رجال ونساء في القرآن والسنة (10): هامان .. وزير فرعون وملجأ رغباته الجامحة
(مصراوي):
ذكر القرآن الكريم العديد من القصص، لأخذ العبرة والاتعاظ من أحوال أقوام سبقونا، وأورد في هذه القصص ذكر العديد من الشخصيات، بعضهم وردت أسماؤهم صراحة وبعضهم جاء ذكرهم إشارة ورمزاً، ويرصد مصراوي في حلقات يومية متتابعة جانباً من سيرة هذه الشخصيات سواء لرجال أو نساء جاء ذكرهم في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وفق ما ذكرته دار الإفتاء المصرية، عبر بوابتها الالكترونية الرسمية:
هامان .. وزير فرعون
أرسل الله سيدنا موسى إلى فرعون وقومه، وقد كان لدى فرعون -كما يقول العديدُ من المفسرين- وزير أو مسؤول عن أعمال البناء يُدْعى هامان، ومن الواضح كما يُستفاد من السياق القرآني أنه كان ذا شأن كبير في حاشية فرعون وأحد أركان حكمه، فقد ذكره الله تصريحًا في أكثر من موضع، وقرن ذكره بذكر فرعون وقارون في غير موضع في القرآن الكريم.
لقد كَذَّب هامان مع فرعون وقارون سيدَنا موسى حين أرسله الله إليهم: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ۞ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ [غافر: 23-24].
وكان رَدُّ فعلهم على هذه الدعوة الواضحة البيِّنة المليئة بالآيات والمعجزات أن استكبروا في الأرض وتجبروا وأعرضوا عن الاستجابة لها: ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ﴾ [العنكبوت: 39].
ولقد توعَّدَهم الله سبحانه وتعالى وبَيَّنَ لهم عاقبة فعلهم برغم ما بلغوه من عُلُوٍّ في الأرض وما أشاعوه فيها من فساد وقتل وتخريب: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ۞ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ۞ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القصص: 4-6]، وأكد أنهم خاطئون في اعتقادهم هذا وسينالون سوء المصير: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾ [القصص: 8].
لقد كانت المهمة الكبرى التي كان يقوم بها هامان مع فرعون هي أنه كان شريكًا له في أفكاره ومساعدًا له على تنفيذها، ولهذا كان ملجأً لفرعون في رغباته الجامحة في تحدي العقيدة الحقَّة الخالصة؛ فطلب منه أن يبني له بناءً يصعد عليه إلى السماوات ليرى هذا الإله الذي يدعو إليه سيدنا موسى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [القصص: 38]، وقال تعالى أيضًا: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ • أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ [غافر: 36-37].
ولعل في هذا كما يذكر البعض إشارة قرآنية تاريخية إعجازية لاستخدام الطين المحروق (الآجُر) في البناء في هذا العصر، سبق بها القرآن اكتشافات المتخصصين في العصور الحديثة.
لقد كان إهلاك فرعون وجنوده بمن فيهم هامان جزاءً وفاقًا لبغيهم وتجبُّرهم واستعلائهم في الأرض، وكان نجاة سيدنا موسى ورسالته المرسل بها من ربِّ العالمين دليلًا آخر على استتباب سنة الله في خلقه بانتصار الحق في النهاية مهما علا الباطل ومهما تطاول أمد وجوده.
فيديو قد يعجبك: