المفتي السابق يوضح ما يجب فعله وما هو المنهي عنه في أيام التشريق
كتبت - سماح محمد:
قال الدكتور على جمعة - مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف - إن للعبادات في الإسلام حكما وأسرارا تنكشف لكل ذي تفكير سليم وعقل راجح ونفس راقية، ويعد الحج من أعظم العبادات أسرارا وأكثرها حكما، تتمثل هذه الأسرار وتلك الحكم في شعائره جميعها من طواف وسعي ووقوف.. إلخ، وتمتد أيضا إلى سائر الشعائر التي ترتبط بالحج وتجمع الأمة الإسلامية تحت لوائها كيوم العيد وأيام التشريق.
وأوضح فصيلته من خلال صفحته الرسمية على فيسبوك أن أيام التشريق هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وسميت بـ التشريق؛ لكثرة ما ينشر في الشمس من اللحم فيها، وهي أيام ذكر لله تعالى وشكر له، قال ﷺ: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله».. [صحيح مسلم]، وهي أيام يحرم الصوم فيها لغير الحاج، قال ﷺ: «يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب».. [سنن الترمذي]، وهي الأيام المعدودات المذكورة في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}.
وأكد المفتي السابق أن الشرع الشريف قد حث على الإكثار من ذكر الله تعالى في أيام التشريق، حيث يتأكد في هذه الأيام المباركة التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبات، والتكبير المطلق في كل وقت إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر، وقد امتثل الصحابة لذلك، فقد كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا.
واستشهدا جمعة بأنه قد ورد فى الأثر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي مجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا، وكانت ميمونة رضي الله عنها تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عفان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المساجد. [صحيح البخاري].
وأوضح فضيلته الحكمة من كون هذه الأيام أيام أكل وشرب فيه إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته، وذلك من تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات، وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له، قال ﷺ: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها» في أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر، وبذلك تتم النعمة.
وكذلك الحمة من النهي عن صيام أيام التشريق بعد العمل الصالح في العشر الأول من ذي الحجة لمن لم يحج وبعد أعمال الحج للحاج لفتة إلى حال المؤمنين في الدنيا؛ فإن الدنيا كلها أيام سفر كأيام الحج، وهي زمان إحرام المؤمن عما حرم الله عليه من الشهوات، فمن صبر في مدة سفره على إحرامه وكف عن الهوى؛ فقد قضى تفثه ووفى نذره، وصارت أيامه كلها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل، وصار في ضيافة الله عز وجل في جواره بجنة الخلد، ولهذا يقال لأهل الجنة: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، ويقال لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}؛ فمن صام اليوم عن شهواته أفطر عليها غدا بعد وفاته، ومن تعجل ما حرم عليه من لذاته عوقب بحرمان نصيبه من الجنة وفواته.
أما عن الأعمال التي يجب على المسلم فعله في أيام التشريق يقوم المسلم بالذكر والصلة والمودة؛ نفحات تتوالى عليه وهدى من الله ورضوان، فينبغي على المسلم أن يصطحب هذه النفحات معه في سائر أيامه بعد أيام التشريق؛ واصطحابها يكون بالإتيان بأسبابها من الذكر لله تعالى في كل حال،وصلة الأقارب والمودة والرحمة بإخوانه ومواطنيه، والامتثال بأوامر الله سبحانه في كل حين لتكون نفحات هذه الأيام نعمة منه تعالى على المجتمع الإسلامي بأسره، وهداية منه تعالى لعباده ورحمة منه ورضوان.
وفى النهاية دعا فضيلته قائلا: "فاللهم تقبل منا ومنكم صالح الأعمال، واجعلها خالصة لوجهك الكريم، وانشر بيننا وحولنا السعادة والحب والطمأنينة والسلام.. وكل عام وكل المصريين والعالم العربي والإسلامي بل كل إنسان بخير ويمن وبركات".
فيديو قد يعجبك: