هل يجوز صلاة الجمعة وسماع الخطبة من الإذاعة؟
هل تجوز صلاة الجمعة بالاستماع لخطبتي الجمعة المذاعتين بالراديو والصلاة خلف إمام مسجد القرية؟
يجيب الشيخ حسن مأمون -مفتى الجمهورية الأسبق-:
نفيد بأن الظاهر من السؤال أن المراد إلغاء خطبتي الجمعة من مسجد القرية اكتفاء بالخطبتين المذاعتين من القاهرة وذلك بوضع راديو في المسجد عقب الأذان يستمع له الزائرون وبعد انتهائهم من سماعها يؤمهم الإمام ولا يخطبهم والنتيجة إلغاء الخطب في المساجد اكتفاء بخطبة واحدة يلقيها أحد الأئمة في المسجد الذي تذيع منه الإذاعة اللاسلكية.
وللإجابة على هذا السؤال يتعين الرجوع إلى آراء الفقهاء في ذلك، وقد اشترطوا لصحة صلاة الجمعة أن يسبقها خطبتان أو خطبة واحدة على الأقل، ولا يعلم مخالف في ذلك سوى الحسن الذي قال: تجزئ صلاة الإمام خطب أو لم يخطب؛ لأنها عنده صلاة عيد فلا تشترط لصحتها الخطبة كصلاة عيد الأضحى. وهذا القول لا سند له من عمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعمل المسلمين بعده؛ فقد كان الرسول يخطب خطبتي الجمعة ثم يصلي بالناس ويقول -صلوات الله عليه-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)). ولذلك اشترط الفقهاء أن يتولاهما من يتولى الصلاة اقتداء بفعل الرسول؛ ولأن الخطبة أقيمت مقام ركعتين فهي جزء من صلاة الجمعة أو كالجزء.
ومن أجاز من الفقهاء أن يتولى الإمامة غير من يخطب اعتبر ذلك من باب الاستخلاف وهو جائز بعذر وبغير عذر حسب اختلاف المذاهب، وما دام الفقهاء قد اشترطوا لصحة صلاة الجمعة أن يسبقها خطبتان يتولاهما الإمام أو غيره عنه بإذنه بطريق الاستخلاف فإن الخطبة المذاعة من الراديو لا تحقق هذا المعنى.
ولذلك يكون إلغاء الخطبة في المساجد اكتفاء بالاستماع إلى الخطبة المذاعة غير جائز شرعا، وفضلا عن ذلك فإن الأصل أن تختلف الخطب باختلاف الأقاليم وباختلاف جمهور المصلين وأن تتناول ما تمس الحاجة إليه من حوادث وأخلاق وتهذيب وما يحتاج إليه جمهور الزراع يغاير ما يحتاج إليه جمهور الصناع وهكذا، ولا يحقق الغرض من الخطب على الوجه الأكمل إلا أن يقوم كل إمام في مسجده بهذا الواجب، وإذا كان بعض الأئمة لا يحسنون القيام بواجباتهم أو لا يقدرون عليه فإن بيد وزارة الأوقاف القائمة على شؤون المساجد علاج هذه الحالة.
وبهذا علم الجواب على السؤال. والله أعلم.
فيديو قد يعجبك: