ماذا تعرف عن العقاقير البيولوجية؟
د ب أ-
على عكس ما كان يحدث قبل عقود من الزمان، يتم حاليا تطوير صورة اصطناعية لمادة الأنسولين، حيث يتم استخلاص الهرمون المنظم لمعدل السكر في الدم، من بنكرياس الخنازير بصورة أساسية، ثم يتم تنقيته.
ويأتي الأنسولين حاليا في قوارير وأقلام ومضخات، ويتم تعديله وراثيا داخل الخلايا الحية، بمساعدة ما يسمى بالكائنات الدقيقة المصممة. ويمكن إنتاجه بواسطة خلية خميرة - على سبيل المثال - يتم إدخال تسلسل جيني بشري فيها، يحمل رمزا لبناء بروتين الأنسولين.
أما الأنسولين الاصطناعي، المعروف أيضا باسم الأنسولين البشري (على عكس الحيواني)، فهو مثال على المستحضرات الصيدلانية الاحيائية أو البيولوجية، المستخدمة على نطاق واسع. ويتم حاليا إنتاج الكثير من العقاقير بهذه الطريقة. وإلى جانب علاج مرض السكري الذي يعتمد على الأنسولين، يتم استخدام الأدوية البيولوجية، على سبيل المثال، ضد مرض السرطان، وأمراض المناعة الذاتية المسببة للالتهابات، وهي تلك التي تحدث نتيجة وجود خلل في وظيفة الجهاز المناعي، مثل "التهاب المفاصل الروماتويدي".
ويشار إلى أن ما بدأ يتطور ببطء في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، هو حاليا أحد الأسواق الأسرع نموا في صناعة العقاقير. ويجد عدد متزايد من المواد الدوائية الحيوية، عددا متزايدا من التطبيقات في الطب. ويوجد حاليا أكثر من 270 من تلك المواد، ومن بينها لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (إم. آر. إن. إيه) المضادة لفيروس كورونا، والتي تنتجها "فايزر/بيونتك" و"مودرنا".
ويقول الدكتور جيرد بينداس، وهو أستاذ في المعهد الصيدلاني بجامعة بون في ألمانيا: "يمكننا تكرار نسخة من كل البروتينات الموجودة داخل الجسم، ويمكن حتى تحسينها إذا لزم الأمر".
من ناحية أخرى، يشير الدكتور هانز جورج كوب، رئيس قسم الأورام الجزيئية والجهاز التنفسي بمستشفى روبرت بوش في شتوتجارت، إلى الإمكانات العظيمة للمستحضرات الدوائية الحيوية (البيولوجيا) في علاج السرطان. ويقول إنه في حين أن الاستشفاء لا يماثل العلاج، فإن الأدوية من الممكن أن تزيد من متوسط العمر المتوقع للمرضى وتحسين نوعية حياتهم.
ويتسم تطوير العقاقير في المختبرات شديدة الدقة، بالتحدي، وهو أحد أسباب عدم استخدام المواد البيولوجية بعد على نطاق واسع لعلاج الأمراض. وتحتاج الأدوية التي من المفترض أن تستخدم لتكون مثل الأجسام المضادة الخاصة بمكافحة مسببات الأمراض، إلى بنية مستهدفة واضحة. ويجب ببساطة، أن تعمل تلك الأدوية على مهاجمة الخلايا المريضة وترك الخلايا السليمة.
وبالاضافة إلى ذلك، يجب تخزين المواد البيولوجية والتعامل معها، بصورة صحيحة. وحيث أن حمض المعدة يعمل على إبطال مفعول المواد الدوائية الحيوية، فإنها لا يمكن تناولها عن طريق الفم ولكن يجب أخذها في صورة حقن أو عن طريق الوريد.
ويشار إلى أن الاضطرار إلى العمل في المكان الذي من المفترض أن يتم العمل فيه فقط، هو مجرد واحد من المشكلات الناتجة عن اللجوء إلى المواد البيولوجية. ويجب على بعض المرضى الذين يتم إعطاؤهم أدوية بيولوجية، أخذ أدوية إضافية لمنع الجهاز المناعي من مهاجمتها. وتعتبر ردود الفعل التحسسية، أو عدم التحمل، أمرا محتملا.
وفي الوقت نفسه، تعتبر التكاليف العالية لتطوير وتصنيع العديد من المواد البيولوجية، أحد العيوب الأخرى. وحيث أن هناك عقاقير ثابتة وفعالة وسعرها أرخص بكثير، لعلاج العديد من الاضطرابات، فإنه غالبا ما لا يكون من المنطقي - من الناحية الاقتصادية - اللجوء إلى الأدوية البيولوجية.
ويلاحظ بينداس أنه "على الرغم من أن المستحضرات الدوائية الحيوية لا تشكل سوى نحو 12 بالمئة فقط من الأدوية الموجودة في السوق، إلا أنها مسؤولة عما يقرب من 31 بالمئة من حجم المبيعات".
وفي حين أن التكلفة العالية هي السبب وراء عدم اللجوء للمستحضرات الدوائية الحيوية إلا عندما لا يمكن للأدوية الأخرى تقديم المساعدة، يرى كوب أن هناك فوائد اقتصادية محتملة لها في المستقبل، حيث يقول: "إذا استخدمنا المعرفة الجديدة المكتسبة في تطوير المستحضرات الدوائية الحيوية لتحسين الوقاية من الامراض ومكافحتها، فإن تكاليف نظام الرعاية الصحية لدينا ستكون أقل، على المدى الطويل ".
فيديو قد يعجبك: