"الإنسانية قبل التدين".. الجفري يرد: هل التطرف الديني مبرر كاف للإلحاد؟
كتبت – آمال سامي:
في حلقات مقتطفة من كتابه "الإنسانية قبل التدين" للشيخ الحبيب علي الجفري، يرصد الداعية، في 30 حلقة قصيرة ومنفذة برسومات الكولاج المتحركة، كيف تكون الإنسانية قبل التدين في ظل الحاجة إلى منظومة قيم أعلى وقابلة للتطبيق، مؤكدا أن النقص في الإنسانية يتبعه حتما نقص في التدين.
"جعلوني ملحدًا" عنوان الحلقة الرابعة من سلسلة الإنسانية قبل التدين للحبيب علي الجفري، تحدث فيها عن فكرة قول البعض بأن الإلحاد رد فعل عكسي للتدين المغلوط والتطرف الديني، مجيبًا عن سؤال، هل يكون التطرف الديني والتدين الخاطيء مبررًا كافيًا لترك التدين والإلحاد؟ فيقول الجفري: "كثيرًا ما تظهر بعض الأصوات التي تدعو إلى ترك الدين بزريعة ما أفسدته بعض الجماعات المنتسبة إلى العمل الإسلامي بأقوالها وتصرفاتها التي لا تتفق مع أي دين"، مؤكدًا أنه من الطبيعي أن يحتاج الشباب لمراجعة المسلمات الدينية الموروثة طلبًا لمعرفة الحقيقة بشرط سلوك المنهج العلمي الجاد، بل واجبهم أن يفعلوا ذلك في عصر العلم، لكن ما يراه الجفري خطئًا ليس هو مراجعة المسلمات وإنما الربط بين هذا القرار وبين النماذج القبيحة من أفعال واقوال كثير من المنتسبين إلى التدين، وإلى الدعوة إليه.
"من يبرر لنفسه ترك الدين بسبب سلوكيات المتدينين الخاطئة ينبغي أن يراجع مصداقيته مع نفسه من الناحية الأخلاقية والعقلية"، فيقول الجفري إنه من الناحية الأخلاقية على الباحث أن يفتش في نفسه عن دوافع قراره بترك التدين فربما يجد منها الميل إلى التخلص من أي قيد، لأن الفرض واجب والممنوع الحرام، فالنفس تستثقل الإلتزام.
أما من الناحية العقلية، فالمطلوب هو النظر في صحة المقدمة التي بنى على أساسها تفكيره، وهي الفكرة القائمة على ربط صواب العقيدة بتصرفات من يدعيها، وهو ما يراه الجفري محل نظر، مؤكدًا أن الفهم السقيم لأي نص ديني لا يعني خطأ هذا النص، بدليل أنه يظهر بين المسيحين واليهود والهندوس، وحتى العلمانيين والملحدين هذا الفهم السقيم وتطبيقاته، فيظهر السارق والمخادع والقاتل.
ويؤكد الجفري أنه لا يوجد مبدأ او معتقد إلا وقد صدرت عن أبنائه تصرفات سيئة، ولكنه في الوقت نفسه يؤكد أن محاكمة المبدأ المعتقد لمجرد وجود من يسيء التصرف من اتباعه هو أمر يرفضه العقل، خاصة إذا كان كبار منظري هذا المبدأ يرفضون كل هذه الجرائم.
ونصح الجفري من يعيش انفعالًا ناتجًا عن ردة الفعل أن يتريث قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بالمعتقد حتى يهدأ ويتضح له الفرق بين ردة الفعل والبحث العقلي الجاد وبذلك لا يكون فريسة لحالته النفسية فيخالف بذلك مقتضى الأخلاق والعقل اللذين يظن في لحظة انفعال، مستشهدًا بقوله تعالى: "ومِنَ النّاسِ مَنْ يعبدُ اللهَ على حرْفٍ فإنْ أصابَهُ خيرٌ اطمأنَّ بهِ وإنْ أصابَتْهُ فتنةٌ انقلبَ على وجههِ خَسِرَ الدُّنيا والآخرةَ ذلكَ هُوَ الخُسرانُ المُبين"، "سنُريْهِم آياتِنا فى الآفاقِ وفى أنفسِهم حتى يَتبيَّنَ لهم أنَّهُ الحقُّ أوَلَم يَكفِ بربِّكَ أنَّهُ على كلِّ شىءٍ شهيد"، وأختتم الجفري تلك الحلقة بدعاء: "اللهم اهدنا لما اختُلِف فيه من الحق وحبِّبْ إلينا الإيمان وزيّنه فى قلوبنا إنّك أنت الرؤوف الرحيم".
فيديو قد يعجبك: