توفيت بعد أن بلغت 100 سنة.. كريمة المروزية أول امرأة درَّست صحيح البخاري
كتب - هاني ضوه:
لم تكن المرأة في التاريخ الإسلامي بمعزل عن بناء الحضارة وحفظ الدين، بل كان هناك من النساء من يشار إليهن بالبنان، وكان لهن أثر بارز في كافة العلوم الإسلامية.
وفي هذا التقرير يرصد مصراوي قصة عالمة وفقيهة ومحدثة تتلمذ على يديها كبار علماء عصرها وإليها ينتهى أعلى سند لصحيح الإمام البخاري، فقد كانت أول امرأة درَّست صحيح البخاري حيث كانت تشتهر برواية صحيح البخاري وإسماعه فأصبح اسمها مرتبطًا به، وأصبحت من محدثات القرى الخامس الهجري.
إنها المحدثة الفقيهة كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية، والتي ولدت في "مرو الشاهجان"، وهي مرو الكبرى أشهر مدن خراسان، خرج بها أبوها إلى بيت المقدس، وعاد بها إلى مكة حيث جاورت بحرم الله.
عاشت كريمة المروزية حياتها كلها في طلب العلم والتعليم فلم تتزوج، وكانت تنتظر موسم الحج حيث يجتمع العلماء في مكة، لتنهل من علمهم حتى أصبح يشار إليها بالبنان، وتلقت علوم الفقه من كبار الفقهاء والعلماء أمثال: زاهر بن أحمد السرخسي، وعبد الله بن يوسف بن بامويه الأصبهاني، وسمعتْ من أبي الهيثم الكشميهني صحيح البخاري.
وبلغت درجة عالية من العلم والفَهم والنباهة وحدّة الذهن بحيث ترحَّلَ إليها أفضل العلماء لتلقي العلم منها، وعُقد لها مجلس بمكة المكرمة تجتمع فيه بالطلبة والأفاضل من رجال كل علم، وكان أكثر مَيْلها إلى الحديث، حتى بلغت فيه حدّاً لم يبلغه غيرها.
وقد وصفها الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء" بأنها: «الشيخة، العالمة، الفاضلة، المسندة، أم الكرام كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية المجاورة بحرم الله.... وكانت إذا روت قابلت بأصلها، ولها فهم ومعرفة مع الخير والتعبد. روت "الصحيح" مرات كثيرة: مرة بقراءة أبي بكر الخطيب في أيام الموسم، وماتت بكرا لم تتزوج أبدا».
ومن علو إسنادها في صحيح البخاري أصبحت نسختها التي ترويها هي النسخة المعتمدة، وهو ما نوّه إليه أمير المؤمنين في الحديث وشارح صحيح البخاري الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه: "فتح الباري في شرح صحيح البخاري"، حيث قال: "من أهم النسخ هي نسخة المحدثة كريمة بنت أحمد المروزية حضر دروسها أكابر علماء الحديث ونالوا منها الاجازة وحدثت بـ (صحيح البخاري) عن كبار الحفاظ والمسندين منهم: (ابو الهيثم محمد بن المكي الكشميهني) وزاهر بن احمد السرخسي وعبدالله بن يوسف بن باموية الاصبهاني درس عليه في مكة المكرمة كبار المحدثين من المشرق والمغرب حتى أن محدث هراة الحجة أبا ذر الهروي أوصى تلاميذه بألا يأخذوا (صحيح البخاري ) إلا عنها".
وقد بلغت كريمة المروزية من العمر مائة سنة قضتها في العلم والتعليم وذلك عام 463 هجريًا، وهو ما ذكره الإمام ابن نقطة في كتابه "التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد" فقال: " وماتت بعد أن بلغت المائة من عمرها. قال ابن نقطة: نقلت وفاتها من خط ابن ناصر سنة خمس وستين وأربعمائة. قلت: الصحيح موتها في سنة ثلاث وستين".
فيديو قد يعجبك: