لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

يوسف السباعي.. فارس الرومانسية الذي اغتالته يد التطرف بعد زيارته للقدس

12:09 م الأربعاء 11 يونيو 2014

كتبت- منى الموجي:

''الوش كان بشوش زي ابتسامة الضحى من أجمل الوشوش الهادية المفرحة''، هكذا وصفه الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في أشعاره التي تغنى بها الفنان علي الحجار كتتر بداية لمسلسل ''فارس الرومانسية''.

هذا هو اللقب الذي اقترن باسم كاتبنا، بعد أن عُرف بكتاباته الرومانسية رغم انتماءه للمؤسسة العسكرية المعروفة بالصرامة، إلا أنه استطاع أن يجمع بين الجانبين الحزم والرومانسية، فهو صاحب ''رد قلبي''، ''إني راحلة''، ''بين الأطلال''، ''السقا مات''، ''يا أمة ضحكت، ''أم رتيبة''، هو الأديب ووزير الثقافة والمدرس وفارس الرومانسية يوسف السباعي.

الرومانسية

غلف كتاباته بالطابع الرومانسي، فنجحت في جذب صناع السينما ليحولوا معظم أعماله لأفلام سينمائية، أصبحت من كلاسيكيات السينما العربية، كما لم تخل كتاباته من الواقعية التي لجأ إليها كتاب الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ومن أشهر اعماله الأدبية:

رواية ''أرض النفاق'' تلك الرواية التي تحولت إلى عمل سينمائي من بطولة الفنان فؤاد المهندس، وظهر فيها الحس الكوميدي الساخر للسباعي، حيث تخيل وجود حبوب تمنح الإنسان الصفات التي يبحث عنها، فهناك حبوب الشجاعة، الصدق، الأخلاق، التضحية، المروءة، الإخلاص، الكذب، والنفاق.

رواية ''رد قلبي'' والتي بمجرد انتهاءه منها شعر وأن عبء ثقيل قد انقض عن ظهره، شعر السباعي خلال كتابته لهذه الرواية بأنه يؤدي واجب فرضته عليه صفته العسكرية، فكان يراوده إحساس أنه الأقدر على تسجيل الأحداث الخطيرة التي مر بها التاريخ المعاصر بحكم خدمته في الجيش ومعايشته للمشاعر التي أدت إلى وقوع احداث غيرت وجه مصر، حسبما جاء في مقدمة الرواية.

وتم تحويل الرواية أيضا إلى عمل سينمائي أصبح أيقونة السينما في الاحتفال بثورة يوليو، ويرصد الفيلم قصة ابن الجنايني علي الذي أصبح ضابط في الجيش، وقصة حبه بإنجي ابنة الأمير.

الجيش والأدب

ولد يوسف محمد محمد عبد الوهاب السباعي في يونيو عام 1917، في حي الدرب الأحمر وتوفى والده وهو مازال في سن المراهقة، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على حياة السباعي الذي كان مرتبطا بوالده ارتباط كبير، فهو أول من شجعه على القراءة من خلال المكتبة التي كان يمتلكها وتعج بالعديد من الكتب في مختلف المجالات.

التحق السباعي بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1937، قام بتدريس مادة التاريخ العسكري في الكلية الحربية في سلاح الفرسان، وعين مديرا للمتحف الحربي عام 1949، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد.

وعلى الجانب الأدبي تولى السباعي العديد من المناصب منها رئاسة تحرير ''آخر ساعة''، ''المصور''، ''الرسالة الجديدة''، ''روز اليوسف''، وجريدة ''الأهرام''، كما اختير نقيبا للصحفيين، وأسس نادي القصة واتحاد الكتاب، وأصبح وزيرا للثقافة عام 1973، وظل وزيرا حتى اغتياله في قبرص عام 1978.

تزوج السباعي من ابنة عمه دولت، وهي قصة حبه الوحيدة، ورفيقة كفاحه، وأنجب منها ابنته بيسة وابنه إسماعيل.

الاغتيال

ماذا سيكون تأثير الموت عليّ؟ وعلى الآخرين؟ لا شيء.. ستنشر الصحافة نبأ موتي.. كخبر مثير ليس لأني مت.. بل لأن موتي سيقترن بحادثة مثيرة''، هكذا تنبأ الأديب يوسف السباعي قبل وفاته بـ 7 سنوات، في كتابه ''طائر بين المحيطين'' عام 1971.

فبعد اتجاه مصر لمبادة السلام مع إسرائيل، بعد حرب أكتوبر 1973 تم وضع الرئيس السادات وعدد كبير من الساسة المصريين المؤيدين للسلام على رأس قائمة الاغتيالات، وبالفعل استطاعت أياد آثمة أن تصل إلى السباعي أثناء تواجده في قبرص لتغتال ابتسامته والبشاشة التي عُرف بها في 18 فبراير عام 1978 عن عمر ناهز الـ 60.

فأثناء حضوره مؤتمر منظمة التضامن الآفروآسيوي استطاع شخصان أحداهما فلسطيني والآخر عراقي إطلاق الرصاص عليه أثناء تواجده بالفندق، معتبرين موافقته على السلام مع إسرائيل وسفره مع السادات إلى إسرائيل خيانة للقضية الفلسطينية، فأصابته ثلاث رصاصات أحدهما في رأسه، وأعلنت منظمة ''أبو نضال'' مسئوليتها عن حادث الاغتيال.

ثارت مصر كلها لاغتيال أديبها ووزير ثقافتها في قبرص، وأعلن السادات أنه لن يتوان في أخذ حق السباعي وحق أي مصري تطاله يد العدوان خارج بلاده، وأوقف العلاقات الدبلوماسية مع قبرص، وأطلقت الصحافة على حادث الاغتيال ''الجريمة السوداء''.

ونفى المثقفون عن السباعي تهمة تخليه عن القضية الفلسطينية، مشيرين إلى اهتمامه الشديد بفلسطين وبأنه لم يترك مناسبة إلا وتحدث فيها عن حق الفلسطينيين في الخلاص، والجدير بالذكر أن للسباعي رواية تحدث فيها بصورة مباشرة عن القضية الفلسطينية اسمها ''طريق العودة''، وكان يتعاطف فيها مع فكرة عودة اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى أرضهم.

ورغم مرور سنوات عديدة على رحيل يوسف السباعي ظل فارسا للرومانسية، ورمزا للأديب المثقف والسياسي المحنك، الذي نجح في الجمع بين العمل والموهبة التي قادته فيما بعد ليتحمل مسئوليات ثقافية عدة نجح في أداءها على أكمل وجه، ليرحل عن عالمنا تاركا إرثا أدبيا وثقافيا وسياسيا يجعله خالد بيننا فارسا للرومانسية.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان