"ركن الإسلام" الإمام الجرجاني .. الفقيه الأصولي الفريد
كتب – هاني ضوه :
كانت العراق بمدنها المختلفة حاضنة لكبار العلماء في مختلف الفنون، فبرع فيها نوابغ أثروا الحياة العلمية، ومن هؤلاء الإمام أبو عبدالله محمد بن يحيى بن مهدي الجرجاني، أحد أعلام المذهب الحنفي وعلم الحديث الزاهد الورع، الذي تحل ذكرى وفاته في مثل هذا اليوم 20 رجب عام 398هـ.
لقب الإمام محمد بن يحيى الجرجاني بـ "ركن الإسلام"، وقد ولد في الثلث الأول من القرن الرابع الهجري في بلاد جرجان وهي مدينة فارسية شهيرة، تقع على نهر الديلم جنوب بحر قزوين بين طبرستان وخرسان.
سكن الإمام الجرجاني بغداد حتى وفاته فيها، وهناك تتلمذ على أيدي كبار العلماء الأحناف هناك، وكان يدرس فيها بمسجد قطيعة الربيع.
وذكرت المصنفات التي ترجمت له الإمام الجرجاني يعد من أعلام الأحناف العراقيين الكبار، فهو في الطبقة الأولى من تلاميذ أبي بكر الجصاص ومن شيوخ أبي الحسين القدوري شيخ الحنفية في العراق.
كما أن لأبي عبدالله الجرجاني منزلة رفيعة لدى فقهاء الحنفية، فهو يعد من طبقة أصحاب التخريج الضابطين لأصول المذهب الحنفي ومآخذه، ولذا برزت العناية بنقل أقواله من قبل عدد من متقدمي الحنفية وكبارهم، من أمثال تلميذه أبي الحسين القدوري، وأبي العباس الناطقي، والسرخسي، والكاساني وغيرهم.
وذكرت دراسة لآراء الأصولية للدكتور هشام السعيد أنه كانت له جملة من الآراء الأصولية المتميزة التي اهتم بنقلها بعض علماء الأصول ليس فقط في المذهب الحنفي فحسب، بل نقل عنه عدد من علماء الأصول الحنابلة.
وكان للإمام الجرجاني اهتمام خاص بأصول الفقه، وله فيه كتاب هو اليوم في عداد المفقود، غير أن جملة من آراؤه الأصولية لا تزال مبثوثة في مصنفات الأصول، وقد اتسمت آراءه تلك بالاستقلالية التي أبانت عن شخصيته العلمية، وقد خالف عامة الحنفية في عدد من المسائل وتفرد بأقوال لم يسبقه إليها أحد.
ومن تلامذته الذين فقهوا على يديه ونقلوا عنه أبو الحسين القدوري، صاحب المتن، و أحمد بن محمد الناطفي، وأبو سعد إسماعيل بن علي السمان الرازي، (ذكره في معجم شيوخه)، وأبو نصر الشيرازي في فوائده.
في نهاية حياته أصيب الإمام محمد بن يحيى الجرجاني بداء الفالج، حتى توفي يوم الأربعاء العشرين من شهر رجب عام 398هـ الموافق 1007م، ودفن في مقبرة الخيزران، إلى جانب قبر الإمام أبي حنيفة النعمان.
فيديو قد يعجبك: