هل هناك علاقة بين مستحضرات التجميل والسرطان؟.. محمد الشبراوي يجيب
هل هناك علاقة بين مرض السرطان ومستحضرات التجميل، هذا السؤال يجيب عنه محمد الشبراوي كيميائي المستحضرات الموضعية، في السطور التالية..
في الخامس والعشرين من أكتوبر 2015 خرجت علينا منظمة الصحة العالمية WHO بتقريرٍ طبي دوَّت توابعه في أرجاء المعمورة بشكلٍ لا يُنسى، وقد فاقت عواقب هذا التقرير ما نجمَ عن إعصار تسونامي، كان تقرير المنظمة تحت عنوان "اللحوم المصنَّعة الطريق المختصر لسرطان الأمعاء".
وقد أعاد ذلك للأذهان قصة اكتشاف العلاقة بين المواد الحافظة والسرطان، والتي تم كشف النقاب عنها بالصدفة البحتة. فقد كانت مادة النيتريت من بين أشهر المواد المستخدمة لحفظ اللحوم واحتفاظها باللون الأحمر الوردي الذي يحظي بقبول العملاء لهذه اللحوم، حيث تبدو وكأنها قد ذُبحت الآن. تمتاز النترات والنيتريتات بقدرتها على كبح جماح البكتريا المسببة للتسمم الغذائي لاسيما بكتريا Clostridium botulinum والمعروف لنا بالتسمم البوتيوليني Botulism فضلًا عن التسمم الناجم عن بكتريا Coliform مما جعل النترات والنيتريتات اختيارًا جيدًا من قِبل الكثير من الشركات المصنعة للحوم.
وفي مطعم أمريكي شهير ادعى 46 شخص أنهم أصيبوا بسرطان الأمعاء إثر تناول اللحوم في هذا المطعم، ولكن لا توجد أدلة كافية لإثبات تورط هذا المطعم في هذه الإصابات. في ذات الوقت كان هناك مطعمًا آخر لإعداد وجبات اللحوم المصنَّعة قريبًا من المطعم الأول ولم تُسجل أي شكوي صحية للعملاء. فكان ذلك يمثل هاجسًا كبيرًا للمعنيين بصناعة اللحوم، حتى كشفت الصدفة البحتة تورط النترات والنيتريتات في مرض سرطان الأمعاء الذي أثار ذُعر المجتمع الأمريكي حينها. تبين أن كلا المطعمين يحصلان على اللحوم من نفس المصدر ويستخدمان نفس طريقة الإعداد ونفس درجات حرارة الطهى، بيد أن المطعم الثاني يستخدم -وبشكل غير متعمد- ملح الليمون كمادة نكهة لإكساب اللحوم طعمًا مميزًا عن المطاعم الأخرى.
وبالبحث والتقصي أثبتت الدراسات أن تفاعلًا بين النيتريت ومجموعات الأمين NH3 المتواجدة في اللحوم بشكل طبيعي (يُطلق عليه عامل النيتروز) لينتج من هذا التفاعل مواد كيميائية تسمى النيتروزأمينات، وهى مواد مسرطنة وفقًا للوكالة الدولية لأبحاث السرطان. النيتروزأمين يتكون عند طهى اللحوم المحفوظة بالنيتريتات في درجات حرارة عالية ويسمى تفاعل النيتريت مع عامل النيتروز باسم عملية النترزة. بينما يعمل ملح الليمون على تثبيط التفاعل بين النيتريت وعامل النيتروز مما يحول دون إتمام التفاعل ومن ثم لا يتكون النيتروزأمين.
إذا انتقلنا بشكلٍ سريع لصناعة مستحضرات التجميل، فإننا نجد النيتريتات موجودة كأحد مكونات خليط المواد الحافظة وبتفكك المواد الحافظة تتحرر النيتريتات، كما أن جسم الإنسان يحتوي على البروتينات بشكلٍ أساسي وتمثل الأحماض الأمينية الوحدة البنائية للبروتينات، بما يعني توافر عامل النيتروز في الجسم ومن ثم تكون الفرصة مواتية لتكوين النيتروزأمين. ليس ذلك فحسب بل هناك بعض المواد الأولية الداخلة في صناعة مستحضرات التجميل تحتوي على النيتروزأمين كمواد شائبة، ومن بين أشهر هذه المواد مواد الإيثانول أمين الأحادي والثنائي والثلاثي، والتي يشار إليها اختصارًا MEA,DEA, TEA وهذه المكونات تدخل في صناعة الكثير من مستحضرات الشعر منها -على سبيل المثال- مثبتات الشعر والماسكارا وأقلام الشفاه الشامبو وملطف الشعر وغيرها. وقد أثبتت الدراسات أن التعرض لجرعات عالية من DEA أدى إلى ظهور أورام سرطانية بالكبد والجلد والغدة الدرقية.
وتأسيسًا على توصيات وزارة الصحة الكندية فإن مادة DEA محظورة الاستخدام في كندا، وقد صنَّفت وكالة حماية البيئة الدنماركية مادة Cocamide DEA كمادة ضارة بالبيئة نظرًا لسميتها على الأحياء المائية بالإضافة لاحتمالات حدوث التراكم الحيوي والتعاظم الحيوي لهذه المادة.
فيديو قد يعجبك: