عرفة .. يوم يباهي الله ملائكته ويغفر لمن صامه
بقلم – هاني ضوَّه :
نائب مستشار مفتي الجمهورية
اليوم يوم عرفة .. وهو يوم المغفرة، ويوم العتق من النار، فيه يقف ضيوف الرحمن على صعيد عرفات يناجون ربهم ويسألونه الرحمة والمغفرة، ويباهي الله بهم ملائكته فيقول سبحانه وتعالى: " انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً".
ويوم عرفة من خير الأيام، وقد سن فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصيام لغير الحاج وأحتسب أن يكفر صيامه عن المسلم السنة التي قبله والسنة التي بعده.
ولكي نتعرف على قدر صيام يوم عرفة علينا أولًا أن نذكر فضائله وخصائصة، لأن معرفة الشئ فرع عن تصوره لكي نشعر بفضله.
ويوم عرفة هو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة ،ففيه نزلت الأية الكريمة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}، ففي الصحيحين عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال سيدنا عمر أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}، فهو يوم إتمام النعمة وإكمال الدين.
قال سيدنا عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
وقد اقسم الله سبحانه وتعالى بيوم عرفة في كتابه الكريم، والعظيم سبحانه لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى في سورة البروج: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) ، فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن سيدنا النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم قال: "اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة".
وهو الوتر الذي أقسم الله به في سورة الفجر: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}، قال سيدنا ابن عباس رضي الله عنه: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك أيضاً.
وفي يوم عرفة أخذ الله الميثاق على ذرية أبونا آدم، فعن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم: "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ}.
فما أعظمه من يوم، وما أعظمه من ميثاق.
ويوم عرفة هو يوم العتق من النيران، ففيه يغفر الله لحجاج بيته ولعباده، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن سيدنا النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟".
وقال النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم كذلك: "إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً".
موضوعات متعلقة:
فيديو قد يعجبك: