إعلان

بعد إثارته للجدل.. تعرف على حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة وضوابطه الشرعية

04:21 م الإثنين 03 يناير 2022

نقل الأعضاء

كتبت – آمال سامي:

أثيرت حالة من الجدل في نهاية العام الماضي حول فكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وحول ما إذا كان هذا الأمر مخالفاً للشريعة الإسلامية أم موافقاً لها، وقد اختلفت الآراء حول هذا الأمر ما بين مؤيد ومعارض، وهو نفس ما كان عليه الحال في الجانب الشرعي؛ إذ صرح بعض العلماء بجواز نقل الأعضاء وفق ضوابط معينة، بينما رفضه آخرون على النحو التالي:

عمرو الورداني: يجوز نقل الأعضاء لحاجة

"بعد الموت جسده لا يملكه ولكن لحاجة هذا الشخص لهذا العضو يجوز هذا الأمر" يؤكد الورداني جواز التبرع بالأعضاء للحاجة موضحًا أن الأصل أنه لا يجوز التعدي على جسد الميت، وأن جسده ليس ملكًا له، فإن أوصى بالتبرع بعد وفاته فهو جائز إذا كان لا يؤدي إلى المثلة، أي التشويه، وأضاف الورداني أنه يجوز للإنسان أن يتبرع بعضو معين له بعد وفاته إذا كان ينفع كذلك من يتبرع له.

مبروك عطية: المتبرع بأعضائه يتبرع بشيء لا يملكه

أما الدكتور مبروك عطية، أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، فكان له رأي آخر، فعبر فيديو نشره على قناته الرسمية على يوتيوب في وقت سابق، أكد عطية أن بدن الإنسان حيا وميتًا ليس ملكًا له ولا لورثته ولا لأي مخلوق آخر، فهو ملك لله عز وجل وحده، فالذي يتبرع أو يعلن عن تبرعه بشيء من أعضائه بعد وفاته لمن يحتاج إليها، يتبرع بشيء لا يملكه.

ولكن يقول عطية إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه"، ومن ثم أجاز الفقهاء تبرع الحي بإحدى كليتيه شريطة ألا يتضرر المتبرع وألا يبيع، لانه يبيع ما لا يملك، ومن باب اولى ألا يتضرر صاحب التبرع بعد وفاته لينفع حيًا مريضًا في حاجة لهذا العضو عن تمام رضاه وكامل إرادته، فإذا لم يوص كان من حق الورثة أن يعلنوا هذا التبرع أو يتطوعوا به من أجل الأحياء وكل إلى الله راجع.

وأوضح عطية أن بعض الفقهاء منع التبرع حيًا كان صاحبه أو ميتًا، "ونحن في مسألة خلافية نأخذ بما نراه، فإن تبرعنا بدون بيع أو شراء فلا مانع أو تبرع ورثتنا فلا شيء في ذلك"، قائلًا إن المهم أن ينفع المرء أخاه.

كريمة: لا يجوز التبرع بالأعضاء البشرية مطلقًا

أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، إنه لا يجوز التبرع بالأعضاء البشرية من أحياء إلى الأحياء أو من موتى إلى أحياء، مؤكدًا أنه ممنوع وحرام ومخالف للشريعة الإسلامية.

وأوضح "كريمة"، في أحد لقاءاته التلفزيونية أن الانسان لا يملك جسده ولا يملك التصرف فيه، وعقود التبرع بالأعضاء هي باطلة لأن جسد الإنسان ملك لله، مضيفًا أن: "الموت الإكلينيكيًا ليس موتًا شرعياً، وبالتالي نزع أي عضو من جسد الإنسان المتوفي يعتبر جناية يستحق فاعلها القصاص"، بل أكد كريمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن نقل الأعضاء البشرية، وذلك في حديثه: "كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا"، وذلك لكونه نوعًا من تشويه جثة المتوفي.

الإفتاء توضح ضوابط نقل الأعضاء بين الأحياء والأحياء.. وبين الأموات والأحياء

وكانت دار الإفتاء المصرية قد أوضحت في وقت سابق جواز نقل الأعضاء سواء من الإنسان الحي إلى إنسان آخر حي، أو من الميت إلى الحي وفقًا لضوابط معينة، وهي:

أولًا: يُرخص في نقل العضو البشري من الإنسان الحي إلى الإنسان الحي بالشروط والضوابط الآتية:

1. الضرورة القصوى للنقل، بحيث تكون حالةُ المنقول إليه المرضيةُ في تدهورٍ صحيٍّ مستمر ولا ينقذه من هلاك مُحَقَّقٍ إلا نقل عضو سليم إليه من إنسان آخر بينهما درجة قرابة حتى الدرجة الثانية، ويجوز النقل حتى الدرجة الرابعة إذا حالت ضرورة دون النقل من الدرجات السابقة، ويُقَدِّرُ ذلك أهل الخبرة الطبية العدول، شريطةَ أن يكون المأخوذ منه وَافَقَ على ذلك حال كونه بالغًا عاقلًا مختارًا.

2. أن يكون هذا النقل محققًا لمصلحة مؤكدة للمنقول إليه من الوجهة الطبية، ويمنع عنه ضررًا مؤكدًا يحل به باستمرار العضو المصاب بالمريض دون تغيير، ولا توجد وسيلة أخرى لإنقاذه من الموت والهلاك الحال المحقق إلا بهذا الفعل.

3. ألا يؤدي نقلُ العضو إلى ضررٍ مُحَقَّقٍ بالمنقول منه يضر به كليًّا أو جزئيًّا أو يمنعه من مزاولة عمله الذي يباشره في الحياة ماديًّا أو معنويًّا أو يؤثر عليه سلبيًّا في الحال أو المآل بطريق مؤكَّد من الناحية الطبية؛ لأن مصلحة المنقول إليه ليست بأولى من الناحية الشرعية من مصلحة المنقول منه؛ لأن "الضَّرَرَ لا يُزَالُ بالضَّرَرِ"، و"لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ في الإسلام"، ويكفي في ذلك المصلحة الغالبة الراجحة، والضَّرَرُ القليل المُحْتَمَلُ عادةً وعرفًا وشرعًا لا يمنع هذا الجواز في الترخيص إذا تمَّ العلم به مسبقًا وأمكن تحمله أو الوقاية منه ماديًّا ومعنويًّا بالنسبة للمنقول منه، والذي يحدد ذلك هم أهل الخبرة الطبية العدول.

4. أن يكون هذا النقل دون أي مقابل ماديٍّ أو معنويٍّ مطلقًا بالمباشرة أو بالواسطة.

5. صدور إقرار كتابي من اللجنة الطبية قبل النقل بالعلم بهذه الضوابط، وإعطاؤه لذوي الشأن من الطرفين المنقول منه العضو والمنقول إليه قبل إجراء العملية الطبية، على أن تكون هذه اللجنة متخصصةً ولا تقل عن ثلاثة أطباء عدول، وليس لأحد منهم مصلحة في عملية النقل.

6. يشترط ألا يكون العضو المنقول مؤديًا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال.

ثانيًا: يرخص في نقل العضو البشري من الميت إلى الحيِّ بالشروط والضوابط الآتية:

1. أن يكون المنقول منه العضو قد تحقَّق موته موتًا شرعيًّا وذلك بالمفارقة التامة للحياة أي موتًا كليًّا، وهو الذي تتوقف جميع أجهزة الجسم فيه عن العمل توقفًا تامًّا تستحيل معه العودة للحياة مرةً أخرى بشهادة ثلاثةٍ من أهل الخبرة العدول الذين يُخَوَّلُ إليهم التعرف على حدوث الموت بحيث يسمح بدفنه، وتكون مكتوبةً وموقعةً منهم، ولا عبرة بالموت الإكلينيكي أو ما يعرف بموت جذع المخ أو الدماغ؛ لأنه لا يُعَدُّ موتًا شرعًا، لبقاء بعض أجهزة الجسم حيةً؛ وذلك لاختلاف أهل الاختصاص الطبي في اعتباره موتًا حقيقيًّا كاملًا؛ لأنَّ اليقين لا يزول بالشك.

فإذا لم يمكن من قبيل الصناعة الطبية نقل العضو المراد نقله من الشخص بعد تحقق موته، ويمكن نقل العضو بعد موت جذع الدماغ، فإنه يَحْرُمُ ذلك النقل ويكون ذلك بمثابة قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.

2. الضرورة القصوى للنقل بحيث تكون حالة المنقول إليه المرضية في تدهورٍ مستمرٍّ ولا يُنقِذُهُ من وجهة النظر الطبية إلا نقل عضو سليم من إنسان آخر حيٍّ أو ميتٍ، ويكون مُحَقِّقًا للمنقول إليه مصلحةً ضروريةً لا بديل عنها.

3. أن يكون الميت المنقول منه العضو قد أوصى بهذا النقل في حياته وهو بكامل قُوَاهُ العقلية ودون إكراه ماديٍّ أو معنويٍّ، وعالمًا بأنه يوصي بعضو معين من جسده إلى إنسان آخر بعد مماته، وبحيث لا يؤدي النقل إلى امتهان لكرامة الآدمي؛ بمعنى أنه لا تتضمن الوصية نقل كثير من الأعضاء تجعل جسد الآدمي خاويًا؛ لأن هذا ينافي التكريم الوارد في قوله تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70].

4. ألَّا يكون العضو المنقول من الميت إلى الحي مؤديًا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال كالأعضاء التناسلية وغيرها، وذلك كما هو الحال في نقل العضو من حيٍّ إلى حيٍّ تمامًا.

5. أن يكون النقل بمركز طبي متخصص مُعْتَمَدٍ من الدولة ومرخَّصٍ له بذلك مباشرةً دون أي مقابل ماديٍّ بين أطراف النقل، ويستوي في ذلك الغني والفقير، وبحيث توضع الضوابط التي تساوي بينهما في أداء الخدمة الطبية، ولا يتقدم أحدهما على الآخر إلا بمقتضى الضرورة الطبية فقط التي يترتب عليها الإنقاذ من الضرر المحقق أو الموت والهلاك الحال.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان