"اليوم العالمي لدورات المياه".. أرقام صادمة في خدمات الصرف الصحي عالميا
أ ش أ:
يبدو أن العالم في الوقت الراهن يسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق بعض أهداف التنمية المستدامة، وتحديدا الهدف السادس منها، الرامي لإتاحة خدمات الصرف الصحي للجميع، وخفض نسبة المياه العادمة غير المعالجة إلى النصف، وزيادة إعادة التدوير وإعادة الاستخدام الآمن لها بحلول عام 2030.
فلم يزل كثيرون على مستوى العالم يعيشون إلى يومنا هذا بدون مرافق صحية مأمونة، ويعانون من الأثر المدمر للصحة، وعلى ظروف المعيشة والعمل والتغذية والتعليم والإنتاجية الاقتصادية في كل أنحاء العالم، والمترتب على الفضلات البشرية لهذا العدد الهائل من البشر.ولهذا فقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام ٢٠١٣، يوم ١٩ نوفمبر من كل عام "يوما عالميا لدورات المياه"، ليكون مناسبة يتم من خلالها دق ناقوس الخطر، والتذكير بأن أزمة الصرف الصحي والنفايات البشرية مازالت مستفحلة وتساهم بشدة في نشر الأمراض القاتلة بين البشر، حيث لا سبيل لخروج حوالي 4.2 مليار شخص يعيشون بدون الصرف الصحي المدار بأمان من براثن الفقر إلا توفير تلك الخدمات باعتبارها حق إنساني أصيل.
ويحمل اليوم العالمي لدورات المياه هذا العام 2019 شعار "عدم ترك أحد وراءه"، وهو الوعد الرئيسي لخطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠، باعتبار أن الصرف الصحي مسألة تتعلق بالكرامة الأساسية وسلامة المرأة، إذ لا ينبغي لهن أن يكن عرضة للاغتصاب والإيذاء بسبب عدم إمكان حصولهن على مرافق دورات المياه التي توفر الخصوصية.ويشكل الحصول على المياه الأمنة والصرف الصحي والإدارة السليمة للنظم البيئية (الإيكولوجية) من المياه العذبة مسألة تقع في صميم التنمية المستدامة، وتظهر بيانات رصد أهداف التنمية المستدامة ضرورة تسريع عجلة التقدم في تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة تسريعا كبيرا، فبمعدلات التقدم الحالية، لا يسير سوى 40 بلدا من أصل 125 على الطريق الصحيح لتحقيق هدف توفير مرافق الصرف الصحي الأساسية للجميع تقريبا بحلول عام 2030.
وتشهد المجتمعات الريفية والشرائح السكانية الأفقر معدلات تقدم أبطأ.ويعني الانتفاع بخدمات صرف صحي مأمونة، استخدام مرافق نظافة صحية غير مشتركة مع منازل أخرى تعزل فيها المفرغات البشرية عن البشر، ثم يتم التخلص منها بأمان في الموقع أو تنقل وتعالج خارج الموقع، بما يحمي البشر والبيئة من عوامل تفشي الأمراض.
وتشير تقارير دولية إلى حق كل إنسان في الحصول على خدمات الصرف الصحي الأمنة والصحية والمأمونة والمقبولة اجتماعيا وثقافيا، والتي توفر الخصوصية وتضمن الكرامة بشكل مادي وبتكلفة ميسورة، وهو حق اعترفت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015، ويلزم القانون الدولي لحقوق الإنسان الدول بالعمل على تحقيق هدف توفير المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع، دون تمييز، مع إعطاء الأولوية لأشد الفئات احتياجا.وفي أرقام صادمة.
كشف تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، تحت عنوان "برنامج الرصد المشترك لخدمات المياه والإصحاح والنظافة في مرافق الرعاية الصحية لعام 2019"، إلى أن هناك حوالي 4.5 مليار شخص (أي أكثر من نصف سكان العالم) ليس لديهم دورة مياه في المنزل أو أن الموجود منها لا يدير الفضلات بشكل آمن، وحذر التقرير من الخطورة التي ينطوي عليها هذا الأمر فيما يتعلق بالصحة العامة.ويقدر أن نقص مرافق الصرف الصحي يتسبب في 432 ألف وفاة بسبب الإسهال سنويا، مما يعني أن ذلك النقص عامل رئيسي في أمراض مثل الديدان المعوية والتراخوما وداء البلهارسيا ؛ ويموت سنويا 297 ألف طفل دون الخامسة بسبب الإسهال الناجم عن شرب مياه غير مأمونة أو غياب الصرف الصحي أو قلة نظافة اليدين؛ ويوجد 1.5 مليار شخص تقريبا في جميع أنحاء العالم مصابون بعدوى الديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة والتي يمكن منعها تماما بالصرف الصحي.
ويزيد عدد الأطفال المعرضين للوفاة بسبب أمراض الإسهال الناجمة عن نقص المياه المأمونة والإصحاح والنظافة الصحية، ممن هم دون سن الخامسة ويعيشون في بلدان متأثرة بالنزاعات الطويلة، بـ20 ضعفا عدد المعرضين للوفاة بسبب العنف المباشر؛ ويكلف فقدان الإنتاجية بسبب الأمراض المرتبطة بالمياه والصرف الصحي العديد من الدول ما يصل إلى ٥ % من إجمالي الناتج المحلي، فضلا عن افتقار ثلث المدارس الإبتدائية لخدمات الصرف الصحي والنظافة الأساسية، مما يؤثر سلبا في تعليم الملايين من التلاميذ ولا سيما الفتيات.
ويوجد 1.5 مليار شخص يستخدمون مرافق رعاية صحية بدون خدمات صرف صحي؛ كما يوجد حوالي 70.8 مليون شخص أرغموا على الفرار من ديارهم نتيجة الحرب والاضطهاد، ويواجهون بانتظام عقبات الوصول لخدمات صرف صحي ومياه مأمونة؛ و17 % فقط من اللاجئين لديهم خدمات صرف صحي مأمونة في الأماكن التي يعيشون فيها، وهي نسبة أقل بكثير من نسبة السكان الذين لديهم خدمات صرف صحي مأمونة في منازلهم وهي 45 %.
وعادة يحصل الأغنياء على مستويات أعلى من خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية بأسعار تكون غالبا منخفضة جدا، في حين يدفع الفقراء مبلغا أعلى بكثير للحصول على خدمة من نوعية مماثلة أو أدنى؛ ولكل دولار يستثمر في مرافق الصرف الصحي الأساسية في المناطق الحضرية، يكون متوسط المردود 2.5 دولار في التكاليف الطبية الموفرة وزيادة الإنتاجية. وفي المناطق الريفية، يكون متوسط المردود عن كل دولار مستثمر 5 دولارات.
وفي ضوء زيادة القوى العاملة العالمية في مجال الصرف الصحي، ينبغي حماية هؤلاء العاملين من الأخطار المهنية، مثل الإصابات والاختناق ومسببات الأمراض، عن طريق تدابير ملائمة في مجالي السلامة والصحة المهنية.في الوقت ذاته، كشف تقرير صادر عن البنك الدولي لعام 2018، أن حوالي 2.4 مليار شخص يعيشون حول العالم بدون صرف صحي محسن، ولا تتوفر إمكانية الحصول على خدمات الصرف الصحي الأساسية إلا لنسبة 68 % فحسب من سكان العالم، في حين أن 38 % من البشر فقط لديهم إمكانية الحصول على الصرف الصحي المحسن الآمن.
معالجة تحديات الصرف الصحي متعددة، إذ يؤدي الصرف الصحي المحسن إلى خفض عبء المرض، وتحسين التغذية، والحد من التقزم، وتحسين نوعية الحياة، وزيادة حضور الفتيات في المدارس، وزيادة المستوى الصحي لبيئة المعيشة، وتحسين الإشراف البيئي، وزيادة فرص العمل والأجور، وتحسين القدرة التنافسية للمدن، وتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية عامة.في مصر، يعمل برنامج خدمات الصرف الصحي الريفي المستدام للنتائج، بمبلغ 550 مليون دولار (برنامج تمويل قائم على النتائج) على تعزيز وصول الفقراء إلى خدمات الصرف الصحي في الحضر وخلق قنوات للمواطنين للتعامل مع مقدمي خدماتهم في الوقت الذي يجري فيه معالجة تلوث نهر النيل بمياه الصرف الصحي غير المعالجة. ويهدف البرنامج إلى تقديم الخدمات المحلية وربط فقراء الريف والحضر بشبكات الصرف الصحي العاملة في الدقهلية والشرقية والبحيرة في الدلتا.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: