في صباح ضبابي اختفت فيه أشعة شمس يونيو عن مدينة "دونيتسك" الأوكرانية، استهدف قصف أوكراني فرقة استكشافية روسية، كان ضمن أفرادها شاب مصري يدعى سعيد رمضان*، تطوّع في الجيش الروسي بنظام التعاقد عقب التعديلات التي أقرها الرئيس الروسي بوتين على نظام الخدمة العسكرية بعد شهر واحد من بداية حربه على أوكرانيا.

لم يمتلك المصري "سعيد" وغيره من أفراد فرقته الاستكشافية (5 جنود) وسيلة للتعامل مع أصوات القصف المدوّية، سوى محاولة التماهى بملابسهم العسكرية التي يطغى عليها اللون الأخضر الداكن مع خضرة أشجار الغابة التي تسللوا في أرجائها.

ومع اشتداد القصف واقترابه من مكان تمركز الفرقة، علا صوت قائدها: "بيريوت "، وتعني بالروسية "إلى الأمام"، ولم يوقفهم عن الهرولة إلا وجود خندق على بعد 400 متر، اختفوا داخله من طائرات الدرون التي تحلّق بكثافة في أرجاء الغابة الممتدة في ظهير مدينة "دونيتسك" التي تشهد ضواحيها اشتباكات ومواجهات متفرقة ومتكررة بين جنود روس وأوكران منذ اقتحمها الجيش الروسي في فبراير 2022.

الكيفية التي انضم بها سعيد وغيره من الشباب المصري إلى صفوت القوات الروسية للمشاركة في القتال داخل الأراضي الأوكرانية، نتقصّى عنها في هذا التحقيق، لمعرفة من يقف وراءها، ومن يستقطب هؤلاء الشباب، وكيف تحولت من حالات فردية بين طلاب عرب في روسيا إلى ظاهرة بين الشباب والطلاب المصريين، سواء المتواجدين داخل روسيا أو الساعين للوصول إليها من قرى محافظات مصرية.

نكشف ونتتبع في هذا التحقيق وجود شبكة تعمل على تجنيد الشباب العرب بصفة عامة، والمصريين منهم بصفة خاصة، من خلال وسطاء وسماسرة يستغلون الأزمات التي يعاني منها الشباب لتجنيدهم والدفع بهم للقتال في الصفوف الأمامية على جبهات الصراع ومناطق العمليات العسكرية؛ ما يتسبب في سقوط مزيد من الضحايا بين هؤلاء الشباب لخبراتهم المحدودة، وارتفاع الضحايا بين طرفي الصراع، وإطالة وتعميق أمد الحرب الروسية الأوكرانية التي تقترب من نهاية عامها الثالث.