باستيا الفرنسية.. مزار سياحي "فوق البحر"
د ب أ–
يستقطب طريق الكورنيش الجديد بمدينة باستيا الفرنسية أعدادا كبيرة من الزوار للتعرف على الطابع المعماري المميز لها، ويعرف هذا المزار السياحي بالاسم الكورسيكي "فوق البحر".
ويتعرج طريق الكورنيش الممتد بطول نصف كم بمحاذاة القلعة، وترتكز الألواح الخرسانية الخاصة به على عوارض فولاذية تم حفرها في الشاطئ الصخري، وتصطف القضبان الفولاذية على طريق الكورنيش ومن أسفلها تتلألأ المياه الفيروزية الرقراقة.
ويشهد طريق الكورنيش الكثير من الأحداث؛ حيث يركض الأشخاص من جميع الأعمار، وتدفع الأمهات عربات الأطفال، ويتسابق راكبو الدراجات البخارية والكهربائية، بينما يرغب بعض الزوار التوجه إلى الشاطئ الرملي "فيكاغجولا"؛ حيث تتجمع به العائلات منذ الصباح، ويواصل البعض الآخر سيرهم إلى الحي الجنوبي في المدينة، حيث يوجد ستاد "إس سي باستيا"، كما يوجد العديد من مراكز التسوق والمتاجر والمصانع والمستودعات.
وأوضح المرشد السياحي أثناء جولة المدينة جان بيير ديفينديني قائلا: "لم تتطور مدينة باستيا بعد لكي تصبح مدينة سياحية، فعلى الرغم من وصول أكثر من مليوني سائح إليها من البر الرئيسي بواسطة العبَارات كل عام، إلا أن معظمهم يتوجهون إلى الشواطئ الكبيرة في الجنوب عبر النفق".
عاصمة الثقافة الأوروبية
ولكن يتم الترويج لمدينة باستيا حاليا باعتبارها عاصمة الثقافة الأوروبية 2028، حيث تستهدف المدينة جذب المزيد من السياح من خلال تنظيم العديد من المهرجانات والفعاليات الفنية وإنشاء الفنادق الجيدة والمرشدين السياحيين المدربين، وبالطبع تزيد هذه الفعاليات والأحداث من جمال ورنق المدينة وخاصة الميناء القديم.
وأضاف المرشد السياحي جان بيير ديفينديني قائلا: "كان الميناء القديم منطقة منسية، حتى أن أطلال المنازل الباهتة بدون نوافذ كانت ظاهرة في الصف الأول على الميناء، وتطل على حوض المرفأ وبه القوارب الشراعية واليخوت الصغيرة المزودة بمحركات".
ولقد اعتاد السكان من جميع أنحاء كورسيكا القدوم إلى منطقة الميناء لقضاء أوقات ممتعة، وأضاف المرشد السياحي قائلا: "لقد كانت المقاومة الشيوعية ضد الإيطاليين والألمان قوية جدا هنا، ولذلك تم قصف الميناء بشدة".
الميناء القديم
وتسعى مدينة باستيا لجعل الميناء القديم مقصدا سياحيا مرة أخرى؛ حيث شهدت السنوات الأخيرة وضع واجهات زجاجية أو فولاذية أمام المنازل المتهدمة، وهناك العديد من اللافتات الأنيقة فوق الأكشاك تعلن عن بيع السوشي والتاباس والبرجر والمشروبات.
علاوة على التخطيط لإنشاء متحف بحري جديد في مبنيين صغيرين، مع تحويل أماكن صف السيارات حول الميناء إلى منطقة مشاة، وأضاف المرشد السياحي أن السكان كانوا يعارضون هذه الخطط تماما.
ولقد كانت باسيتا مقسمة إلى قسمين لفترة طويلة؛ حيث تستقر قلعة باستيجليا، التي تعود إلى القرن الرابع عشر، على تل صخري، ويرجع الاسم الحالي لمدينة بارسيتا لهذه القلعة؛ حيث كان يطلق عليها اسم "تيرا نوفا" مع القلعة والحارات الضيقة المحيطة بها، وعند سفح هذه القلعة كانت تصطف منازل المزارعين والصيادين الكورسيكيين حول الميناء القديم أو ما يعرف باسم "تيرا فيكيا".
وأوضح المرشد السياحي جان بيير ديفينديني وهو يصعد السلالم الحجرية المؤدية إلى كنيسة ماري قائلا: "لم يختلط سكان جنوة والكورسيكيين لفترة طويلة". وتعود هذه الكاتدرائية إلى آواخر القرن الخامس عشر، وتزداد بالطراز الباروك لجنوة، ولم يحضر القداس بها سوى المسؤولون والجنود المحتلون، وأكد ديفينديني أن الكورسيكيين لم يأتوا إلى هذه الكنيسة.
كنيسة القديس يوحنا
ونتيجة لذلك قام السكان المحليون ببناء كنيسة أكبر على الجانب الآخر من الميناء القديم، والمعروفة باسم كنيسة القديس يوحنا المعمدان والمشيدة على طراز الباروك، وتشتهر هذه الكنيسة ببرجيها التوأم، وتعتبر من أهم معالم المدينة السياحية.
وأكد المرشد السياحي أنه في السابق كان من الصعب السير من "تيرا فيكيا" إلى "تيرا نوفا"، غير أنه في عام 1873 تم الانتهاء من تشييد سلم روميو، وعلى الرغم من أنه سلم جميل، إلا أن درجاته لا تناسب بعض الأشخاص أثناء الصعود.
ولذلك قررت إدارة المدينة تشييد منفذ جديد لكبار السن والمجموعات السياحية من الميناء القديم وصولا إلى "تيرا نوفا"، ولقد حمل هذا المشروع، الذي تكلف 5ر3 مليون يورو، اسم "مانتينوم" على اسم المدينة الرومانية، التي قامت على أنقاضها مدينة باستيا.
ويهدف هذا المشروع، الذي صممه نفس المهندسين المعماريين للكورنيش، إلى انصهار المدينة العليا مع المدينة السفلى، وإذا استعمل السياح المصعد أو الدرج عبر الممر المنحدر بشدة، فإنهم يخرجون من أعلى في مسرح خرساني والمعروف باسم مسرح الخضرة.
ولا يحظى هذا المسرح حتى الآن بنفس شهرة الكورنيش، ويتم إقامة الحفلات الموسيقية على مقربة من هذا المسرح في فناء قصر الحاكم، والذي أصبح حاليا متحف المدينة.
حديقة روميو
وإذا شعر السياح بارتفاع درجة الحرارة أثناء الصيف، فيمكنهم زيارة حديقة روميو، وهي حديقة نباتات صغيرة ترجع إلى القرن التاسع عشر، وتم تشييدها على المنحدرات أسفل القلعة. وقامت إدارة المدينة برصف السلالم والممرات المتعرجة وإضافة لافتات توضح أسماء الأشجار والشجيرات.
ويمكن للسياح التعرف على أشجار الصنوبر القوية والجلوس في ظلالها على المقاعد وقت القيلولة والاستمتاع بالنسيم ومشاهدة المنارة الصغيرة، بينما يقفز بعض الشبان في المياه انطلاقا من رصيف الميناء.
فيديو قد يعجبك: