الأم من ربّت.. إلهام شاهين: البر والإحسان للأم واجب وهكذا بر النبي بأمهاته
كتب- محمد قادوس:
حول مكانة المرأة والأم في الإسلام، قالت الدكتورة إلهام محمد شاهين مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات، إنه لا أحد يستطيع أن ينكر فضل الوالدين على ابنائهما ولاسيما الأم التي أولاها الإسلام بمزيد من الرعاية لما تبذله في سبيل تربية ابنائها من تضحيات وآلام مضاعفة بدءا من كون الطفل نطفة في رحمها إلى أن يشب ويقوى على مواجهة الحياة.
وأضافت مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، لمصراوي، أن هناك بعض حالات تغيب فيها الأم لأسباب مختلفة وتقوم امرأة أخرى بدورها في الرعاية والتربية، ولذا لم تقتصر عناية الإسلام على الأم التي تلد فقط بل تعداها إلى كل امرأة قامت في حياة كل منا بدور في التربية والرعاية.
وأوضحت شاهين أن هناك حالات كثيرة تغيب فيها الأم الأصلية إما لوفاتها أو لسقوط الحضانة عنها أو غير ذلك من الأسباب فيقوم بدور الأم في التربية إحدى القريبات مثل زوجة الأب أو الجدة أو الخالة أو العمة أو أخت كبرى أو إحدى المتطوعات من باب الكفالة وفعل الخير، مشيرة إلى أننا كثيرا ما نغفل في الدعوة إلى بر الأم أمثال هؤلاء الأمهات اللاتي بؤدين دور الأم في غيابها فلا يجدن اهتماما أو رعاية كافية في حين أن الإسلام اعتنى بهن وحرص على أن يجعل لهن نصيبا من الرعاية والاهتمام وحقوقا تكاد تماثل وتقترب من حقوق الأم الأصلية.
وبينت شاهين مساعد الأمين العام لشؤون الواعظات أن كل من قامت بتربية الطفل ورعايته هي بمثابة أم لهذا الطفل وإن لم تكن قد حملته في أحشائها فيجب البر بها والإحسان إليها والدعاء لها والإشادة بها اعترافا بفضلها، وذلك أدنى درجات التقدير والعرفان بالجميل وإذا كنا أحيانا قد نفجع بأمهات تتحجر قلوبهن قسوة على أبنائهن فليس غريبا أن نجد نساء فضليات لم يلدن أشد حنانا وأمومة من الأمهات أنفسهن.
واكدت شاهين أن اهتمام الإسلام واعترافه بهؤلاء الأمهات أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كانت له أكثر من أم ما بين مرضعة وحاضنة ومربية وراعية.
وأشارت إلى ان النبي- صلى الله عليه وسلم-كان أكثر الناس برا بكل امرأة اعتنت به وسماها أم كما أطلق القرآن على الأم المرضعة أما ونظرة إلى رسولنا وقدوتنا نتعلم منها كيف بر كل أمهاته:
* فكانت أمه الأولى: التي حملته ووضعته هي "آمنة بنت وهب" وقد توفاها الله وهو في سن صغيرة إلا أنه كان يصلها بعد وفاتها بزيارة قبرها والدعاء لها.
* أما أمه الثانية: فهي" حليمة السعدية" التي أرضعته وقد كان صلى الله عليه وسلم يصلها ويقدرها بما يستطيع فحينما شكت جدب البلاد وهلاك الماشية بعد زواجه من السيدة خديجة رضى الله عنها اعطاها أربعين شاة وبعيرا ويروى أنها جاءت إلى النبي فبسط لها رداءه وقال لها: مرحبا بأمي ثم أجلسها على الرداء وقال لها اشفعى تشفعي وسلى تعطى وأجاب لها طلبها ثم وصلها بعد ذلك وأكرمها كل الإكرام.
ـ ففيما رواه الطبراني أن حليمة السعدية ذهبت لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وما أن رآها حتى خلع رداءه وبسطه تحتها فتعجب الصحابة الذين لا يعرفونها فسأل واحد منهم وقال لمن حوله: من هذه؟ فقالوا أمه التي أرضعته "
ـ وفي السنة الثامنة من الهجرة في غزوة الطائف سبي النبي من هوازن ” قبيلة حليمة السعدية ” ستة آلاف فجاء وفد من مسلمي هوازن وقالوا: – يا رسول الله إنما في الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك، فعفى عنهم النبي والصحابة إكراماً لأمه التي أرضعته حليمة السعدية ”
* أما أمه الثالثة فهي حاضنته "ثويبة" مولاة أبى لهب وهذه ظل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكرمها ويبعث لها بالكسوة والهدايا وما تحتاج اليه ويسأل عنها حتى توفيت.
فثويبة هي أول من أرضع النبي صلى الله عليه وسلم واجتمع على ثديها هو وعمه حمزة بن عبد المطلب.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمها وهو في مكة قبل الهجرة حتى توفيت في العام السابع بعد غزوة خيبر ، ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً سأل عن ابنها مسروح ليكرمه برا منه صلى الله عليه وسلم بها فقيل له لقد مات قبلها ولم يبق من قرابتها أحد
* أما الأم الرابعة فهي " بركة بنت ثعلبة" الشهيرة بأم أيمن الحبشية وهذه حضنته وربته صلى الله عليه وسلم وظلت معه حتى وفاته وقد كانت لها مكانة خاصة في قلب رسول الله ولذا كان النبي يقول لها "يا أم" ويقول أمام الجميع هذه بقية من أهل بيتي
فقد كانت " بركة الحبشية "أمةُ عند عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم ثم انتقلت إلى خدمة النبي وكفلته بعد وفاة أمه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حقها ” أم أيمن أمي بعد أمي
قام النبي بعتقها بعد زواجه من خديجة وزوجها من مولاه زيد بن حارثة فأنجبت أسامة بن زيد بن حارثة وكان يسمي ” الحب بن الحب ” وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويكرمه من أجل أمه وأبيه.
*ونأتي الخامسة الأمهات في حياة النبي-صلى الله عليه وسلم-تلك هي" فاطمة بنت أسد ” زوج أبي طالب وأم علي بن أبي طالب.
لما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى كفالة عمه أبي طالب قامت فاطمة بنت أسد برعاية النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينسَ لها هذا الفضل وكان بارا بها حتى في وفاتها وأظهر ذلك وقت دفنها.
ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما ” لما ماتت فاطمة أم على بن أبي طالب، خلع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وألبسه إياها واضطجع في قبرها، فلما سوى عليها التراب قال بعضهم: – يا رسول الله رأيناك صنعت شيئاً لم تصنعه بأحد! فقال: ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة واضطجعت معها في قبرها ليخفف عنها من ضغطة القبر إنها كانت من أحسن خلق الله إلى صنيعاً بعد أبي طالب
وبذلك يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد ضرب لنا المثل بذلك والقدوة في التعامل مع الأمهات ذوات الفضل.
وأكدت دكتورة الهام شاهين، بأن الأم ليست الوالدة فقط فكلهن يستحققن الإشادة والتقدير أمام القاصي والداني وما أروع أن نتخذ من نبينا القدوة والمثل في ذلك فبره بأمهاته تنوع مع كل واحدة منهن حسب ما يقتضيه الحال والحالة التي يلقاها عليها ما بين الدعاء لها , والصلة بالمال , والتواصل مع الأبناء, والإشادة بفضلها أمام القاصي والداني , إلى إظهار الحب والرحمة والتقدير أمام الجمع الغفير.
فيديو قد يعجبك: