التصلب العصبي المتعدد .. مرض بألف وجه
يعتقد الكثير من الأشخاص أنهم سيتوقفون عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي بمجرد تشخيص حالتهم بأنهم مصابون بمرض التصلب العصبي المتعدد. لكن الطبيبة الألمانية إيفا كوخ تقول :"صحيح أن هذا المرض يندرج ضمن الأمراض العصبية المزمنة، إلا أنه يُمكن للأشخاص المصابين به الاستمرار في ممارسة حياتهم ومباشرة أعمالهم بشكل طبيعي"، لافتةً إلى أن 15 % فقط من الأشخاص المصابين به يحتاجون إلى استخدام مقعد متحرك.
وأوضحت كوخ، مديرة مشروع مساعدة مرضى التصلب العصبي المتعدد التابع لمؤسسة هيرتي الخيرية بمدينة فرانكفورت، أن هذا المرض يندرج في الأساس ضمن أمراض المناعة الذاتية، موضحةً أن الإصابة به ترجع إلى أن الخلايا المناعية - المسؤولة في الأساس عن حماية الجسم من مسببات المرض - تتسبب أثناء مهاجمتها لمسببات الأمراض هذه في حدوث بعض الالتهابات في مناطق معيّنة من الجهاز العصبي المركزي، أي من المخ أو الحبل الشوكي.
وعن عواقب ذلك أوضحت كوخ أن هذه الالتهابات تؤدي إلى إصابة المريض بظواهر شلل وقد تتأثر وظائف المثانة والوظائف الجنسية لديه أيضاً، لافتةً إلى أنه لم يتم اكتشاف أسباب اضطراب وظيفة الخلايا المناعية على هذا النحو بشكل كامل حتى الآن.
وحذرت الطبية الألمانية :"ليس بالضرورة أن يتم التعرف على هذا المرض وتشخيصه بسهوله؛ حيث تختلف مساراته المرضية تماماً عن بعضها البعض. لذا يُطلق عليه أيضاً اسم (مرض الألف وجه)".
وأردفت كوخ أن مرور المريض بفترات خالية تماماً من الشعور بالألم وأخرى يُعاني خلالها من أعراض المرض بصورة شديدة بالتناوب يُمثل أكثر المسارات المرضية الشائعة لمرض التصلب العصبي المتعدد. لذا يضطر بعض المرضى لتناول الأدوية بصورة مستمرة، بينما لا يتناول آخرين الدواء إلا عند الشعور بالمتاعب فقط.
وأضافت الطبيبة الألمانية :"مثلما تكثر المسارات المرضية للتصلب العصبي المتعدد، يتسم هذا المرض بتنوع أعراضه وصوره المرضية أيضاً"؛ حيث يُعاني بعض الأشخاص مثلاً من شعور بالتخدير في الذراع وآخرين بالتنميل في الساق، بينما يصعب على غيرهم التحكم في حمل أشياء بأيديهم، لافتةً إلى أنه لا يُمكن التنبؤ بالإصابة بهذه الأعراض قبل حدوثها.
ويُعد الشعور الشديد بالتعب والإنهاك من أكثر الظواهر المصاحبة لهذا المرض، لدرجة أن بعض المرضى قد يصعب عليهم شغل وظائف تتطلب العمل لثمان ساعات متواصلة لعدم قدرتهم على التركيز لفترات طويلة.
جديرٌ بالذكر أنه غالباً ما يتم تشخيص الإصابة بهذا المرض في المرحلة العمرية المتراوحة بين 20 إلى 40 عاماً، مع العلم أن النساء يمثلن ثلثي المرضى. ولكن لا يُمثل ذلك مشكلة على قدرتهن على الإنجاب.
وصحيح أن العلم يعتقد أن العوامل الوراثية قد تتسبب في الإصابة بهذا المرض، إلا أن كوخ أكدت أن مرض التصلب العصبي المتعدد لا يندرج ضمن الأمراض الوراثية، على عكس مرض ضمور العضلات مثلاً.
فيديو قد يعجبك: