هكذا تتحول مدينة "الذئاب" المصرية إلى سياحية
د ب أ:
عٌرفت قديما باسم مدينة الذئاب، وكانت في زمن الفراعنة الشريان الرئيسي لتجارة أفريقيا مع وادي النيل، وتضم بين جنباتها جبانات من العصور المختلفة عثر فيها على الكثير من الآثار بينها توابيت خشبية مزينة بالرسوم وكتابات من فصول "نصوص التوابيت ".
إنها أسيوط، أحد أكبر محافظات صعيد مصر، تطل على نهر النيل الخالد، وتبعد عن العاصمة القاهرة قرابة 400 كم، وباتت تلك المدينة صاحبة المعالم الأثرية المتعددة، على موعد مع زوار من مختلف بلدان العالم، وذلك بعد أن انتهت سلطاتها من كافة التدابير الخاصة بتحويل مسار العائلة المقدسة الواقع داخل حدود المحافظة إلى مزار سياحي، بجانب ترميم مقابر منطقة مير الفرعونية.
ويقول رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أيمن أبو زيد إنه جرى اعتماد قرابة 25 مليون جنيه مصري، لتطوير الخدمات والطرق بمحطات مسار رحلة العائلة المقدسة بأسيوط، والطرق المؤدية إلى دير السيدة العذراء مريم "الدير المحرق" بالقوصية، وهو الدير الذي كان شاهدا على آخر محطات رحلة العائلة المقدسة إلى مصر.
وحسب أبو زيد، يعد " الدير المحرق" أكبر وأعظـم الأديرة المصـرية حيث تأسس في القرن الرابع الميلادي، إلا أن الكنيسة الأثرية ترجعه إلى نهاية القرن الاول وهو البيت المهجور الذي سكنته العائلة المقدسة.
وتأتى عملية تطوير مسار العائلة المقدسة في أسيوط، ضمن خطة وضعتها وزارة السياحة المصرية لتطوير 25 محطة من محطات رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، خلال انتقالها من فلسطين إلى مصر ومن مصر إلى فلسطين وهي الرحلة التي امتدت بطول 3500 كم.
وأشار أبو زيد إلى أن خطط محافظة أسيوط للتحول لمدينة سياحية، تضمنت افتتاح وتدشين مغارة ومزار رحلة العائلة المقدسة بدير درنكة، والانتهاء من تجديدات كنيسة العذراء سيدة الانتقال بدير درنكة، والانتهاء من إعادة تجديد كنيسة المغارة والتي تم بناؤها على الطراز الريفي الأوروبي من بداية القرن العشرين على أطلال كنيسة قديمة.
ويضيف أبو زيد أن كنيسة المغارة عبارة عن مغارة أسفل الكنيسة الكبرى بالدير وتتكون من عدة غرف يرجح أن العائلة المقدسة نزلت بها خلال إقامتها في أسيوط قبيل عودتها مجددا إلى فلسطين.
وكان دير المحرق يضم قديما خمس كنائس بالإضافة إلى كنيسة الحصن ,ولكن كنيستين منهم اندثرتا ، وهما كنيسة القديس يوحنا المعمدان، وكنيسة القديس تكال هيمانوت.
ووفق أبو زيد ، فإن ما تبقى هو كنيسة السيدة العذراء الأثرية والتي تقـع الآن بالقسـم الـداخلي للـدير ،وهي أقـدم مـن الـدير ويرجع تاريخها إلـى القـرن الأول الميلادي ويعتقد أنهـا أول كنيسـة أقيمـت فـي مصـر كلهـا، حيث كانت المغارة التي سكنتها العائلة المقدسة وأقامت بها ستة أشهر وبضعة أيام.
وطبقا لأبو زيد ، وهناك كنيسة الحصن أو كنيسة المالك ميخائيل وهي كنيسة صغيرة جدا ، مدخلها بالجهة القبلية، وأيضا كنيسة القديس مارجرجس والتي تقع جنوب الكنيسة الاثرية, بالإضافة إلى كنيسة القديس مارجرجس وهي الجديدة و التي تأسست في عام 1940.
وكشف أبو زيد عن أن أسيوط تستقبل قرابة خمسة ملايين زائر سنويا ،أغلبهم من المصريين، لمشاهدة معالمها الأثرية من مقابر ترجع لعصور مصر القديمة، وأديرة وكنائس قبطية ومساجد ومزارات إسلامية تاريخية.
ويقول إن من معالم أسيوط الأثرية أيضا، منطقة مقابر المير والتي تقع على بعد 12 كم غرب مدينة القوصية، وهي تعد من أجمل المناطق الأثرية المصرية بالمحافظة، ، و التي تضم عددا من المقابر الصخرية لنبلاء ولكبار الكهنة خلال عصر الدولتين القديمة والوسطى، وتصور مناظر الحياة اليومية بأهم وأدق التفاصيل، وتعد سجلا لألعاب الرياضيات و الصناعات التي كانت منتشرة في ذلك الوقت.
وكشف أبو زيد عن أن وزارة الآثار المصرية، أعلنت عن مشروع لترميم مقابر المنطقة، وإجراء حفائر أثرية، وسط توقعات العثور على اكتشافات أثرية جديدة في المنطقة التي اكتشفت خلال القرن الماضي على يد عالم الآثار الانجليزي أيلواردو بلاكمان .
وتوجد بمنطقة مير تسع مقابر مفتوحة للزيارة أمام السياح ، من بينها مقبرة الأمير "ني عنج بيبي كم" كبير كهنة للمعبود حتحور في عصر الأسرة السادسة، وبها مناظر للصيد رائعة ومقبرة "سنبي" كبير الكهنة المرتلين ،والذي تحتوي مقبرته علي تصوير رائع لقاع النهر وما به من أسماك و حيوانات بحرية مثل فرس النهر ، ومقبرة "أوخ حتب" حاكم الإقليم في الدولة الوسطي و بها مناظر رائعة تصور الأعمال الزراعية وعملية ذبح الحيوانات وتقديم القرابين.
يذكر أن أسيوط كانت تسمى في زمن الفراعنة باسم " ساووت" أي الحارسة، وسماها اليونانيون " ليكونبوليس" أي مدينة الذئب، ثم صارت مدينة الذئاب، نسبة إلى الكلب " وبواووت " الذى كان معبود المدينة، وكان يطلق عليه أيضا فاتح الطرق.
وكانت أسيوط على مر العصور عاصمة للإقليم الثالث عشر من أقاليم الوجه القبلي، وتم إنشاء أسيوط على رأس طريق القوافل الذي يربط النيل بالواحات الخارجة ثم بدار فور في السودان، ومن ثم فقد كانت بمثابة بوابة للتجارة بين افريقيا ووادي النيل، ويرجح علماء المصريات أن أسيوط كانت حصنا قديما في فجر التاريخ.
ويقول سلطان عيد، المدير العام الأسبق لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، إن أسيوط لعبت دورا مهما في الحرب التي قامت بين ملوك اهناسيا وأمراء طيبة، مشيرا إلى أن من المقابر الأثرية المهمة في أسيوط ، مقبرتا " خبتى " و" تف . اب" وبعض مقابر الأسرة الثانية عشرة في مصر القديمة، ومن بينها مقبرة " رفا . حابى".
ويضيف عيد أن بيوت المدينة يبدوا أنها أقيمت على أطلال معابد قديمة، إذ عثر على بقايا معبد يرجع لعصر الملك اخناتون، كما عثر على أحجار منقوش عليها اسم الملك رمسيس الثاني.
وفى عصر الأسرة 18 بمصر القديمة، بدأ كهنة أسيوط في دفن حيوانهم المقدس " وبواووت " في أحد مقابر الدولة الوسطى، وهى مقبرة تعرف اليوم باسم " السلخانة " وربما أطلق عليها هذا الاسم لكونها كانت تستخدم في عمليات التحنيط، وقد عثر في تلك المقبرة على الكثير من المومياوات، وقراطيس من البردى ولوحات جنائزية.
فيديو قد يعجبك: