دراسة ألمانية تكشف أن رياضة تسلق الصخور تساعد في علاج الاكتئاب
(د ب أ)-
تتلمس لينا طريقها بيديها وقدميها وهي معصوبة العينين. وفي البداية تشق طريقها إلى أعلى بصعوبة، ولكنها تكتسب مزيدا من الثقة تدريجيا حيث تتشبث بالصخرة تلو الآخرى حتى تصل إلى قمة حائط التسلق، وتقول إنها لم يسبق لها خوض مثل هذه التجربة من قبل.
وتعاني لينا وهي فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها من الاكتئاب، وقد اكتسبت مزيدا من الثقة بالنفس عما كانت من قبل، وهي تشارك في دراسة تجريها مستشفى جامعة إيرلانجن الألمانية بشأن ما إذا كانت رياضة تسلق الصخور في الأماكن المغلقة، والوصول إلى ارتفاعات متوسطة بدون حبال على جدران مثبت عليها كتل صلبة كالصخور بأحجام وأشكال مختلفة يمكن أن يساعد في علاج الاكتئاب. وحتى الآن تبدو نتائج الدراسة واعدة.
وتقول كاترينا لوتنبرجر وهي طبيبة علم نفس تشارك في هذه الدراسة الرائدة بشأن استخدام رياضة تسلق الصخور لعلاج الاكتئاب: "لقد تعلمنا أن حدة الاكتئاب تتحسن بدرجة واحدة في المتوسط، وأن هذا التأثير يستمر أربعة أشهر على الأقل".
وخلال الدراسة التي نشرت في الدورية العلمية "BMC Psychiatry" المتخصصة في علم النفس ومقرها لندن، قسمت لوتنبرجر وفريقها البحثي حوالي مئة مشارك إلى مجموعتين، وأخضعت المجموعة الأولى لأسلوب العلاج عن طريق تسلق الصخور، فيما تم علاج المجموعة الثانية وفق الأساليب التقليدية.
وتوصلت الدراسة إلى أن علاج الاكتئاب عن طريق تسلق الصخور يكاد يكون بنفس فعالية أفضل أساليب العلاج الأخرى الأكثر شيوعا.
ويجري الباحثون حاليا مزيدا من المقارنات بين طريقة علاج الاكتئاب عن طريق تسلق الصخور ووسائل العلاج التقليدية الأخرى. وفي كل من المدن الألمانية الثلاثة: إيرلانجن وبرلين وميونخ، توجد ثلاث مجموعات تضم كل منها عشرة مشاركين حيث تقوم المجموعة الأولى بتسلق الصخور، وتتلق المجموعة الثانية علاجا سلوكيا فيما تخضع المجموعة الثالثة لبرنامج للتدريبات البدنية. ويستمر برنامج العلاج عشرة أسابيع.
وتشرف طبيبة علم النفس ليزا فيج على مجموعة تسلق الصخور في إيرلانجن والتي تباشر برنامج العلاج في صالة ألعاب رياضية في بلدة زيرندورف. وفي كل أسبوع، يتدرب أعضاء المجموعة على شيء جديد مثل إدراك أجزاء الجسم على سبيل المثال، أو التعامل مع الحدود القصوى لكل مشارك أو اختبار مشاعر الانجاز والفخر والخوف والثقة.
وتقول فيج: "عن طريق تسلق الصخور، استطيع التعرف على شخصيات المشاركين بشكل فوري"، مضيفة أن ذلك يعتبر ميزة إضافية مقارنة بأساليب العلاج عن طريق جلسات الحديث المطولة.
ويبدي أحد المشاركين في التجربة ويدعى هانز /40 عاما/ حماسة تجاه تسلق الصخور، قد خضع هانز وهو مدير إنتاج بأحدى الشركات للعديد من أساليب علاج الاكتئاب، وتم احتجازه بالمستشفيات لبعض الوقت. ويقول إنه بالرغم من اكتسابه كثير من المعلومات بشأن طريقة التعامل مع الاضطراب النفسي الذي يعاني منه، إلا أن المعلومات التي حصل عليها ظلت نظرية.
ويقول هانز: "لدينا هنا ميزة رائعة، وهي إمكانية إخضاع النظريات للتطبيق الفوري، مما يجعل من الأسهل تذكرها".
وأضاف أنه كثيرا ما كان يكلف نفسه بمهام تفوق قدراته مما يؤدي إلى استنفاد طاقاته.
أوضح:"لم أكن أدرك ما إذا كنت أستطيع انجاز هذه المهام في الحقيقة"، مضيفا أن تسلق الصخور علمه الاستماع إلى جسده، مشيرا إلى أنه "عندما أكون متشبثا بالجدار أدرك قدراتي على الفور، وأبدا في الارتعاش ولا استطيع أن اتجاوز إمكانياتي".
وتقول لوتنبرجر إن "المشاركين يتعلمون معنى الخوف وكيفية إدراكه وما الذي يمكنهم أن يفعلوا حياله"، مضيفة أنه في هذا التوقيت الحرج "يكون من المفيد التنفس بهدوء وتهدئة العضلات المتوترة، ويمكنك أن تفعل الشيء نفسه في المرة القادمة عندما يكون مديرك في العمل واقفا أمامك".
وذكر أندرياس شتروله مدير قسم الطب النفسي في مستشفى جامعة شاريته بالعاصمة الألمانية برلين أن دراسات متعددة أظهرت أن التدريبات الرياضية يمكن أن تساعد في تخفيف الاكتئاب.
وأوضح قائلا إن التدريبات الرياضية ترفع مستوى "هرمونات السعادة" في الدم، وهي السيروتينين والدوبامين، فضلا عن بروتينات معينة مسؤولة عن نمو الأعصاب، كما أن لها فوائد طويلة المدى بالنسبة لنظام هرمونات التوتر.
فيديو قد يعجبك: