إعلان

في ذكرى وفاة الشيخ مصطفى اسماعيل ورحلته من "التزويغ من الكُتاب" ليصبح "مغرد السماء"

06:21 م الأحد 26 ديسمبر 2021

الشيخ مصطفى اسماعيل

كتبت – آمال سامي:

"كان مصطفى إسماعيل طفلًا دائم الهرب والتزويغ من الكتاب، وكان لحسن حظنا وجهًا مألوفًا في القرية وابنًا لأحد كبارها، وكلما هم بالتزويغ مع رفاقه ضبطه أحدهم فيبلغ أهله"، يحكي عمر طاهر في كتابه صنايعية مصر عن طفولة الشيخ مصطفى اسماعيل رحمه الله، قارئ الملوك والرؤساء، وعبقري التلاوة، ومغرد السماء، واليوم تحل ذكرى رحيله الـ 43 إذ توفي عام 1978م.

ولد مصطفى اسماعيل في السابع عشر من يونيو عام 1905 في قرية ميت غزال في أسرة متدينة من أكابر قريته بمحافظة الغربية، وألحقه والده بكتاب القرية منذ كان عمره خمس سنوات، وعلى الرغم من أنه لم يكن منضبطًا في الذهاب للكتاب إلا أنه استسلم أخيرًا للشيخ عبد الحميد النجار، حتى أتقن القرآن الكريم واتمه وعمره 12 عامًا، ثم درس التجويد والقراءات على يد الشيخ إدريس فاخر، وعلى يده اتقن التجويد والتلاوة بالقراءات العشر.

كانت نقطة الإنطلاقة الحقيقية في حياة مصطفى إسماعيل حين انتقل لطنطا، إذ بدأ هناك التلاوة في المناسبات العامة، وفي إحدى هذه المناسبات، يروي عمر طاهر، وبعدما أنهى الشيخ محمد رفعت تلاوته، جلس مكانه المراهق مصطفى اسماعيل وعمره لم يكد يتجاوز الخامسة عشر، لينهره أحد الحاضرين قائلًا "بلاش شغل عيال" إلا أن الشيخ رفعت طلب منه أن يقرأ حتى يطلب منه أن يتوقف، ولم يطلب منه التوقف إلا بعد ساعة ونصف، "تحول خلالها المأتم إلى حفل أمتع فيه مصطفى إسماعيل الحاضرين، وطلب منه الشيخ رفعت أن ينهي دراسته ويهتم بها لأن المستقبل يعده بشأن عظيم"، وبعدها بدأ الشيخ مصطفى اسماعيل يتفرغ للتلاوة، وكانت نقطة الانطلاق الثانية، حين قرر ذات مرة السفر للقاهرة لشراء ملابس تليق بمقريء.

عزم اسماعيل الانضمام لرابطة المقرئين في القاهرة، ووعد مسئولها ان يدفع شهريًا جنيهًا كاملًا لا قرش كما كان مقررًا، فطلب منه المسئول ألا يعود لبلاده إلا بعد أن يرتب موعدًا له مع كبار المقرئين، وكان ذلك في اليوم التالي في احتفال الإذاعة المصرية بالمولد النبوي من مسجد الإمام الحسين، وتغيب لسبب ما الشيخ الشعشاعي، ليأخذ مسئول الرابطة بيد مصطفى اسماعيل ويجلسه على مقعد التلاوة ليتلو على مسئوليته، وعندما عاد لقريته اكتشف اسماعيل أن الملك فاروق كان يستمع للإذاعة وسمعه، فوجد العمدة والمأمور يأمرانه بتسليم نفسه للديوان الملكي، وهناك عرف أنه قد تم تعيينه القارئ الرسمي للقصر الملكي.

اصبح الشيخ بعدها قارئًا للجامع الأزهر منذ عام 1947 وحتى وفاته، وظل رافضًا التعامل مع الإذاعة المصرية لواقعة يرويها الكاتب الصحفي كمال النجمي: "لم ألق الاستقبال اللائق بي كقارئ للقرآن الكريم، انتظرت ثلاثة أرباع الساعة في حجرة سكرتير الأستاذ محمد فتحي، ثم أذنوا لي بالدخول عليه فوجدته مشغولا بمكالمة تليفونية طويلة، ومكثت واقفا دون أن يدعوني للجلوس، فلما انتهي من مكالمته الطويلة، نظرت إليه بغضب وقلت له ‏:‏ أنا لا أريد العمل في الإذاعة، ولم أحضر إلي هنا لاستعطافك، ولكني حضرت لأني وعدت رجالك بالحضور إليك، وقد أدهشتني طريقة استقبالك لي، ولهذا لن أعمل في الإذاعة، وأرجو ألا تتصلوا بي مرة أخري لأني لن أحضر‏"، فلم يعمل مع الإذاعة إلا بعدها بفترة طويلة عندما أقعد المرض الشيخ محمد رفعت.

كانت وفاة الشيخ مصطفى اسماعيل بعد حفل أقامه للرئيس الراحل أنور السادات لافتتاح مسجد البحر في دمياط، وحين عودته شعر بالتعب، وأخبر سائقه بالتحرك إلى الإسكندرية ومنزله هناك، وبالفعل توفى قبل أن يدخل المنزل، ويروي ابنه عاطف مصطفى اسماعيل في إحدى تصريحاته الصحفية أن الشيخ مصطفى أوصى بدفنه في منزله، وبعد وفاته تطلب الأمر الحصول علي تصريح خاص وكان الامر صعباً، ولكن عندما علم السادات بالوصية أشار على سكرتيره فوزي عبدالحافظ بتنفيذها، وبالفعل تم دفنه في حديقة منزله بـ ميت غزال.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان