لم يعلم مصطفى سعيد حينها أن جلوسه رفقة جده بين أرفف الكتب سيخلق منه شخصًا مختلفًا، كان الطفل صغيرًا، لم يتخط عامه الخامس بعد، يلهو أقرانه، بينما يقرأ عليه الجد كل صباح مقطعًا من كتابٍ جديدٍ، لذا بدا الأمر طبيعيًا أن يحصد الجد ثمار ما حصده، ويصير حفيده أحد أبطال "تحدي القراءة العربي".
في 13 نوفمبر الجاري سيكون مصطفى رفقة 19 طالبا وطالبة بين حضور حفل جوائز بطل تحدي القراءة العربي في دبي؛ للأسف لم يسعف مصطفى ورفاقه المصريين الحظ في التواجد وسط أفضل 3 متسابقين على مستوى الوطن العربي –رغم وصول اثنين من الطلاب المصريين للمراحل الأخيرة من السباق، غير أن المشاركة في المسابقة لم يكن غرضها الأساسي هو المكسب فحسب؛ وإنما هناك انتصارات أخرى.
في الملف التالي، يسترجع مصراوي الرحلة التي خاضها أبطال التحدي في مصر خلال شهور مضت.. إذا أردت أن تكون مثل هؤلاء فقط تحتاج إلى زيارة صغيرة لمكتبة المدرسة؛ كي تكون أنت البطل.
إعلان
"تحدي القراءة العربي" هو أكبر مشروع عربي أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء "حاكم دبي"، لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي، ويأخذ التحدي شكل منافسة للقراءة باللغة العربية يشارك فيها الطلاب عبر المراحل الخمس سالفة الذكر؛ وصولاً للتصفيات النهائية والتي تُعقد في دبي سنويا.. بدأ التحدي في 15 سبتمبر 2015، وتم إعلان جائزة الدورة الأولى في أكتوبر 2016، ويعقد حفل إعلان بطل التحدي في دورته الرابعة، في نوفمبر 2019، ويحصل الفائز باللقب على مستوى الوطن العربي على 500 ألف درهم إماراتي.
وتهدف المسابقة إلى: إحداث نهضة تعليمية ومعرفية في الوطن العربي عبر ترسيخ ثقافة القراءة لدى الأجيال الصاعدة، وزيادة الوعي بأهمية القراءة وتكريسها كعادة لدى شباب الوطن العربي وأبناء الجاليات العربية المقيمين خارج المنطقة ومتعلمي "لغة الضاد".
قبل أربعة أعوام كان طموح القائمين على مسابقة تحدي القراءة العربي يتمثل في مشاركة مليون طالبٍ على مستوى العالم العربي، فيما يمر إعلان الفائزين في الموسم الرابع للتحدي، من مصر، بواقع مشاركة أكثر من 9 ملايين طالبٍ سجلوا لقراءة 50 كتابًا.
مصراوي حاور نائب الأمين العام لمسابقة تحدي القراءة العربي، أيمن الجراح -عقب إعلان الفائزين قبل شهور، والذي قال إن الطلاب المصريين المشاركين هذا العام قدموا نموذجًا مختلفًا عن الأعوام السابقة للتحدي، فضلا ًعن الأعداد المشاركة المتجاوزة للطموح.
بينما تتوجه أنظار متحدي القراءة نحو المسرح، أخذ طارق شوقي وزير التربية والتعليم يقص على أسماعهم قصته مع القراءة. "جدي كان بيديني كتاب هدية بدل اللعبة" مع كلمات الوزير زادت لهفة الصغار للإنصات. لم يكن شوقي قد أتم عامه الثامن بعد حينما اعتاد القراءة، ملتمسا بوالده وجده قدوة في حبهم للقراءة حتى إنه قرأ في سنه الصغيرة للكاتب العربي بديع الزمان الهمذاني.
وزادت بهجة الصغار مع توجيه شوقي كلماته إليهم قائلا: "شرفتوا مصر وشرفتوا وزارة التربية والتعليم. أنتم تستحقون مجهودنا جميعًا"، مشيرًا إلى استعداد الوزارة لتزويد بنك المعرفة المصري بالكتب من أجل تسهيل مشاركة أكبر عدد من الطلاب في تحدي القراءة العربي خلال السنوات المقبلة.
حصدت القاهرة النصيب الأكبر في التحدي بين محافظات الجمهورية، إذ سجل أكثر من مليون طالب وطالبة للمشاركة وقراءة 50 كتابًا، فيما جاءت أقل مشاركة في محافظة جنوب سيناء بواقع 17 ألف و420 طالب وطالبة
برداء أبيض، كأنما تذهب إلى عُرس، قدمت "علياء" ذات الأعوام الثمانية من المنيا، بينما تحلم بأن تكون بين العشرة الفائزين على مستوى الجمهورية "أصل الأستاذ أحمد منصور مدير المدرسة قال لي شرفينا".
مع نهاية دورة التحدي، يعود الطلاب لحياتهم اليومية دون مسابقة ولا "جواز سفر"، لكنهم يرجعون بشخصيات جديدة، بعد عكوفهم على قراءة 50 كتابًا أو وما يزيد.. وهذا صوت جاء بالقرب من دلتا نيل مصر الخالد، بالتحديد من آلاء الطنطاوي إحدى طالبات كفر الشيخ؛ شاركت لأول مرة في التحدي بدورته الرابعة، فيما قررت أن تبعث برسالة لرفاقها في ربوع المحروسة والوطن العربي لعلهم يذوقون –مثلها- شيئا مما نالت من معرفة وسلام، وحُلمٍ بعالمٍ أفضل.