التواصل الإلكتروني بين النعمة والنقمة
كتب - أحمد هاشم :
مع الانفجار الضخم وثورة وسائل التواصل الاجتماعي وظهور عدد كبير من وسائل وقنوات التواصل الإلكتروني التي أصبحت ظاهرة تستحق التوقف عندها لسبر أغوارها وفهم مدى تأثيرها في مجالات التواصل والتفاعل البشري الطبيعي، في ظل هذا العدد الضخم المهول من العوالم الافتراضية ووسائل وبرامج الاتصال أصبح متوسط نوافذ التواصل لدى الفرد من مستخدمي أجهزة الاتصال الإلكتروني يتراوح ما بين ست أو سبع مواقع للتواصل، مما يجعل مشتركي هذه البرامج تحت ضغط هائل وانشغال دائم؛
ذلك أن مواكبة شبكات الأصدقاء الذين غالبا ما يتوزعون في نطاق جغرافي لا تغيب عنه الشمس والتفاعل مع منشوراتهم مهمة مستحيلة إلا في حق من يظل على اتصال دائم لمدة 24 ساعة في اليوم والليلة، يضاف إلى ذلك أن هذه العوالم والمجتمعات الافتراضية تسحب مشتركيها والمدمنين عليها رويدا رويدا من عوالمهم الحقيقية، ولا يلبث المدمنون عليها أن تظهر شروخ واضحة وتقطعات حادة في حبال الوصل بينهم ومجتمعهم الحقيقي وأهاليهم ومعارفهم وأرحامهم، هذا إذا لم تمتد مساحة التقصير إلى العبادات والواجبات الدينية كما أوضح موقع طريق الاسلام .
عدا أن الصورة ليست دائما بهذه السوداوية والقتامة ففي ببعض الحالات تتيح وسائل التواصل هذه فتح قنوات مباشرة للتنمية البشرية عبر تكوين مجموعات هادفة ربما تساهم في مجالات التطوير الذاتي ورفع الكفاءة المهنية والعلمية لمشتركيها لما توفره من فرص وأساليب للتفكير الجماعي المشترك والاستشارات والاستفادة من تجارب الأصدقاء والمشتركين، كذلك فإنها تعتبر مجالا هاما لظهور العديد من الإبداعات الكتابية وتنميتها والمساهمة في نضجها بعرضها على جمهور عريض يتكون في غالبيته من المثقفين من مختلف التخصصات الأكاديمية والعلمية ومن ذوي التجارب الحياتية التي لا تقل أهمية في صقل المواهب
كما نوه الموقع أنه يضاف لذلك مساهمتها في توليد الشعور المفعم بتحقيق الذات بما توفره من فضاء مفتوح يخلو من الرقابة أو القيود للتعبير عما يجول في النفس من مشاعر وآراء وتلقي الردود عليها من القراء والمتابعين؛ فقد غذت هذه المواقع الطموح المرتفع لاستعراض الذوات بين مشتركيها عبر مشاركات الصور والفيديوهات وحُزَم الإعجاب والتعليقات التي تصدرها صفحاتهم الشخصية كل يوم وتستوردها من الأصدقاء الآخرين، ومن دون شك فإن هذه المواقع تساهم كذلك في تجديد الصداقات القديمة وتوسيع شبكة العلاقات الاجتماعية واختزال المسافات الجغرافية بين مشتركيها وأقاربهم في كل مكان .
لكن تبقى الظواهر السلبية بالغة الحدة والتأثير حيث تتمركز حول إدمان الخيال واتساع الهوة بين الواقع الحقيقي والافتراضي؛ فبالرغم من أن معظم وسائل التواصل هذه تشترط – أو تفضل على الأقل - التسجيل ببيانات هُوية حقيقية إلا أن الغالبية العظمي من مستخدميها يستعملون هُويات منتحلة مما يجعلها مرتعا خصبا للوهم والعبث أكثر منها فضاءات للتواصل المجتمعي والتعارف الحقيقي الذي يكبت جماح المتواصلين عبره وتعبيرهم عن ذواتهم الحقيقة وتحملهم المسؤولية القانونية والأخلاقية عن ما يكتبون وما ينشرون لإمكان تتبعهم عبر مسار بيانات الشخصية .
ثم إن التقوقع حول وسائل الاتصال هذه والاستعاضة بعوالمها الافتراضية مؤشر قوي الدلالة على فقر صاحبه من مهارات التواصل المباشر مع محيطه الواقعي وعدم قدرته على تلبية عواطفه الانفعالية بالتفاعل المباشر مع الأهل والأصدقاء، كما لوحظ كذلك أن للإدمان على استخدام هذه الوسائل آثاراً ملحوظة في زيادة العزلة الاجتماعية وظهور حالات كثيرة من القلق والاكتئاب .
وفي سياق الحديث على التواصل الإلكتروني وآثاره المجتمعية وبالامثلة الحية على ذلك حيث تم نشر فتوى من دار الافتاء المصرية والتى نشرتها الدار على موقعها الاليكترونى ردا على أحد الأسئلة عن حكم المحادثات بين الجنسين عبر الإنترنت ـ أن عدم جواز (الشات) بين الرجل والمرأة جاء لما أثبتته التجارب المتكررة فى عصرنا من أن هذا النوع من المحادثات مضيعة للوقت ، واستهلاك دون فائدة ، وباب من أبواب العبث والشر.
وأشارت الدار الى أنه لا ينبغى للمرأة إرسال صورتها لمن لا تعرف صيانة لنفسها وحفظا لكرامتها وعرضها خاصة وقد كثرت الإستعمالات الفاسدة لهذه الصور من قبل المنحرفين وهى ثقافة مختلفة عما يأمر به الدين.
فيديو قد يعجبك: