هل يتعارض قوله تعالى "وأن المساجد لله" مع تسمية المسجد باسم أشخاص؟.. البحوث الإسلامية يوضح
كـتب- عـلي شـبل:
أكد مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف أن الإسلام حثّ على بناء المساجد وبيّن فضل ذلك، موضحا أن في العديد من النصوص منها: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة) متفق عليه. وأخرج الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من بنى لله مسجداً صغيراً كان أو كبيراً بنى الله له بيتاً في الجنة).
وفي هذا الإطار، تلقى المجمع سؤالا من شخص يقول: أوصى والدي أن نبني مسجدا على قطعة أرض له فلما أردنا تسمية المسجد باسمه نهانا بعض الناس بحجة أن المساجد لله ولا يحل لنا ذلك فأرجو بيان صحة ما قيل؟، وفي إجابتها أوضحت لجنة الفتوى الرئيسة بالمجمع أن وصية الوالد واجبة النفاذ في ثلث ماله فإن فيها براً به وإحساناً له بعد موته.
وأكدت اللجنة، في بيان فتواها، أن المفتي به أن إضافة اسم الوالد إلى المسجد جائزة شرعاً وهي إضافة تمييز لا تمليك، فالوالد لا يملك المسجد وإنما يتميز المسجد هذا عن غيره بتسميته. هذا لمن مات، وفى حق الحي فالأولى ألا يضاف المسجد له تنزيهًا له عن الرياء.
وأشارت لجنة الفتوى إلى أن مثل هذه التسمية قد وقعت في العصر الأول ولم ينكرها أحد فدلت على الجواز. ومنها: روى ابن ماجة عن عبد الله بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: (جاءنا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بنا في مسجد بني عبد الأشهل فرأيته واضعاً يديه على ثوبه إذا سجد).
وروى الدارمي عن ابن عمر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مسجد بني عمرو بن عوف فدخل الناس يسلمون عليه وهو في الصلاة قال فسألت صهيباً كيف كان يرد عليهم قال هكذا وأشار بيده).
وأضافت اللجنة أن في هذه النصوص يتضح كيف نسبت المساجد إلى أصحابها أو من بنوها أو شاركوا في بنائها فقيل: [مسجد بني عبد الأشهل]. [مسجد بني عمرو بن عوف].
وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه (باب هل يقال مسجد بني فلان) قال ابن حجر تعقيباً: [قوله (باب هل يقال مسجد بني فلان) أورد فيه حديث ابن عمر في المسابقة, وفيه قول ابن عمر " إلى مسجد بني زريق " وزريق بتقديم الزاي مصغراً , ويستفاد منه جواز إضافة المساجد إلى بانيها أو المصلي فيها , ويلتحق به جواز إضافة أعمال البر إلى أربابها , وإنما أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام لينبه على أن فيه احتمالاً إذ يحتمل أن يكون ذلك قد علمه النبي صلى الله عليه وسلم بأن تكون هذه الإضافة وقعت في زمنه , ويحتمل أن يكون ذلك مما حدث بعده , والأول أظهر والجمهور على الجواز , والمخالف في ذلك إبراهيم النخعي فيما رواه ابن أبي شيبة عنه أنه كان يكره أن يقول مسجد بني فلان ويقول مصلى بني فلان لقوله تعالى (وأن المساجد لله) , وجوابه أن الإضافة في مثل هذا إضافة تمييز لا ملك ..].
قال الإمام النووي [ولا بأس أن يقال مسجد فلان ومسجد بني فلان على سبيل التعريف].
وأما ما أورده القائل اعتراضًا من نسبة المساجد لله في قوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) [الجن: 18]، فقد قال القرطبي: أَيْ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَهُ غيره. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَيْ بُنِيَتْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ.
قال الإمام ابن العربي [المساجد وإن كانت لله ملكاً وتشريفاً فإنها قد نسبت إلى غيره تعريفاً , فيقال: مسجد فلان].
وفي خلاصة فتواها، أكدت لجنة الفتوى الرئيسة بمجمع البحوث أنه وبناء عليه: فنسبة المسجد إلى اسم الوالد لا حرج فيها شرعًا ولا إثم يلحق بكم أو بالوالد ولا ينقص ذلك من أجره. والله اعلم.
فيديو قد يعجبك: