لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف نقوم بتثقيف أولادنا جنسيا؟

07:23 م الإثنين 21 أبريل 2014

Untitled-1

ان مفهوم التربية الجنسية ليس مفهوما حديثا، بل يعود الى أواخر القرن السابع عشر حيث ذكر الكاتب الفرنسي جان جاك روسو في كتابه (اعترافات) "Le confessions" أن الأولاد لا يدركون شيئا عن الجنس و قال مقولته الشهيرة : " نحن نولد مرتين، الأولى من أجل النوع ، و الثانية من أجل الجنس". و مفهوم التربية الجنسية يعني إكساب الأطفال معلومات معينة عن موضوع الجنس باسلوب علمي بسيط مع الأخذ بعين الاعتبار الجانب القيمي الاجتماعي والأخلاقي حول هذا الموضوع.

نحن اليوم أمام خيارين، إما أن نترك أطفالنا ليجدوا طريقهم بمفردهم في ضباب المعلومات الجزئية والمضللة، وممارسات الاستغلال الفادح السائدة في وسائل الإعلام وعلى الانترنت أو الصادرة عن الأقران والأفراد معدومي الضمير، وإما أن نقررمواجهة التحدي المتمثل في توفير تربية جنسية واضحة ومستنيرة مبنية على أسس علمية و باسلوب يراعى فيه المجتمع و عاداته و تقاليده.

وقد أفردت مقالة منفصلة تتحدث عن قيمة التثقيف الجنسي و الشبهات التي تدور حوله و الردود العلمية عبر الدراسات و تحدثت فيه عن من يعنى بالتثقيف الجنسي و ما الأساليب الأفضل، ووجهة النظر الدينية حول هذا الأمر، إلا أنني اليوم أحب أن أذكر نقطة واحدة تمثل الأهمية الكبرى للتثقيف الجنسي للصغار حيث أثبتت البحوث والدراسات الاجتماعية الحديثة التي قامت بها منظمة اليونيسكو (2007) أن التربية الجنسية تؤدي إلى تأخير ظهور السلوك الجنسي عند الاطفال واتسامه بمزيد من المسؤولية، على عكس ما هو متوقع.

و هذه المادة العلمية مخصصة للحديث عن "كيفية" نقل المعلومة الجنسية و التثقيف الجنسي للأطفال بشكل حضاري و أسلوب لا يتعارض مع القيم الاجتماعية و الدينية. قد قمت بتقسيم الفئات العمرية الى ستة مجموعات و تحدثت في كل مجموعة بالتفصيل و بالأمثلة كيف تقوم بايصال المعلومة لطفلك بما يتناسب مع عمره و جسده و عقله. و أعتقد أن المرحلة الأولى تبدأ منذ الصغر و ليس بالمدرسة كما يسود الاعتقاد.

(1) من الولادة!

يعتقد البعض أن الثقافة الجنسية تبدأ بالصف الخامس (على عمر 10 سنوات) لكنهم ينسون أن الأطفال من أولى لحظات حياتهم من حقهم (لا بل هم بحاجة) أن يفهموا وظائف اعضائهم الجنسية و ماهيتها بطريقة تتناسب مع عقولهم الصغيرة و لا تتركهم حائرين مشوشين. لم العجلة؟ هي ليست عجلة، بل "حماية" لهم من أن يكبروا و معهم خجل من أجسادهم و جنسهم و "خوفا" عليهم من أن تتشوه لديهم مفاهيم صورة الجسم (Body Image ) عندما يكبرون.

عليك أن تشجعي طفلتك على أن تتقبل جسدها، و تحترم وظائفه التي جعلها الله جزءا منها، و أن تتعرف على تشريح جسمها الصغير. إليك هذه النصائح:

1- اخبريها بالأسماء الصحيحة و الحقيقية لأعضائها، و استخدميها بكل مرة دون خجل. لا تستخدمي الأسماء الرمزية ، فذلك يجعلها تعتقد ان جسدها شيء مخز او مخجل عليها الخوف منه. التسمية الصحيحة تنكمنها من تقبل جسدها و عدم الخجل من التحدث عنه معك مستقبلا، و عملية التثقيف هي تكاملية فهذه الخطوة مهمة لما ستقومين به لاحقا.

2- كوني ايجابية بخصوص وظائف أعضائها، و لا تظهري العلامات التي فيها سلبية و نفور. مثلا، عندما تغيري الحفاضة لابنك لا تقولي: "يع، رائحة كريهة!" بل حاولي قول: " يا لها من فضلات هضمية صحية!" . قد يبدو ذلك تافها بالنسبة لك بالبداية، لأنك تعلمت من ذويك ان تخجل من فضلاتك الشخصية وانت صغير، و بالواقع هي فقط جزء طبيعي من الحياة اليومية!

3- اجعلي سلوك اكتشاف الذات طبيعيا! يعني لا تعاقبي طفلك أو تأخذي يديه بعيدا عند استكتشافه اعضائه الجنسية. ذلك سلوك طبيعي و صحي و لا تجعلي طفلك يشعر بالخجل منه.

(2) من عمر 2-3 سنوات

هذا العمر يمتاز بأن ابنك سوف يسأل الأسئلة الكثيرة عن جسده و أجساد من حوله. سيبدأ بملاحظة الفروق بين الولد و البنت و سيبدأ بالحديث معك عن هذا الغموض و يطالبك باجابات مقنعة. لا تخف أيها الأب و أيتها الأم، و هذه بعض النصائح العملية:

1- بما أننا سمحنا للطفل أن يستكشف أعضاءه الجنسية بحريته، فقد تخاف أن يقوم بنفس العمل في الأماكن غير المناسبة كالمطعم أو الحديقة أمام الأطفال الآخرين. حتى نعدل هذا السلوك، نخبر الطفل أنه من حقه أن يلمس أعضاءه الجنسية لأنها "خاصة له" ، و لكن لأنها "خاصة"، فيتوجب عليه أن يفعل ذلك في مكان "خاص" فقط، كالبيت أو غرفته.

2- هذا هو العمر المناسب لتخبري طفلك أن اعضاءه الجنسية "الخاصة" تخصه هو وحده فقط، و ممنوع أن يلمسها أي شخص آخر باستثناء الوالدين أو من يرعاه (فقط) في تنظيف نفسه بعد استخدام الحمام (و ليس كل وقت). اخبريه أن الناس لديهم أعضاء خاصة مثله و ممنوع تماما أن يلمسهم هو.

3- أدخل مبدأ "اللمسة المقبولة" و "اللمسة المرفوضة" في هذا العمر. أخبريه أن "اللمسة المقبولة" هي أمر لا بأس به و يصيبه شعور بالراحة عندها، و "اللمسة المرفوضة" هي لمسة لا يريدها هو و تشعره بالمضايقة و التوتر. أخبر ابنتك أنه إن قام أحد بلمسها بطريقة لا ترتاح لها "لمسة مرفوضة" فعليها القول له: " لا تلمسي هكذا مرة أخرى!" و انه عليها أن تخبرك أو تخبر المعلمة.

4- يمكنك نمذجة الملاحظة أعلاه عندما تراقب طفلتك و هي تلعب مع أخوتها أو صديقاتها. فمثلا، لو لمستها صديقتها الصغيرة (حنان) في مكان حساس، اثناء العناق أو المدافعة البريئة ، قل لابنتك : "حبيبتي، أخبري حنان أنك لا تحبين أن تلمسك بهذه الطريقة!"، و أيضا بعدها أخبر أنت حنان بهدوء : " حنان، عندما تسمعين صديقتك تطلب منك أن تتوقفي عن لمسها فعليك أن تتوقفي فورا"

(3) من عمر 8-10 سنوات

يعتبر الكثير من الأهالي هذا العمر أصعب السنوات بالنسبة للثقافة الجنسية، و هو العمر الذي تكثر فيه الأسئلة من نوع "من اين يأتي الأطفال؟" أو " كان أصحابي بالمدرسة يتحدثون عن الجماع اليوم، ما هو الجماع؟ "، و بدل أن تجزع و تهرب من السؤال، يمكنك أن تجيبهم عنه بهدوء و على مراحل و بشكل متدرج..

مثال:

س: "من أين يأتي الأطفال؟"

ج: " من مكان خاص في داخل بطن المرأة اسمه الرحم"

س: "كيف كان الطفل هناك أصلا؟"

ج: " عندما يحب الرجل المرأة بعضهم و يتزوجوا ، يكون لدي الرجل حيوان منوي و المرأة لديهم بويضة، و عندما يلتقي الحيوان المنوي مع البويضة، ينتج البيبي"

س: " طيب، كيف يلتقي الحيوان المنوي مع البويضة؟"

ج: " ينتج الحيوان المنوي من عضو الرجل اسمه الخصية (و هنا تعطي الطفل درسا عن التشريح الطبي لأعضاءه التناسلية و تشرح له اسمائها و مواقعها، ان لم تكن قد فعلت ذلك سابقا)، و تتابع، و تنتج البويضة من عضو المرأة الداخلي الذي اسمه مبيض ( و تكمل شرح التشريح الداخلي للاعضاء الأنثوية ). و عندما يلتقي الحيوان المنوي و البويضة في رحم المرأة يحصل الإخصاب و تستقر البويضة في منطقة معينة غنية بالطعام في رحم المرأة و يبدأ البيبي بالتشكل بعدها بوقت قصير"

س: " كيف يصل الحيوان المنوي لجسم المرأة؟"

ج: " عندما يحب الرجل و المرأة بعضهم بعضا و يتزوجون، يقوم الرجل بوضع القضيب الذكري داخل مهبل المرأة و تخرج من الرجل الحيوانات المنوية و تذهب للبويضة في رحم المرأة و يحصل الإخصاب و ينتج الطفل الصغير و يبقى في رحم الأم"

(4) من عمر 11-12 سنة

ان لم تشرحها من قبل، فالوقت الآن هو الأنسب لتشرح لطفلك دروس التشريح الوظيفي لأعضاء الرجل و المرأة و وظائفها. استخدم وسائل ايضاحية و رسومات واضحة و سهلة. تحدث أيضا عن كيف و أين ينتج السائل المنوي، و عن الإباضة، و عن العادة السرية، و استخدام الفوط الصحية، و الاستمناء الليلي، و لا تنس الحديث عن علامات النضوج الجنسي و البلوغ عند الطرفين من نمو الشعر و ظهور خشونة الصوت و كبر حجم القضيب و الثديين و التخيلات الجنسية . أخبر طفلك أن النمو الجنسي هذا أمر طبيعي يحصل عند كل طفل ولكنه قد يحدث في عمر مختلف بين طفل وآخر. اخبره انه عند البنات يبدأ في عمر 9-14 سنة وعند الأولاد 10-15 سنة تقريبا. أكد لأطفالك أنهم بإمكانهم أن يأتوك في أي وقت يشاؤون لمزيد من الشرح و الايضاح و أنهم ليس عليهم الخوف من هذه المرحلة الطبيعية .

من المفاهيم التي عليك نقاشها معهم وزرع مفاهيمك فيهم مع شرحك لها:

العادة السرية

النشوة الجنسية

الحمل و أنه من الممكن ان يحصل عند المراهقات بعد البلوغ)

كيف تحمي البنت نفسها من الحمل، بتجنب الجنس قبل الوقت المناسب مع الرجل المناسب بعد الزواج

لابد من التحدث عن وسائل منع الحمل للمعرفة و ازالة الغموض عند الطفل

ميكانيكية حصول القذف عند الرجل، و ميكانيكية الجنس (تذكر هنا أنك تضع فيهم قيمك الخاصة عن معنى الجنس و راع أنك تريد منهم أن تكون التجربة الأولى بالشكل الصحيح الذي يرضى الله تعالى و يحترم فيه الانسان نفسه)

الأمراض المنقولة جنسيا و خصوصا الزهري و السيفلس و الإيدز

استخدام الانترنت الآمن و باشرافكم و تحت عيونكم و الشرح لهم عن الاعتداء الجنسي الإلكتروني و كيف يحموا أنفسهم من المعتدين.

لا تنس أن تعيد التركيز على فكرة أنك مستعد لاستقبال أية أسئلة مهما بدت غريبة أو مزعجة و أنك لن تمل و لن تغضب و لن تحكم على طفلك و تستهزء بأفكاره. أهم نقطة أن لا تجيب سؤال بشكل خاطئ و أن تطلب منه أن يمهلك بعض الوقت لتبحث عن اجابة أي سؤال تعجز عن اجابته.

من أهم الأمور ايضا هنا أن تخبر أولادك بشكل واضح و قطعي أن مناقشة هذه الأمور لا يعني أبدا موافقتك لهم على ممارسة الجنس و استكشاف الطرف الآخر، فالمعرفة لا تعني الموافقة و القبول! أفهمهم أن النقاش الحالي و التثقيف الجنسي هذا هدفه أن لا يتم الضحك عليهم من أصدقائهم بالمدرسة أو بالحياة العامة.

(5) من عمر 13-15 سنة

الهرمونات تتطاير الآن! و الشخصية للطفل مضطربة و يدخل مرحلة البحث عن الهوية و صراعات الأصدقاء. كوني عامل استقرار هنا و حاولي مساعدته في فهم ذاته. قد يبدأ طفلك بالحديث معك عن عالم الجنس الكامل الخاص بالكبار من مصادره التي بالغالب هي أصدقاءه في المدرسة، عليك أن تعيدي شرح ما قلته سابقا و أن تطيلي الصبر عليه و تكرري له المفاهيم و المبادئ و الرسومات مرة اخرى. تذكري انه مع نموه كل عام، تتغير عنده المفاهيم بشكل تدريجي و قد يسأل المزيد من الأسئلة و عليك أن تكوني جاهزة لها.

من اللطيف و المفيد في هذا العمر ان تجلس مع ابنتك و تتحدث معها بطريقة " ماذا لو؟" لاستطلاع افكارها اين وصلت بالثقافة الجنسية. فمثلا، اسألها : "ماذا لو تزوجت و قررت أن تؤخري الإنجاب ، ماذا ستفعلين؟ " أو " ماذا لو طلب منك أحدهم أن يمارس الجنس معك و أن تتزوجوا لاحقا؟" . بهذا الاسلوب يمكنك أن تختبر ردود أفعالها و نضوجها و أن تساعدها في فهم نفسها و تزيد ثقتها في نفسها أيضا. عليك أن تشعرها أن كونها انثى أو أن كونه ذكر هو أمر عليها/عليه أن تفتخر/يفتخر به. اخبرهم أن الجنس أمر ممتع و رائع لكن فقط ضمن شروط الدين و المجتمع و أنك تريد منهم أن يحصلوا عليه بالشكل الصحيح حتى لا يتحول الجنس الى مرارة و حسرة و ألم.

دور الإعلام في هذه الفترة مهم جدا. بدل أن تغير القناة عندما يأتي منظر ذا طابع جنسي ، حاول أن تسأل ابنك : "ما رأيك في هذا الموقف؟" أو " هل سبق و حدث معك مثل هكذا موقف؟ مع أصحابك؟" أو " هل تعرفين أحدى البنات من اللواتي اعترفن بحصول حمل معهم؟ كيف كانت ردة فعل صديقاتك بالمدرسة؟" .

(6) من عمر 15-18 سنة

القاعدة في هذه الفترة هي : التعزيز و التعزيز و التعزيز.

هنا عليك أن تعيد شرح المفاهيم و تستقبل الأسئلة الجديدة و أن لا تحكم على ابنك و أفكاره مهما بدت لك غير ناضجة، و عزز لدية مفاهيم الجنس الصحيح و المقبول دينيا و ذكره بأن يتعامل بحذر مع وسائل الاتصالات و خاصة التلفونات الذكية التي كلها كمرات و وجهه حول الاسلوب المناسب و اللائق لاستخدام الفيس بوك و المواقع الاجتماعية و انصحه بالابتعاد عن المواقع الاباحية التي تشوه مفهوم الجنس بشكل كبير وتصيب من يتفرج عليها بأمراض القلق و الشعور بعدم الراحة و تعطي معاني كاذبة للجنس.

أيها الأب، أخبر طفلك أن الجنس بالشكل الصحيح المقبول دينيا و اجتماعيا هو عملية ممتعة للطرفين و ليس له وحده، ممتعة بالعطاء و الأخذ و عليه مراعاة حق شريكة حياته في الجنس. و أنت أيها الأم، أخبري ابنتك أن من حقها الاستمتاع الجنسي بالأخذ و ليس فرض عليها العطاء فقط.

دائما اسأل ابنك ما رأيه بالموضوع الفلاني، و ما موقف أصحابه منه، و شارك ابنك بقيمك و معتقداتك و أفكارك بطريقة سلسة و ليس فيها انتقاص منه و حكم عليه و صاحبه في هذه المرحلة تكسب ثقته و تستطيع أن تبقيه إلى صفك.

المصدر - موقع الطبي

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان