كيف تؤثر العطلات على أدمغتنا وحالتنا النفسية؟
مصراوي-
نحب جميعا الحصول على العطلات، ونجد في التخطيط لها متعة كبيرة، كما أن العطلات يمكن أن تسهم في الحد من خطر الإصابة بالسكتة القلبية والاكتئاب. وحين نعاود العمل بعد الإجازة نجد أننا أصبحنا أكثر نشاطا وإبداعا.
لكن ما هي المدة المثالية للإجازة؟ وهل ينطبق "قانون تناقص المنفعة الحدية" المعروف في علم الاقتصاد، على الاستمتاع بالعطلات لتحديد المدة الزمنية المثلى لها، سواء أراد الشخص قضاء إجازة صاخبة في لاس فيغاس، أو الاستمتاع بالطبيعة بين أحضان الجبال؟
يتعلق مفهوم "قانون تناقص المنفعة الحدية" بأمرين مختلفين، أولهما بصناعة الأغذية، إذ يُقصد به تحديد النسب المثلى من الملح والسكر والدهون بالمنتج حتى يشعر المستهلك بأكبر قدر من المتعة والرضا. كما يفسر الأمر اقتصاديا بمستوى الاستهلاك الذي يحقق أعلى قدر من الرضا، وبتجاوزه يقل مدى رضا المستهلِك عن المنتج.
وبالنسبة للأغذية، يتأثر المخ بمذاقات معينة، مما يقلل الرغبة في تناول المزيد منها، وهو ما يعرف بـ"حد الإحساس بالشبع". وحتى فيما يتعلق بالموسيقى، كثيرا ما سأمنا سماع أغانينا المفضلة نتيجة كثرة الاستماع لها، وهو ما يجعل المخ لا يتجاوب معها بنفس الطريقة- وفق ما نشره موقع "بي بي سي".
لكن كيف ينطبق هذا الأمر على الإجازات؟ يشعر كثيرون أثناء الإجازة بالرغبة في العودة للمنزل رغم أن الإجازة كانت ممتعة، فهل ما يزيد عن حده، حتى من الاسترخاء على الشاطئ أو اكتشاف المزارات الممتعة، ينقلب إلى ضده؟
للدوبامين دور أساسي
يرجح علماء النفس أن ثمة دورا تلعبه مادة الدوبامين، وهي من الناقلات العصبية المخية التي تُحدث شعورا بالنشوة ويفرزها الجسم استجابة لنشاط ممتع، مثل الأكل والجنس والحصول على الأموال والوقوع في الحب.
ويُعرف عن مادة الدوبامين أنها تجعل المرء يشعر باللذة. ويقول بيتر فوست، أستاذ الأعصاب بجامعة آرهوس بالدنمارك، إن استكشاف أماكن جديدة يرفع مستوى الدوبامين لدى المرء نتيجة اكتشافه لبيئة جديدة وثقافة مختلفة.
ويضيف: "سرعان ما يسأم المرء الخبرات البسيطة، بينما يطول أمد الاستمتاع بالتجارب المتنوعة التي تنطوي على تحديات، إذ يتأخر بلوغ الحد الأقصى للمتعة".
ويشير إلى أن توقع الاستمتاع بتجربة ما يرفع مستويات الدوبامين، التي ترتفع عن المألوف عندما يعود المرء لفندق أو مكان سبق وأحبه. ويقل الاستمتاع ويبدأ الملل حين تصل الألفة لحد الرتابة.
يقول يروين نافيين، محاضر وباحث بارز بجامعة بريدا للعلوم التطبيقية بهولندا، إن أغلب الأبحاث حول الاستمتاع بالإجازات تطرقت لرحلات قصيرة لم تمتد أكثر من أسبوعين لعدم توافر ما يكفي من البيانات.
وأجرى نافيين استطلاعا للرأي على 481 سائحا في هولندا، أمضى معظمهم رحلات لمدة 17 يوما أو أقل، ووجد أنهم لم يصلوا إلى حد الإشباع. ويقول عن ذلك: "لا أعتقد أن المرء سيتجاوز حد الإشباع خلال إجازة قصيرة نسبيا"، معربا عن إمكانية حدوث ذلك خلال الرحلات الطويلة.
وتتعدد النظريات حول تجاوز حد الإشباع، منها ما يتعلق بالملل مثلما يحدث مع تكرار نفس الأغنية دون توقف.
وقد وجدت دراسة أن ما بين ثلث إلى ما دون النصف بقليل مما نحصل عليه من متعة خلال الإجازة يرجع إلى تجربة الجديد من الأشياء والتعرض لمحفزات تختلف عما نعهده في حياتنا اليومية. وحين تطول الإجازة يعتاد المرء على المؤثرات المحيطة، خاصة إذا اقتصرت الإجازة على مقصد واحد ونشاط بعينه كالبقاء في منتجع واحد طول فترة الإجازة.
كما نشرت مجلة "دراسات السعادة" بحثا أشار إلى أن الاستمتاع بأوقات الفراغ يعتمد على قدرة المرء على اختيار أنشطته. ووجد البحث أن المرء يشعر بالمتعة عبر سبل عدة، من بينها القيام بأنشطة جريئة يتعلم منها الشخص أشياء جديدة، أو أعمال هادفة كالأنشطة التطوعية.
فيديو قد يعجبك: