هل يجوز قطع الطواف للصلاة المكتوبة ؟
تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية :
الطواف هو: الدوران حول البيت الحرام، قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} .. [البقرة: 158]، ومن الطواف ما هو واجب كطواف الإفاضة ومنه ما هو سنة كطواف القدوم، ويشترط في الطواف الموالاة كالصلاة فلا يقطع إلا لعذر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم والى في طوافه ولم يقطعه، وقال صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» . (أخرجه مسلم)، ولما رواه النسائي عن طاوس قال: قال رسول الله ﷺ: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاةٌ»، ومن هذه الأعذار التي يقطع فيها الطواف إقامة الصلاة المكتوبة، لأن الطواف وإن كان واجبًا إلا أن الصلاة المكتوبة أوجب؛ لأنه متى تعارض واجبان يقدم آكدهما.
ودليل أوجبية الصلاة، أنها من أركان الإسلام الخمس، أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان»، وما يؤكد على أهمية توقيتاتها، ما قاله الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، وما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»، فدل ذلك على أن الصلاة المفروضة أهم من الطواف وأوجب.
وإذا تقرر مشروعية قطع الطواف للصلاة المكتوبة، فلا يخلو الأمر من احتمالات:
إما أن يبتدئ الطواف من أوله ولا يبني على ما فعل.
وإما أن يبني على ما فعل، وإذا بنى على ما فعل ففيه احتمالان: إما أن يلغي الشوط الذي قطعه في أثنائه، فيصلي ثم يعود إلى استكمال الأشواط، وإما أن يبتدئ من الموضع الذي خرج منه، وهذا مبني على أن الطواف كله عبادة واحدة لا تتجزأ، وهي كالصلاة من جميع الوجوه إلا جواز الكلام فيه كما قال رسول الله ﷺ، أم أن الطواف عبادة لها أجزاء، وأجزاؤها على سبعة أشواط، والترتيب أو الموالاة تكون في عبادة مختلفة لها أركان مختلفة، وهذه الأجزاء السبعة ليست مختلفة فيما بينها كالطهارة والصلاة، فالطهارة لها أعضاء مختلفة، والصلاة لها أركان مختلفة، ولكن الطواف بأشواطه السبعة لا اختلاف بينها، فلا ترتيب فيه، وهذا هو القول الأرجح، لما استشهد به الشيرازي في المهذب أن ابن عمر رضي الله عنهما: «كان يطوف بالبيت، فلما أقيمت الصلاة صلى مع الإمام ثم بنى على طوافه»، وقال المالكية: يستحب إكمال الشوط إن استطاع الطائف ثم الذهاب إلى الصلاة.
وعليه: فإذا أقيمت الصلاة المكتوبة على من يطوف طوافًا مفروضًا أو مندوبًا، فله أن يقطع الطواف ويصلي ثم يبني على ما قطعه من أشواط الطواف ويستكملها، وإذا قطع الطواف في أثناء الأشواط فإنه يعيد هذا الشوط الذي قطع في أثنائه، ويبني على الأشواط السابقة.
والله تعالى أعلم.
فيديو قد يعجبك: