ما يريده المراهق من والديه
كثير هذا الذي يريده الوالدان من ابنهما المراهق، وكثير ما يطلبون منه عمله، والواقع يقول أن الآباء هم من يطلب ويريدون أن يقبل الابن ويستجيب ويطيع وإلا اعتبروه عاقا وغالبا ما تعلق الأسباب في هذه الفترة على شماعة المراهقة.
والحقيقة أن للمراهقين أيضا طلبات ولديهم أمنيات، وكما يريد الأبوان منهم كذلك يريدون هم من والديهم.. فماذا يريد المراهق من والديه.
ذكر الدكتور عبدالكريم بكار في كتابه "المراهق.. كيف نفهمه وكيف نوجهه" مجلسا للأماني جمع ثلاثة من المراهقين فتمنى كل واحد منهم أمنية ود لو تحققت .. يقول الدكتور حفظه الله:
اجتمع ثلاثة من المراهقين في إحدى الحدائق، وأخذ كل واحد منهم يشكو من أن أهله لا يفهمونه على الوجه الصحيح، ومن ثم فإنهم لا يعاملونه المعاملة التي يستحقها، وحين أفاضوا في الشكوى والتذمر قال أحدهم: ما رأيكم أن نحوّل هذه الجلسة من جلسة شكوى إلى جلسة للتمني والحلم بأشياء جميلة؟
سأله صديقه: ما الذي تعنيه بالضبط؟
قال: أريد من كل واحد منكم أن يحلم بأهم ما يتمناه من معاملة أهلة له، لنرى هل ما نعاني منه، وما نتمناه موحّد أو مختلف؟
واستحسن الثلاثة الفكرة، وشرعوا في التمني:
قال الأول:
أتمنى على أهلي أشياء كثيرة، منها:
1- أن يدركوا أن ما ينكرونه عليّ من تصرفات ومظاهر، هي أمور شائعة بين المراهقين، وهم يظنون أنني وحدي أفعل ذلك. أنا أحيانا أقول: إن أهلي على حق، لكن أنا لا أستطيع أن أظهر أمام زملائي وأصدقائي وكأني قادم من القرن التاسع عشر.
2- أتمنى أن يعرف والدي أنني لم أعد طفلا، وأنني لا أستطيع الآن أن أسمع الأفكار الخاطئة دون أن أعترض عليها كما كنت أفعل ما كنت صغيرا، أنا الآن أعرف الكثير من الأمور، بل ربما عرفت أمورًا لا يعرفها أحد في أسرتي، فلماذا لا أتحدث عنها؟
3- أتمنى أن تكون ذاكرة أمي قوية جدا حتى لا تكرر نصائحها لي في الصباح والمساء، فأنا قد سئمت من المواعظ المكررة وغير المفيدة.
4- أتمنى أن يدرك أبي أني لا أحب أن أظهر معه في أي مكان، حتى لا أسمع تعليقات جارحة من زملائي، لكن كيف يمكن أن يعرف أبي هذه الأمنية؟ هذا صعب جدا.
قال الثاني:
أنا أتمنى من أهلي شيئين فقط:
الأول: أتمنى على والدي إذا تحدث معي ألا يوجه لي أي نصيحة، أريد أن يسألني عن اهتماماتي وأنشطتي، وعن الأمور التي حققت فيها نجاحات جيدة فقط.
الثاني: أتمنى أن يعاملني أبي بالطريقة التي يعامل بها أصدقاءه.
قال الثالث:
أنا أعرف أننا نتمنى، وأن ما نتمناه لن يحدث، ولهذا سأقتصد في التمني، وأقول: أنا لا أريد من أبي سوى شيء واحد، هو أن يتذكر تصرفاته حين كان في مثل سني، وأنا واثق أنه لو استطاع فعل ذلك فسيدرك أنه لم يختلف عني كثيرا.
إن فهمنا لطبيعة مرحلة المراهقة يجعلنا نميز جدا بين ما هو طبيعي في حياة أبنائنا المراهقين، وما هو غير طبيعي، وبناء على هذا التمييز نحدد الأسلوب الأمثل للتعامل معهم.(ا.هـ كلام الدكتور بكار).
وأقول: إن على الآباء أن يدركوا طبيعة مرحلة المراهقة عند أبنائهم، وأن يدرسوا متطلبات تلك المرحلة، وعليهم أن يعلموا تمام العلم أن الأبناء في هذا السن ليسوا مجرد متلق للأوامر أو محط للأمنيات، وليسوا حقول تجارب يحاول كل أب أن يحقق في ابنه أماني فشل هو في تحقيقها لنفسه، وإنما الأبناء لهم عقول ولهم أفكار وعندهم أمنيات ولهم متطلبات يتمنى كل واحد أن يتفهمها والداه.. فليتنا نتقن فن الاستماع كما نتقن فن الكلام وإلقاء الأوامر.
المصدر: موقع اسلام ويب
فيديو قد يعجبك: