حوار.. رئيسة "علمني": هدفنا ليس شخص يحمل شهادة لكن يسعى لتحقيق ذاته
حوار - شيرين عمر:
أثناء انتظاري في مقر منظمة "علمني" القاطن بأحد عقارات حي العباسية لإجراء حوار مع رئيس المنظمة، صادفني شباب لا تخلو وجوههم من البسمة ولا ينفكوا من السؤال عما إذا كنت في حاجة للمساعدة. ما فعله هؤلاء الشباب معي ليس استثناء فهم معتادين علي تقديم العون دائمًا بحكم اشتغالهم في تنمية مهارات الأطفال وتحسين مستواهم التعليمي حتى يصبحوا أشخاص قادرين علي تحديد مستقبلهم والسعي لأجله. بعد انتظار لم يدم طويلاً قابلت مؤسس "علمني" أو "Educate-Me"، وهي المنظمة التي تعنى بتنشئة الأطفال بشكل أفضل من خلال تحسين مستوى تعليمهم، بل والعمل على جعلهم أناس أسوياء يبحثون عن تحقيق ذاتهم. وليس من المستغرب على المجتمع المصري الذي يضج تاريخه بالعشرات من قصص الأعمال النسوية، أن يكون مؤسس ورئيس تلك المنظمة سيدة، وهي المهندسة ياسمين هلال.
وإلى نص الحوار:
بداية.. من هي ياسمين هلال؟
إسمي ياسمين هلال، المؤسس والمدير التنفيذي لـ"علمني". تخرجت من كلية هندسة طبية بجامعة القاهرة، ثم قمت بعمل ماجستير في إدارة التعليم الدولي ما بين جامعتين في مصر وألمانيا. بالإضافة إلى ذلك فقد مارست رياضة كرة السلة بنادي الأهلي بالجزيرة، لأكثر من 20 عاماً.
يعلم الجميع أن تغيير مسار العمل ليس بالأمر السهل.. فكيف كان التحول من مجال الهندسة إلي افتتاح منظمة كاملة؟
بالطبع ليس من السهل! فعندما بدأت رؤية "علمني" في التبلور شعرت أن دخولي هندسة لم يكن اختياري بل كان بسبب تأثيرات علي من الخارج. وعلي الرغم من دراستي للهندسة لمدة 5 سنوات وعملي بعد التخرج لمدة 3 سنوات في نفس المجال، إلا أننِي اخترت في النهاية التحول، فعندما بدأت مبادرة "علمني" كنت أقوم بعملي ودراستي بجانبها. ولكن وصلت لمرحلة معينة، شعرت أن الهندسة ليست المجال الذي يجب أن أُستمر فيه، وبدأت أقارن ما بين وجودي في الشركة التي عملت بها لمدة 3 سنوات، ووجودي في "علمني". في النهاية رجحت كفة "علمني" حيث أن وجودي كموظفة في شركة بها ألف موظف لم يكن أبدًا كوجودي في مكان له هدف وكلما بذلت فيه مجهود أكبر وجدت مردود وأثر أكبر، هذا بالإضافة لتفكيري أنه إن لم أفعل أنا هذا مع هؤلاء الأطفال، لن يفعله أحد.
كيف ولماذا بدأت فكرة "علمني" أو "Educate-Me"؟
فكرة "علمني" كلها كانت بمحض الصدفة، فحينها كنت لا أزال أعمل كمهندسة بشركة اتصالات، صادفني ذات مرة شخص في الشارع وطلب مني المال ليدخل بناته المدرسة، ومن هنا بدأت مبادرة لجمع التبرعات لإعادة الأطفال الغير قادرين إلي المدرسة، وكان ذلك في عام 2010. شاركني بعدها أثنين آخرين وأصبحا من المؤسسين، وهما محمد الحو وعمرو السلانكلي، محمد وعمرو كانا يمتلكان خبرة أكثر مني من حيث الرؤية وكيف يُمكن أن تشمل المبادرة جوانب تنموية أكثر من مجرد دفع مصاريف، وكيف يُمكن أن نحولها من مجرد مبادرة إلي منظمة.
لماذا قمتِ بتغيير الهدف من وراء المشروع، من مساعدة الأطفال محدودي الدخل للعودة إلي مدارسهم، إلي العمل علي الطفل ككل؟
عندما بدأنا في تحويل المبادرة إلي منظمة لاحظنا أنه علي الرغم من دخول هؤلاء الأطفال للمدرسة، إلا أنهم لا يزالوا غير قادرين علي القراءة والكتابة. ولهذا وجدنا أن مجرد دفع المصروفات لا يُعد حل، لذا بدأ الأمر في التطور من دفع المصاريف إلي تطوير المهارات. وقمنا بعدها بإنشاء أول مركز تعليمي بمنطقة الطالبية، وبدأنا فيه بالعمل مع الأطفال والأهالي علي حداً سواء. ومن هنا تحولت رؤيتنا أو تعريفنا للتعليم من مجرد شخص يحمل شهادة ويستطيع القراءة والكتابة، إلي شخص يسعي لتحقيق ذاته.
ما هو المقصود بأن يكون "شخص يسعي لتحقيق ذاته"؟
بمعني أن يكون علي علم بقدراته وماذا يستطيع أن يحقق وما هي إمكانياته، ويكون قادر كذلك علي تحديد الاختيارات أمامه بل ويستطيع استغلال هذه القدرات في تحسين نفسه ومن حوله. لأن هدف التعليم الاسمي في الأساس، هو إعطائه القيم والمهارات والمعلومات التي تجعله ملتزم بهذا النوع من التفكير.
ما هي أحدث مشروعات "علمني".. وما هي الخطوات المستقبلية القادمة؟
كانت برامجنا في السابق برامج في دوام ما بعد المدرسة؛ أي أنهم يأتون لنا بعد المدرسة، ولكننا وجدنا أنه ليس فعال بالكامل لأن قدرتنا علي التأثير قليلة بسبب عدد الساعات. ولهذا قررنا تغيير برامجنا هذا العام لتصبح دوام كامل مثل الحضانة، وحالياً نكمل الإجراءات من أجل إنشاء تعليم أو مدرسة مجتمعية في مركزنا بالطالبية.
المدرسة أو التعليم المجتمعي هو نوع من أنواع التعليم النظامي وتكون تحت إشراف وزارتي التربية والتعليم والتضامن الاجتماعي. وهو عبارة عن فتح فصل يتعلم فيه الأطفال منهج شبيه بالمنهج الحكومي، ويحصلون علي شهادة آخر العام. ولكن يختلف عن الفصول الاعتيادية، حيث من الممكن أن ينتظم فيه فئات عمرية وتعليمية مختلفة، مثل المرحلة الأولى والثانية والثالثة بالتعليم الأساسي الأولي. هذا بالإضافة لكونهم يدرسون مناهج معينة بطريقة تعليم مختلفة تسمي التعليم الناشط، وبالفلسفة التي نتبعها "تنمية المهارات".
أين ترين "علمني" في الخمس سنوات القادمة؟
أري "علمني" علي مدار الخمس سنوات القادمة ذات دور وتأثير أكبر علي مؤسسة التعليم، وسيصبح تركيزها أكثر علي إيصال الفكرة والهدف من ورائها ونتائج التجربة الحالية إلي المسئولين عن التعليم والتعاون معهم لتنمية مهارات الطفل.
هل يمكن أن تتوسع "علمني" على المستوى القاري مثلاً؟
بالطبع. فالنموذج الخاص بنا ورؤيتنا ليست قادرة علي حل المشاكل الموجودة في التعليم المحلي فقط، ولكن علي مستوي العالم كله. فالطريقة التي نعمل بها والأبحاث التي نجريها تتوائم مع طريقة تفكير العالم من حولنا حالياً.
يمكنك متابعة أهم وأحدث المقالات على الفيس بوك عبر صفحة مصراوى - هو وهي
فيديو قد يعجبك: