ما حكم الإجهاض والاعتراف بأبناء السفاح؟
يجيب الدكتور علي جمعة - مفتى الديار المصرية السابق-:
من المقرر في الشريعة الإسلامية أن الزنا حرام وهو من الكبائر، وأن اللواط والشذوذ حرام وهو من الكبائر، وأن من حكم الشريعة الغراء في تشريع الزواج مراعاة حقوق الأطفال؛ ولذا أمر الإسلام بكل شيء يوصل إلى هذه الحماية، ونهى عن كل ما يُبعد عنها؛ فأمر بالعفاف ومكارم الأخلاق، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، ونهى الرجال أن يتشبهوا بالنساء والنساء أن يتشبهن بالرجال، وأقام كلا منهما في الخصائص والوظائف التي تتسق مع خِلْقتهما، وربط هذا كله بالحساب في يوم القيامة وبعمارة الأرض وبتزكية النفس، فاعتقد المسلمون اعتقادًا جازمًا أن مخالفة هذه الأوامر والوقوع في هذه المناهي يدمر الاجتماع البشري ويُؤْذِنُ بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة، ويمثل فسادًا كبيرًا في الأرض يجب مقاومته ونصح القائمين عليه وبيان سيئ آثاره.
إذا تقرر ذلك فإن الإسلام لا يعترف بالشذوذ الجنسي، وينكر الزنا بين المراهقين الناشطين جنسيًّا وبين البالغين أيضًا، ويحرم الاعتداء على النفس التي خلقها الله سبحانه وتعالى؛ فيحرم الإجهاض إلا لضرورة طبية مراعاة لصحة المرأة، ويجعل المحافظة على النسل من مقاصده الأساسية في تشريع أحكامه، وكما أن الإسلام لم يعترف بالعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة إلا في إطارها الشرعي من خلال عقد الزواج، فإنه يجعل كذلك العلاقة بين الوالد وولده علاقة شرعية لا طبعية؛ فقد قرر الشرع أن ماء الزنا هدر، وأن السِّفَاح لا تثبت به بنوة ولا أبوة؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ)).. متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أي أن عُهْر الزاني وفسقه على نفسه فليس له أن يستلحق ابن الزنا أو ينسبه إلى نفسه، وإنما يُنسب ولد الزنا إلى أمه؛ لأن الأمومة علاقة عضوية طبعية بخلاف الأبوة التي لا تثبت إلا بنكاح شرعي.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
فيديو قد يعجبك: