لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عبد الرحمن بيصار.. الفيلسوف الذي تولى مشيخة الأزهر

02:05 م الأحد 20 أكتوبر 2019

عبد الرحمن بيصار

كتبت- آمال سامي:

بيصار، إمام الجامع الأزهر، الفيلسوف الذي تولى مشيخة الأزهر قبل الإمام الطيب بعدة سنوات، يتفقان في تخصصهما العلمي في العقيدة والفلسفة والنبوغ فيهما، قبل وفاته، وجه بيصار علماء الأزهر إلى الاهتمام باللغات الأجنبية لا لمجرد التحدث بها فقط، ولكن لتكوين أجهزة في الأزهر تترجم ما ينشر في العالم الإسلامي وفي العالم الخارجي عن الإسلام وترد عليه وتنشر ثقافة الأزهر بالخارج، وهو الدور الذي يقوم به الآن بالفعل مرصد الأزهر، وبعد اكثر من 27 عامًا من توصياته.

ولد في مثل هذا اليوم الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار عام 1910م، بقرية السالمية التابعة لمحافظة كفر الشيخ، نال أبوه مكانة كبيرة لدى أهل قريته وكان من أهل العلم لكنه لم يستطع أن يتعلم بالأزهر ويكون من رجاله، وتمنى أن يحقق ابنه هذا الحلم، فحفظ محمد بيصار القرآن الكريم على يد والده وألتحق بمعهد دسوق الديني، ثم أكمل دراسته بمعهد طنطا الديني، وفي تلك المرحلة برزت موهبته الأدبية التي تجسدت في رواية كتبها واسماها "بؤس اليتامى" تحدث فيها عما يعانيه الأيتام من ظلم من الأوصياء عليه ومن المجتمع أيضًا.

على الرغم من أن قصته حازت إعجاب الناس إلا أن إدارة المعهد لم يرضها اشتغال أحد طلاب العلم الديني بالتأليف الأدبي، فهو في نظرها مهانة لا تليق بطالب العلم، فأحيل للتحقيق وتم نقله لمعهد الإسكندرية، وهناك كان المناخ السائد مناسبًا له أكثر، حيث كانت العقول أكثر تفتحًا وتشجيعًا للمواهب المفكرة والنابعين.

كانت تلك الفترة حرجة في تاريخ مصر، وكان الأزهر وقتها يموج بحركة التجديد والإصلاح ويمر بأزمة مالية عنيفة دفعت بعض طلابه إلى التحول من الدراسة الدينية للعمل صيارفة في الأقاليم أو الإلتحاق بمدارس المعلمين وغيرها من المهن، وهو ما دفع البيصار إلى العودة إلى بلاده ليناقش والده في مستقبله بعيدًا عن الأزهر، فقال له الأب: إن الدين ليس سلعة تجارية، والرزق بيد الله وحده، والذي خلقك هو المتكفل بك، فعد إلى دراستك واتكل على الله، فإنه لا تدري نفس ماذا تكسب غدًا، والله لا يتخلى عن عباده، وكل شيء عنده بمقدار. فالتزم بيصار بنصيحة والده وألتحق بعد دراسته الثانوية بكلية أصول الدين وتخرج منها عام 1939م،

وتخصص في العقيدة والفلسفة حتى حصل على العالمية بدرجة أستاذ سنة 1945م، وبعد عام واحد عين مدرسًا بكلية أصول الدين.

اختير من قبل الأزهر عام 1949م عضوا في إحدى البعثات التعليمية حيث تنقل بين الجامعات الإنجليزية حتى استقر به الحال في النهاية بالحصول على الدكتوراه في الفلسفة العامة من جامعة "أدنبرة".

تولى عدة مناصب قبل توليه المشيخة، ففي عام 1955م عين أستاذًا بكلية أصول الدين، وتولى مدير المركز الثقافي الإسلامي بواشنطن، واستطاع البيصار التأثير على كافة الطوائف الإسلامية الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي من بينها السنة والشيعة، والقديانية والبهائية والإسماعيلية وغيرها، وحظى بيصار باحترام الجميع. وفي عام 1963 أختير رئيسًا لبعثة الأزهر التعليمية في ليبيا، ثم عاد وعين أمينًا عامًا للأزهر عام 1968م، وكان بيصار ضمن الأزاهرة الذين شاركوا في قوافل التوعية الدينية للجنود والظباط أثناء حرب الإستنزاف.

تولى بيصار كذلك منصب أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أيضًا، وهو أحد المناصب الهامة. وفي عام 1974 تولى منصب وكالة الأزهر الشريف، وبعدها بأربع سنوات عين وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر حتى صدر قرارًا جمهوريًا بتعيينه شيخًا للأزهر عام 1979م، وكان أول ما فعله حين تولى المشيخة أن شكل لجنة كبرى لدراسة قانون الأزهر ولائحته التنفيذية. وفي الفترة التي تولى فيها البيصار المشيخة كان هناك صراعًا بين السلطة السياسية وبعض فصائل المعارضة، سواء من التيار الإسلامي أو غيره، ودعا بيصار إلى عدم معارضة الحاكم إلا في الضرورة القصوى، ووقف أمام التيار العلماني ودعا لتطبيق الشريعة الإسلامية وعدم التضييق على دعاة المسلمين. وتكليلًا لجهوده في تطوير الازهر، منح قلادة الجمهورية.

للإمام بيصار عدة مؤلفات أهمها الوجود والخلود في فلسفة ابن رشد، والإسلام بين العقائد والأديان، والعقيدة والأخلاق في الفلسفة اليونانية، والواجب والممكن والممتنع، وغيرها.

وفي الثامن والعشرين من مارس عام 1982م، توفى الإمام بيصار ودفن بمقابر المجاورين وصلي عليه بالجامع الأزهر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان