لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ما حكم مسح الوجه بعد الدعاء؟

08:20 م الأحد 21 ديسمبر 2014

ما حكم مسح الوجه بعد الدعاء؟

تجيب لجنة أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية :

المسح في اللغة هو إمرار الشيء على الشيء بسطًا [معجم مقاييس اللغة لابن فارس 5/ 322، مادة: مسح، ط. دار الفكر]، يقال: مسح على الشيء بالماء أو الدهن: أمرَّ يده عليه به.

والدعاء مقربة عظيمة، يُظهر حقيقة التوجه واللجوء لله سبحانه وتعالى، وفيه إعلان العبد عن فقره وضعفه، والاعتراف بقوة الله وقدرته على كل شيء، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم العبادة؛ فقد أخرج أبو داود في سننه والترمذي وصححه وأحمد وابن حبان والحاكم وصححه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: {وقال ربكـم ٱدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}..[غافر: 60])).

وقد أمر الله تعالى بالدعاء وحث عليه؛ فقال تعالى: {واسألوا ٱلله من فضله}.. [النساء: 32]، وقال: {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكـافرون}.. [غافر: 14]، وقال: {ادعوا ربكم تضرعًا وخفيةً إنه لا يحب المعتدين} إلى قوله تعالى: {وادعوه خوفًا وطمعًا}.. [الأعراف: 55- 56]، وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم الدعاء والسؤال لله عز وجل، فقد أخرج البخاري في «الأدب المفرد» والترمذي ونحوه في «المستدرك» للحاكم وصحح إسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يسأل الله يغضب عليه)).

والله عز وجل لا يرد عبده إذا رفع العبد يديه بذُلٍّ وإلحاح وتضرع دون أن يقضي له حاجته، ولقد بارك الله لرجل في حاجة أَكْثَرَ الدعاء فيها، أعطيها أو منعها؛ فقد أخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي سعيد عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: ((ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها)).

وقد نص الأئمة والفقهاء على استحباب مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء؛ قيل: وكأن المناسبة أنه تعالى لما كان لا يردهما صفرًا فكأن الرحمة أصابتهما فناسب إفاضة ذلك على الوجه الذي هو أشرف الأعضاء وأحقها بالتكريم [سبل السلام للصنعاني 2/ 709، ط. دار الحديث].

جاء في «حاشية الشرنبلالي على درر الحكام» من كتب الحنفية في باب «صفة الصلاة» في ذكر الأدعية والأوراد التي وردت السنة بها بعد الصلاة لكل مصل، ويستحب للمصلي الإتيان بها: «ثم يختم بقوله تعالى: ﴿سبحان ربك﴾؛ لقول علي رضي الله عنه: من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه ﴿سبحان ربك﴾، ويمسح يديه ووجهه في آخره؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعوت الله فادع بباطن كفيك ولا تدع بظهورهما فإذا فرغت فامسح بهما وجهك)) رواه ابن ماجه كما في البرهان» [حاشية الشرنبلالي على درر الحكام 1/ 80، ط. دار إحياء التراث العربي].

وقال النفراوي في «الفواكه الدواني» من كتب المالكية: «ويستحب أن يمسح وجهه بيديه عقبه -أي: الدعاء- كما كان يفعله عليه الصلاة والسلام» [الفواكه الدواني، للنفراوي 2/ 335، ط. دار الفكر].

وقد ذكر الإمام النووي من الشافعية من جملة آداب الدعاء: مسح الوجه بعد الدعاء في باب الأذكار المستحبة في كتابه المجموع فقال: «ومن آداب الدعاء كونه في الأوقات والأماكن والأحوال الشريفة واستقبال القبلة ورفع يديه ومسح وجهه بعد فراغه وخفض الصوت بين الجهر والمخافتة» [المجموع للنووي 4/ 487، ط. دار الفكر].

وجزم الإمام النووي في «التحقيق» أنه مندوب كما نقله عنه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب [1/ 160، ط. دار الكتاب الإسلامي]، والخطيب الشربيني في «مغني المحتاج» [1/ 370، ط. دار الكتب العلمية].

وقال العلامة البهوتي من الحنابلة: «(ثم يمسح وجهه بيديه هنا) أي: عقب القنوت (وخارج الصلاة) إذا دعا» [شرح منتهى الإرادات 1/ 241، ط. دار الكتب العلمية، وانظر معه: الإنصاف 2/ 173 ط. دار إحياء التراث العربي، وكشاف القناع 1/ 420، ط. دار إحياء التراث العربي].

والدليل على ذلك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح وجهه بيديه بعد الدعاء؛ فقد أخرج الترمذي والحاكم عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه)).

قال الحافظ ابن حجر في «بلوغ المرام» [ص464، ط. دار الفلق- الرياض]: «أخرجه الترمذي، له شواهد منها حديث ابن عباس عند أبي داود، وغيره، ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن».

قال الصنعاني في «سبل السلام»: «فيه دليل على مشروعية مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء» [2/ 709، ط. دار الحديث].ويستدل أيضا بما أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي في الكبرى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم)).

ونقل السيوطي عن شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر في أماليه قوله في الحديث: هذا حديث حسن. [ينظر: فض الوعاء للسيوطي ص74، ط. مكتبة المنار- الأردن].

وجاء في سنن أبي داود ومسند أحمد عن يزيد بن سعيد بن ثمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه.

ومما روي عن الصحابة رضي الله عنهم في مسح الوجه باليدين بعد رفعهما للدعاء ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد في باب «رفع الأيدي في الدعاء» من فعل ابن عمر وابن الزبير في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فقال: «حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا محمد بن فليح قال: أخبرني أبى عن أبى نعيم وهو وهب قال: «رأيت ابن عمر وابن الزبير يدعوان يديران بالراحتين على الوجه» [رواه البخاري في الأدب المفرد 1/ 214].

وقد نقل السيوطي في «فض الوعاء» [ص101] عن الحسن البصري فعله لمسح الوجه باليدين بعد الدعاء: «قال الفريابي: حدثنا إسحاق بن راهويه، أخبرنا المعتمر بن سليمان قال: رأيت أبا كعب -صاحب الحرير- يدعو رافعا يديه، فإذا فرغ مسح بهما وجهه. فقلت له: من رأيت يفعل هذا؟ قال: الحسن بن أبي الحسن. إسناده حسن».

أما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء بعد الفراغ من القنوت في الصلاة فهو وجه عند الشافعية قال به القاضي أبو الطيب، والشيخ أبو محمد الجويني، وابن الصباغ، والمتولي، والغزالي، والعمراني صاحب البيان [ينظر: المجموع للنووي 3/ 500- 501]، وهو المعتمد من مذهب الإمام أحمد كما سبق نقله عن العلامة البهوتي كما مر.

وبناء على ما سبق فإن مسح الوجه باليدين بعد الدعاء جائز، ولا شيء فيه، بل هو من جملة آداب الدعاء ومستحباته التي ذكرها العلماء في كتبهم. والله تعالى أعلم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان