لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف تعيش أكثر من مرة؟

11:44 ص السبت 25 أبريل 2015

كيف تعيش أكثر من مرة؟

ومن منا لا يريد أن يعيش في الدنيا أكثر من مرة؟ لا لجمالها، ولا لنعيمها، ولا لما فيها من متع وشهوات، فما عند الله لعبده المؤمن يوم القيامة من الخير، خير له مما يطمع في تحصيل أضعاف أضعافه في الدنيا التي لا يساوي نعيمها في الآخرة مثقال خردل في النعيم المقيم والخير العميم في جنات النعيم، وإنما ليستكثر من الحسنات والباقيات الصالحات التي ينتفع بها يوم لقاء ربه على تلك العرصات في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة!

والمصيبة الرهيبة أننا لن نعيش في الدنيا إلا مرة واحدة، إذا ذهبت لم تحصل مرة أخرى، وتلك والله داهية كبرى!

فرصة واحدة يشتري فيها العبد نفسه من ربه، فينجو، وإلا فالنار.. النار، وبئس القرار!

ولكن، هل تعلمون أن من الناس ناسًا يعيشون مرَّات وكرات؟!

يعيشون في مصرهم وغير مصرهم..
يحيون في عصرهم وفي غير عصرهم..
وكلما مرَّ الزمان عليهم، طال عمرهم أكثر، وغنموا من الأعمال أكثر وأكثر..

تقول: يا ليتني كنت منهم فأفوز فوزًا عظيمًا!

فهل تعلم أنه يمكنك أن تكون منهم إذا شئت وأدركتك رحمة أرحم الراحمين!

إنهم الدعاة إلى الله تعالى..

يموت الناس بحسناتهم معهم، وتبقى حسنات الدعاة إلى الله تعالى من بعدهم، فتأتيهم في قبورهم وهم في أمسِّ الحاجة إليها وأعظم الرغبة فيها، فيغنمون من الحسنات بعد مماتهم أكثر مما نالوا منها في حياتهم!

فعن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من علمَ آيةً من كتابِ اللهِ عز وجل كانَ لهُ ثوابُها ما تليتْ» (أخرجه أبو سهل القطان في حديثه عن شيوخه، انظر: السلسلة الصحيحة: [3/323] [1335]).

فهم ينشرون الخير للغير، ويعلمون الناس المعروف، ويدلونهم على الأعمال الصالحات، فيفعلها الناس اقتداءً بهم، وتأسيًا بفعلهم، وتعلمًا منهم، وللدعاة بفضل ربهم عليهم صورة طبق الأصل من ذلك الأجر وتلك الخيرات والأعمال الصالحات.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيُّما داعٍ دعا إلى ضلالةٍ فاتُّبعَ، فإنَّ لَهُ مثلَ أوزارِ منِ اتَّبعَهُ، ولا يَنقصُ مِن أوزارِهِم شيئًا، وأيُّما داعٍ دعا إلى هدًى فاتُّبعَ، فإنَّ لَهُ مثلَ أجورِ منِ اتَّبعَهُ، ولا يَنقصُ مِن أجورِهِم شيئًا» (صحيح سنن ابن ماجه: [1/41] [171]).

فتمتد أعمارهم لسنين طويلة، وإن دفنوا في التراب، فالغاية من الحياة الاستكثار من الحسنات، فها هي تأتيهم في قبورهم، فمن مثلهم؟!

بل ويعيشون في مصرهم، وفي غير مصرهم بانتشار الخير الذي علموه إلى البلدان وفي كل مكان، فتمتد حسناتهم إلى حيث البقاع التي لم تطأها أقدامهم ولم تدخلها أبدانهم، فيأتون بالناس في موازين أعمالهم يوم لقاء ربهم، وذلك الفوز المبين!

فعن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من علَّم علمًا فله أجرُ مَن عمِل به، لا ينقصُ من أجرِ العاملِ» (صحيح سنن ابن ماجه: [198]).

وما من يوم ينشق فجره ويبزغ نوره إلا وفضل الصحابة يعظم، وأجرهم يكبر، لأنهم نقلة الدين إلينا من خير المرسلين صلى الله عليه وسلم، فما من طائع في مشرق الأرض أو مغربها، إلا وكان ذلك زيادة في أجر من نقل هذا العلم، وبين الناقل والعامل مئات من السنين، وآلاف من المسافات، فهل أدركت كيف تعيش؟! ولماذا تحيى؟! وكيف تعيش أكثر من مرة؟!

فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ ما يخلِّفُ الرَّجُلُ من بعدِه ثلاثٌ ولدٌ صالِحٌ يدعو لَه وصَدَقةٌ تجري يبلغُهُ أجرُها وعِلمٌ يُعمَلُ بِه من بعدِهِ» (صحيح ابن ماجه: [199]).

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أربعةٌ تجري عليهِم أُجورُهم بعدَ الموتِ: رجلٌ ماتَ مرابِطًا في سبيلِ اللهِ، ورجلٌ عَلَّم عِلمًا فأجرُه يَجري عليهِ ما عُمِلَ بهِ، ورجلٌ أجرَى صدقةً، فأجرُها لهُ ما جَرتْ، ورجلٌ تركَ ولدًا صالحًا يَدعو لهُ» (صحيح الترغيب: [114]).

وصدق الله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}..[فصلت:33].

المصدر - موقع طريق الاسلام

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان