طويلًا جاءت، صار بوسعه أن يرد على الأجانب الذين يتوقون لزيارة المتحف منذ سنوات ويتابعون معه. وقد انهالت عليه الحجوزات حتى منذ الافتتاح الجزئي.
فيحكي وهو يتجول الآن كزائر متيّم بما يراه أنه "كان يقدم طلبًا لوزارة الآثار ويدفع الفرد 200 دولار للتذكرة".. ورغم أن ذلك، في رأيه، "مبلغ كبير على السائح لمتحف لم يكتمل افتتاحه"، لكن ظل الطلب مرتفعًا ولم يتردد أحد.
زيارة كهذه تلو الأخرى، تساعد "عبدالتواب" في وضع الخطة للقادمين، كتحديد مدة 5 – 6 ساعات للجولة الواحدة، ولاحقًا ستكون على يومين، في مقابل ساعتين للمتحف القديم بوسط القاهرة، الذي يكمل عامه الـ22 بعد المائة ويضيق بـ 170 ألف قطعة أثرية.
فيقول: "المتحف الجديد يعطينا إمكانيات ومساحة هائلة للحركة والشرح، بعكس المتحف القديم المزدحم، الذي تتداخل فيه الأصوات، حتى أن مكيف الهواء فيه ضعيف".
يمر"عبدالتواب" على قاعتين مغلقتين حتى الآن، إحداهما للملك الصغير توت عنخ آمون التي تعرض لأول مرة مقتنياته كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922.. يعول عليها كثيرًا، لتنفرج الأزمة التي طالت سوقهم لعام كامل نتيجة حرب غزة، وقللت عملهم بنسبة 70%، كما يذكر، لأن عملاءه يحجزون مع بداية العام لتوقع أن تكون المنطقة أكثر استقرارًا والمتحف مفتوحًا بالكامل.
أما القاعة الثانية المغلقة فتخصّ مركب الشمس للملك "خوفو"، القارب الخشبي الضخم الذي جاء من جانب هرمه. وربما استخدمه في حياته لنقل مقتنيات، أو في مماته ليدفن معه وفقًا لاعتقاده "أنه يبحر به في العالم الآخر"..
وأغلب الظن أن الملك خوفو، الذي حكم لـ32 سنة، ولد في مرحلة متأخرة من حياة أبيه الملك "سنفرو".
وفي الأعوام 46 – 54 من حكم أبيه، وصل له أحد من رجال الحاشية وهو يركض، ليبلغه نبأ عاجلًا: مات الملك!
كان القصر صامتًا ممتلئًا بالحزن، خرج النفس الأخير من الملك، والتقى "خوفو" والوزير "نفر ماعت" بحجرة الموت لتلاوة الصلوات، ثم أُخذ جسد الملك لغرفة التطهير والتحنيط ووضعوه داخل لفائف الكتان وبخروه.. وبدأت رحلة مثيرة إلى المقبرة، يجتمع فيها مغنون ونائحات يمزقن ثيابهن ويصرخن وكهنة يتلون الصلوات على مائدة ضخمة من القرابين، وخرجت الجنازة التي حضرتها زوجته "حتب حرس" وولي عهده "خوفو" وصولًا إلى مكان دفن سري!.
ظلت سيرة الملك وسمعته تتردد طويلًا حتى الدولة الحديثة، فأحيا أبناء رمسيس الثاني ذكراه، ومن بعدهم بقيت لآلاف السنين وتم إحياؤها مجددًا داخل هذا المتحف الكبير، الذي يروي قصته وقصة 7 آلاف سنة للحضارة المصرية، وكل ما بها من سِحر.
ينتهي درج الزمن هنا، ستخرج من بهو المتحف وعوالمه من أسفل واجهة تضم سبعة أهرام، لدلالة الرقم (7) العقدية والتراثية، مكسوة بالرخام المصري المستخرج من محاجر سيناء على درب المصريين القدماء، وتصل أهرامها المضيئة الأرض بالسماء من خلال الضوء.
من الخارج، سيبدو تصميمه جليًا: "كتلة مخروطية مكونة من التقاء أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرام الثلاثة"، التصميم الذي صنعته شركة "هينغان بنغ" لمهندسين معماريين بأيرلندا قبل 22 عامًا، عندما فاز بالمسابقة التي أعلنت عنها مصر واليونيسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين لأفضل تصميم للمتحف.
ومع موت الشمس، ينفض الزوار من حول "رمسيس الثاني" ورفاقه مؤقتًا، ويسود السكون التام، لكن يبقى المتحف مضيئًا، يفرش نوره على المنطقة حوله كما كانت قديمًا، فيدركها القادم من بعيد.
- المعلومات التاريخية منسوبة إلى المصادر المذكورة بالأسفل، وهناك معلومات لازالت محل جدل وغير مؤكدة
- وزارة السياحة والآثار
- كتاب عائلة الملك خوفو (تاريخ وأسرار الأسرة الرابعة)، زاهي حواس
- كتاب 100 حقيقة مثيرة في حياة الفراعنة، زاهي حواس
- معلومات واردة على صفحة المتحف المصري الكبير على موقع "فيسبوك"
- موقع المتحف المصري بالتحرير
- مداخلة هاتفية بأحد البرامج التلفزيونية لوزير الثقافة الأسبق فاروق حسني
- تقارير صحفية بين أعوام 2006 – 2013