ما حكم الوصية بإخراج فدية الصيام من تركة الميت؟!
شخص أقام بمدينة باريس عاصمة فرنسا مدة عشر سنين لم يصم فيها رمضان؛ لأنه كان يعتقد أنه لا يستطيع الصوم، وأن الصوم يضر بصحته، ولم ينوِ صومًا في يوم من أيام رمضان في العشر سنين، ولا في ليلة من لياليه، وقد أوصى قبل وفاته بأن يعمل إسقاط بدلًا عما فاته من الصوم في المدة المذكورة من ماله الذي يموت عنه، وقد مات وترك تركة يسع ثلثها تنفيذ وصيته مهما بلغت قيمة هذا الإسقاط، وبما أن الوصي يرغب في تنفيذ هذه الوصية ويريد أن يعلم مقدار ما يخرجه عن كل يوم بدلًا عن صومه مقدرا ذلك بالمكاييل المصرية أو القيمة، وهل تبرأ ذمة المتوفى من الصوم أو لا؟ فنرجو من فضيلتكم الجواب عن ذلك.
تجيب لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:
المنصوص عليه شرعًا أن حكم الصوم في شهر رمضان إن أفطر فيه المسافر والمريض وماتا قبل الإقامة والصحة؛ فلا يلزمهما الإيصاء به؛ لعدم إدراكهما عدة من أيام أخر، وأن من أفطر فيه بغير عذر لزمه الوصية بما قدر عليه وبقي في ذمته حتى أدركه الموت بجميع ما أفطره؛ لأن التقصير منه، ونصوا على أنه إذا أوصى بفدية الصوم يحكم بالجواز قطعًا؛ لأنه منصوص عليه، وأما إذا لم يوص فتطوع بها الوارث فقط، قال محمد في الزيادات: إنه يجزئه إن شاء الله تعالى.
فعلق الإجزاء بالمشيئة؛ لعدم النص كما نص على ذلك في رد المحتار على الدر المختار بصحيفة 766 من الجزء الخامس طبعة أميرية سنة 1286 هجرية، وفي نور الإيضاح وشرحه؛ حيث قال ما نصه: "وإن لم يوص وتبرع عنه وليه أو أجنبي؛ جاز إن شاء الله تعالى؛ لأن محمدا قال في تبرع الوارث بالإطعام في الصوم: يجزئه إن شاء الله، من غير جزم، وفي إيصائه جزم بالإجزاء".
ونصوا على أنه إذا أوصى بفدية الصوم يخرج عنه من له التصرف في ماله -لوراثة أو وصاية- من ثلث ما ترَكه لصوم كل يوم نصف صاع: من بر، أو دقيقه، أو سويقه، أو صاعًا: من تمر، أو زبيب، أو شعير؛ أو قيمته. ودفع القيمة أفضل؛ لتنوع حاجات الفقير.
ونص في الفتاوى المهدية بالصحيفة التاسعة من الجزء الأول على: أن الصاع ما يسع ألفًا وأربعين درهمًا من ماش أو عدس، وقدره بعضهم بقدحين وثلثي قدح بالمصري، ودفع القيمة أفضل من دفع العين على المفتى به، وهذا في السعة، أما في الشدة فدفع العين أفضل.
ومن هذا يعلم أن المقدار الواجب عن صوم كل يوم هو نصف صاع من بر أو دقيقه أو سويقه، أو صاع تمر أو زبيب أو شعير؛ أو قيمته، وأن دفع القيمة أفضل من دفع العين على المفتى به في وقت السعة، أما في الشدة فدفع العين أفضل، وأن مقدار نصف الصاع هو قدح وثلث قدح بالكيل المصري، وأن ذمة الموصي المتوفى تبرأ بهذا الإيصاء قطعًا حيث أوصى.
والله أعلم.
فيديو قد يعجبك: