يوميات شاب مسلم: معاك قرش تساوى قرش !!
كتب - أحمد حمدي :
لم أستطع ان أقنع قريبى طالب الثانوية العامة بجدوى دراسة الهندسة مقارنة بكرة القدم. فقد بنى رآيه على حقيقة ان راتب المهندس هزيل بالإضافة إلى أنه يعمل ٦ أيام أسبوعيا بما لا يقل عن ١٢ ساعة عمل يوميا. بينما يحظى لاعب الكرة أو الممثل بمئات الالاف بل وحتى الملايين فى فترة نسبيا أقل تعود عليه بالشهرة والمال وحب الجماهير.
كيف تقنع طفل بأهمية العلوم إن كان محاطا بمجتمع لا يعترف إلا بالمادة وبسعر السيارة وبالماركات الاصلية والمصايف الباهظة. لن أتحدث عن العلوم التى انقرضت فى مجتمعنا بل سأتحدث عن الإبداع الذى قتلناه بكل ثقة فحصرناه فى الصوت المميز والحركات البهلوانية بالكرة. لم نؤمن بان هناك ابداع تكنولوجى ولذلك لم نخترع الكومبيوتر، ولم نصنع القنبلة النووية، ولم نساهم فى أى شىء له قيمة. وياليتنا بعد هذا كله أفلحنا فى الرياضة أو حتى التمثيل. لن تفلح أمة جاع فيها المدرس وشبع فيها الراقص، كيف نرجو رقيا وحضارة والعامل بل وحتى المهندس لا يملك حقوق.
لم يعد للعلم فى بلادنا فضل ولا عدل، فالمدرس يعد من أضعف فئات الشعب ماديا، وهو ما دفعه للدروس الخصوصية فخسر مكانته الأدبية. من مِن الشباب يريد أن يصبح عالم فيزياء ونحن لا نعرف أسم عالم فيزياء مصرى واحد؟!! من يريد ان يصبح عالم كيمياء والنموذج المصرى الوحيد الناجح صنع نجاحه فى أمريكا.!!
لا تحدثنى عن أضعاف الشهرة والاموال التى يتقاضاها محترفوا الرياضة فى الخارج ولكن حدثنى عن مستوى العلماء والباحثين المعيشى. لا أستطيع ان ألوم قريبى، يكفيه فقط ان يقارن بين المدرس البائس الذى يراه فى الصباح ولاعب الكرة الشاب الذى يراه متشوقا فى المساء. بين ما يتقاضاه هذا وما يتقاضاه ذاك، بين مشاعر الاحترام والحب التى يحملها للاعب ومشاعر الشفقة والسخرية التى يحملها للمدرس. لا ألوم الفتى المسكين ولكن ألوم المجتمع الذى ساهم بهذا.
لن اتحدث طويلا عن العلم فى الاسلام يكفى القول بان العلماء هم ورثة الانبياء وبان الله يرفع الناس والامم درجات بمقدار ما لديها من علم ومعرفة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.. [المجادلة : 11]. يكفى لاشارة الى "إن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الارض والنملة فى جحرها ليصلون على معلم الناس الخير".
لم تتقدم البرازيل أقتصاديا لانها حصلت على كأس العالم بل لانها عدلت من أوضاع الفئات العاملة، إن لم يشبع المدرس ويكسى العالم فلا حاجة لنا بكرة القدم والتمثيل، فلا نحن تأهلنا إلى كأس العالم ولا قدمنا فن يستحق الإشادة العالمية. إن لم نكرم العلم فلا كرامة لنا.
موضوعات ذات صلة:
- يوميات شاب مسلم.. (الحلقة الأولى: الفرح)
- يوميات شاب مسلم.. (الحلقة الثانية: سنة اولى جواز)
- يوميات شاب مسلم.. (الحلقة الثالثة: جارى ساكن قصادى)
- يوميات شاب مسلم.. (الحلقة الرابعة: شخص سبنى)
- يوميات شاب مسلم.. (الحلقة الخامسة: السير عكس الاتجاه)
- يوميات شاب مسلم: (الحلقة السادسة: مش غلطان)
- يوميات شاب مسلم: (الحلقة السابعة: جدك الشاب)
- يوميات شاب مسلم: (الحلقة الثامنة: ولكنكم تستعجلون)
فيديو قد يعجبك: