في ذكرى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. صوت مكة الذي عانق السماء
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتبت – سارة عبد الخالق:
عندما تستمع إلى إذاعة القرآن الكريم من المؤكد أن صوته العذب وأداءه المميز يسحرك ويسلب الأذهان، فلا يزال صوته يصافح آذان المستمعين..
اليوم أمر علينا ذكرى وفاة صوت من الأصوات التي تعانق السماء... صوت حفر اسمه كأحد أشهر قراء القرآن الكريم على مستوى العالم الإسلامي خاصة وعلى مستوى العالم أجمع، هو (الشيخ عبد الباسط عبد الصمد) الملقب بـ "الحنجرة الذهبية" و"صوت مكة"..
أسرة قرآنية
"ولد الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد سليم داود بقرية المراعزة التابعة لمدينة أرمنت بمحافظة قنا، في ملطع يناير من عام 1927 م، كان تلقى رحمة الله عليه قسطا بسيطا من التعليم، نشأ في أسرة قرآنية، فجده هو الشيخ عبد الصمد من الحفظة المشهود لهم بالتمكن في حفظ القرأن الكريم، أما جده من جهة أمه هو العارف الشيخ أبو داود رضي الله عنه صاحب المقام المعروف بمدينة أرمنت، وكان والده هو الشيخ محمد عبد الصمد أحد المجودين المجيدين للقرآن الكريم، وشقيقاه محمود وعبد الحميد فكانا يحفظان القرآن الكريم بالكتاب فلحق بهما الابن الأصغر عبد الباسط وهو في السادسة من عمره وحفظ القرآن الكريم كاملا في العاشرة من عمره، كما درس علوم القراءات السبع وحرص الشيخ سليم على تقديمه إلى كافة الحفلات الدينية التي كان يدعى إليها، فذاع صيته وقتها في قريته وفي جميع القرى المجاورة، فأخذ يجوب قرى ومراكز محافظات الصعيد ما يقرب من عشر سنوات"، وفقا لما جاء في كتاب (ألفُ معلومة عن القرآن الكريم) للدكتور صلاح عبد اﻟﺘواب سعداوي.
أضاف سعداوي في كتابه متحدثا عن مسيرته وكيف أصبح سريعا واحدا من أعظم الأصوات التي تسحر المستمعين حيث قال: "رحل الشيخ عبد الباسط إلى القاهرة عام 1950 م للمشاركة في الاحتفال بمولد السيدة زينب – رضي الله عنها -، وتعددت الأسباب – على حد قول مؤلف الكتاب – ليجد القارىء الصعيدي العبقري نفسه جالسا على نفس الدكة التي يقرأ عليها القارىء العظيم عبد الفتاح الشعشاعي، وينطلق صوته الذهبي بما تيسر من سورة الأحزاب ليزلزل الدنيا بأكملها، ويصبح في لمح البصر ثالث أعظم صوت يصافح آذان المستمعين".
تلاوة عطرة
ويقال إن "المستمعين انفعلوا كثيرا من الأثر الذي تركته تلاوته العطرة وطلبوا منه الإعادة، وأصبح من هذه الليلة حديثا لكل الناس وخاصة مشاهير القراء الذين نصحوه بتقديم أوراقه للإذاعة المصرية ليتم اعتماده فيها كأحد القارئين الرسمبين بها، وبالفعل ساعده الشيخ الضباع، في تقديم تسجيل للتلاوة بصوته في هذه الليلة المباركة للجنة الإذاعية، فانبهر الجميع بحلاوة التلاوة وعمق أثرها وتم اعتماد الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بالإذاعة في نهاية عام 1951 م".
وبعد التحاقه بالإذاعة المصرية، سافر إلى المملكة العربية السعودية برفقة والده لأداء فريضة الحج، وقرأ في الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف حتى أطلقوا عليه (صوت مكة)، وحرصت الإذاعة السعودية على استثمار صوت الشيخ عبد الباسط الرائع في تلاوة القرآن، فقاموا بتسجيل المصحف برواية حفص عن عاصم بصوته العذب، وطلب منه المسئولون آنذاك أن يسجل عدة تسجيلات خاصة لإذاعة المملكة، ويتم بثها عبر موجات الأثير الإذاعية.
ترحاب وحفاوة
ولاقى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد حفاوة وترحاب من كل انحاء العالم، حيث انهالت عليه الدعوات من بلدان كثيرة طالبين إياه من أجل إحياء احتفالاتهم أو من أجل الاحتفال به شخصيا، فكان يتم استقباله رسميا على مستوى الحكومات والقيادات والشعوب، فعند زيارته لجنوب إفريقيا تم إرسال وفد إعلامي من رجال الصحافة والإذاعة لإجراء لقاءات وحوارات دينية معه ويسألونه عن رأيه في القضايا الخاصة ببلادهم، وفي باكستان استقبله الرئيس الباكستاني بنفسه في المطار ليصافحه، وعندما قام بقراءة القرآن الكريم في أحد مساجد إندونيسيا امتلأت جنبات المسجد بالمستمعين، ووصل عدد الواقفين في ساحة المسجد أكثر من ربع مليون مصل ظلوا يستمعون إليه حتى فجر اليوم التالي- وفقا لما ذكر في كتاب (ألحان من السماء).
قرأ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد القرآن الكريم في العديد من المساجد المشهورة منها: المسجد الأقصى بفلسطين، والمسجد الإبراهيمي بالخليل في فلسيطين والمسجد الأموي في دمشق، بالإضافة إلى مساجد في الهند ولندن وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، كان يشارك في العديد من المسابقات الدولية وكان يحصل دائما على المركز الأول فيها، وشارك كمحكم في عدد من المسابقات، وتولى رئاسة نقابة قراء مصر وكان عضو في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وتم تكريم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وحصل على العديد من الأوسمة من مختلف الدول العربية والإسلامية.
حادث المنصة
كان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد شاهدا على حادث المنصة الذي اغتيل فيه الرئيس السابق محمد أنور السادات، حيث أن الشيخ عبد الباسط كان قد تلقى اتصالا من رئاسة الجمهورية للقيام بقراءة القرآن في احتفالات أكتوبر – آنذاك – لكنه رفض في بداية الأمر نظرا لارتباطه بحفل في الأسكندرية، ولكن مع إصرار الرئاسة وافق على أن يترك الاحتفال مباشرة بعد إتمامه القراءة حتى يتمكن من الذهاب إلى الإسكندرية، إلا أنه أثناء تواجده في الحفل طلب من الضباط السماح لله بالانصراف عقب انتهائه من القراءة إلا أنهم رفضوا بسبب الإجراءات الأمنية، مما اضطره إلى البقاء في الحفل، فكان شاهدا على الواقعة .
جنازة مهيبة
رحل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بعد رحلة حافلة من العطاء القرآني تاركا وراءه مكتبة ضخمة من التسجيلات الرائعة تناقلتها إذاعات القرآن الكريم بصوته الرخيم عبر الأثير إلى كل بقاع الأرض، حيث توفى الشيخ الجليل – رحمة الله عليه - في مثل هذا اليوم الموافق 30 نوفمبر من عام 1988 م بعد صراع مع مرض السكري، ورحلة قصيرة للعلاج في لندن من التهاب الكبدي، ثم عاد إلى مصر، وتوفاه الله وكانت جنازته وطنية ورسمية مهيبة، وحضر جنازته العديد من سفراء دول العالم نيابة عن رؤسائهم وملوكهم.
رحم الله الشيخ عبد الباسط عبد الصمد .. صوت مكة..
فيديو قد يعجبك: