ما حكم الشرع في العلاج بالحجامة ؟
تجيب لجنة امانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية :
الحجامة في اللغة: مأخوذة من الحَجْم؛ وهو: المَصّ، وتُسَمَّى أيضًا: "الفَصْد"، وفي الاصطلاح: مص الدم الفاسد وسحبه من الجسم عن طريق الكاسات لتنقيته من الشوائب الرديئة والأخلاط الضارة، وهي مِن الوسائل العلاجية التي عرفتها الحضارات البشرية القديمة؛ كالآشوريين والفراعنة والصينيين والإغريق، حتى ذكر المؤرخون أن الحكيم اليوناني أبقراط الملقب بـ"أبي الطب الحديث" كان يستخدمها بشكلَيْها الجافة والرطبة، وذكر صاحب "كشف الظنون" (2/1446) أن له كتاب "الفصد والحجامة"، وقد صنف في الحجامة جماعة من العلماء قديمًا وحديثًا.
وممن صنف فيها في عهود الإسلام: - أبو زكريا يحيى بن ماسويه الحرانى [ت243هـ] طبيب المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل، له كتاب "الفصد والحجامة"؛ كما في "الفهرست" (ص: 357، ط. دار المعرفة).
- وأبو الحسن علي بن سهل بن ربن الطبري البغدادي [ت250هـ]، له كتاب الحجامة؛ كما في "هدية العارفين" (1/669).
- وبختیشوع بن جبرئیل بن بختيشوع [ت256هـ]، الطبيب السرياني البارع، له كتاب في الحجامة على طريق المسألة والجواب؛ كما في "عيون الأنباء" (1/209، ط. مكتبة الحياة).
- والإمام الحافظ شهاب الدين البوصيري الشافعي [ت840هـ] في رسالته "فيما ورد عن شفيع الخلق يوم القيامة أنه احتجم وأمر بالحجامة"، وهي مطبوعة.- والعلامة شمس الدين محمد بن علي بن طولون الصالحي [ت953هـ]، في كتابه "رفع الملامة عما قيل في الحجامة"، وهو مخطوط في تشستربتي مجموع (3317/3).
- وأحمد بن حمزة بن إبراهيم بن ولي الدين في كتابه "الفخم والفخامة في بيان الفصد والحجامة" وقد فرغ منه سنة 1127هـ؛ كما في "إيضاح المكنون" (4/180).- والقاضي محمد بن أحمد بن جار الله الصعدي الصنعاني اليمني، المعروف بمشحم الكبير [ت1181هـ] له كتاب "الدواء النافع في بيان ما في الفصد والحجامة من المضار والمنافع"؛ كما في "هدية العارفين" (2/337)، وهو مخطوط في تشستربتي رقم (4239).
- ومحمد بن محمد بن الطيب التافلاتي [ت1191هـ]، في كتابه "تهذيب المقامة فيما ورد في الفصد والحجامة"، وهو مخطوط بالمكتبة الطبية الأمريكية برقم (88).
والحجامة وإن كانت من الموروثات الطبية التي أجازها الشرع في أصلها، ووردت بها السنة القولية والفعلية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أنها من الوسائل الاستشفائية التي تفتقر إلى معرفة مواضع نفعها وضررها؛ فقد جاء في الطب الموروث أنها كما تنفع فقد تضر، وعرَّف العلماءُ السابقون "علم الحجامة" بأنه: "علمٌ يُتعَرَّف به أحوالُ الحجامة، وكيفيةُ شرطها ومَصِّها بالمِحْجَمَة، وأنها في أي موضع من البدن نافعةٌ، وفي أي موضع مُضِرَّةٌ، إلى غير ذلك من الأحوال"؛ كما يقول العلامة طاش كبرى زاده في "مفتاح السعادة" (1/326، ط. دار الكتب العلمية).
وأمور الاستشفاء ووسائل العلاج مبناها على التجربة والوجود، والأعراض والأمراض تختلف من بيئة إلى بيئة ومن زمن إلى زمن، واختلاف الأدواء يصاحبه اختلاف الأدوية، ولذلك فإنه يشترط فيها أن يقوم بها الشخص المختص المرخص له بالقيام بمثل هذا النوع مِن العلاج، مع ضرورة الالتزام بالتعقيم الكامل للأدوات وتوفير الجو الملائم لإجرائها، ويجب اللجوء في ذلك إلى الأطباء المختصين وأخذ رأيهم والالتزام بمشورتهم في مدى مواءمة الحجامة لعلاج المرض الذي يشكو منه المريض، وهل تفيده أو لا تفيده.
وعلى ذلك: فإن الحجامة من وسائل الاستشفاء الموروثة، الواردة في السنة النبوية، إلا أن تغير البيئة والزمن مع تنوع الأمراض وتعقدها مع تطور سبل العلاج في عصرنا الحاضر يوجب الرجوع في معرفة نفعها وكيفية ممارستها إلى الأطباء المختصين المؤهلين المرخص لهم فيها من قبل الجهات الطبية المعتمدة.والله سبحانه وتعالى أعلم
فيديو قد يعجبك: