مفتي الجمهورية يكشف في حواره لمصراوي تفاصيل المؤتمر العالمي لتأهيل الأئمة في الغرب
كتبت - سماح محمد:
مفتي الجمهورية في حواره لمصراوي:
- اتجاه بعض الشباب في الغرب للانضمام لداعش وازدياد الإسلاموفوبيا دفعتنا لضرورة تأهيل أئمة المساجد في الخارج لمواجهة هذه التحديات
- ضعف الكوادر الإفتائية في الجاليات المسلمة وتبنيها مناهج غير معتدلة يظل يمثل تهديدًا كبيرًا للمنهج الوسطي
- تصدر المتطرفين دينيًا وغير المؤهلين علمياً للفتوى أدى لزيادة "الإسلاموفوبيا" وهو ما دفعنا لهذا المؤتمر
- المؤتمر سيقدم معالجة دقيقة للتحديات التي تواجه المسلمين في الغرب وكيفية تأهيل أئمة المساجد هناك
- المؤتمر يعد تأكيدًا للريادة المصرية الرافعة للواء الوسطية والاعتدال بين الجاليات والأقليات المسلمة حول العالم
- سنطلق خلال المؤتمر عدد من المبادرات المهمة منها إنشاء مرصدًا لأوضاع الجاليات المسلمة وتقديم الدعم العلمي والفني لإنشاء مؤسسات إفتائية وعقد برامج تدريبية لأئمة الخارج
- المؤتمر سيسهم في إيجاد بديل وسطي للتيارات المتشددة في الخارج وتقديم ميثاق إفتائي دولي للأقليات المسلمة
حالة من الفوضى في الفتاوى أدت إلى تطرف البعض، وموجات من الإسلاموفوبيا تزداد وتيرتها يومًا بعد يوم ويعيشها المسلمون في الغرب خاصة بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة على عدد من البلدان الأوروبية .. كل هذا جعل المؤسسات والمرجعيات الدينية ولاسيما الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية أمام تحدٍ كبير، للقضاء على تلك الظواهر والأزمات بحلول عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
ولا يخفى على أحد الطفرة الكبيرة والمجهودات الهائلة التي تبذلها دار الإفتاء المصرية بقيادة فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام- مفتي الجمهورية- منذ توليه منصب الإفتاء، لمواجهة فوضى الفتاوى وجماعات التطرف والإرهاب في الداخل والخارج.
ولا زالت هذه المجهودات مستمرة عبر مرصد فتاوى التكفير، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التي ترعى حدثًا عالميًا في السابع عشر من شهر أكتوبر الحالي بمشاركة وفود من 80 دولة، حيث تعقد الأمانة أولى مؤتمراتها السنوية تحت عنوان "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة".
مصراوي التقى بفضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام- مفتي الجمهورية- لنتعرف منه على أهمية هذا المؤتمر العالمي الذي يمثل خطوة مهمة في الاهتمام بقضايا المسلمين، وعودة للريادة المصرية في الخارجة عبر رعاية مثل هذه المؤتمرات التي ينطلق منها مبادرات تهدف إلى القضاء على فوضى الفتاوى ومواجهة التطرف والإسلاموفوبيا عبر تأهيل أئمة المساجد في الخارج وتدريبهم.
- فضيلة المفتي .. في البداية نود أن نتعرف عن ما هية الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم؟
أنشأت دار الإفتاء المصرية، الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بناء على تلك التوصية المؤتمر العالمي للإفتاء، وكان من الضروري أن تعلن الأمانة عن دورها للعالم كله، وكان من أفضل السبل لذلك عقد مؤتمر عالمي يجمع المفتين والعلماء والباحثين من جميع قارات العالم، وكان من العوالم المهمة المؤثرة في اختيار موضوع المؤتمر ما لاحظت أثناء زياراتي الخارجية من اهتمام بالغ من كل دوائر اتخاذ القرار وتنمية الوعي في البلاد التي زرتها؛ فساعد ذلك على اقتراح أن يكون المؤتمر الأول للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان: "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة" في الفترة من 17 – 18 أكتوبر لعام 2016، تحت رعاية فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وبحضور وتشريفِ صاحبِ الفضيلةِ الإمامِ الأكبرِ الأستاذ الدكتور أحمد الطيب-شيخ الأزهر-وبحضورٍ كريم من السادةِ الوزراءِ، والسفراءِ، والعلماءِ، ورجالِ الدولةِ، ورجالِ الصحافةِ والإعلامِ.
- نحن في زمن ملئ بالقضايا الدينية الشائكة، لماذا اخترتم الأئمة في الخارج والجاليات المسلمة كموضوع لمؤتمركم؟
صحيح .. نحن نواجه الكثير من القضايا التي نعمل على حلها، ولكني لاحظت من خلال جولاتي الخارجية التي أقوم بها مدى التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمعات المسلمة المختلفة في العالم في التعامل مع آثار فوضى الفتاوي الناتجة عن تصدر المتطرفين دينيا وغير المؤهلين علمياً، وهو ما أدى إلى زيادة وتيرة الإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية ضد المسلمين هناك، كما أودى هذا التطرف وتلك الفتاوى المتطرفة بعقول بعض الشباب في الغرب فاتجهوا إلى الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها، فكان لازم علينا أن نعمل على تأهيل أئمة المساجد في الخارج وإعدادهم لموجهة هذا الفكر وكيفيه التعامل مع موجات الإسلاموفوبيا وأن يكونوا أعضاء فاعلين في وسائل الإعلام هناك ودوائر صنع القرار لبيان الوجه الصحيح للإسلام وسماحته.
كما أن أهمية المؤتمر تتجلى في تحقيق أهداف الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي من ضمنها جمع أكبر عدد ممكن من المشتغلين بالإفتاء الوسطي على مستوى العالم وتنسيق الجهود الرامية إلى الارتقاء بمهمة الإفتاء الشرعي في الحفاظ على المجتمعات من أخطار التطرف والفوضى المجتمعية.
- ولماذا اخترتم أئمة المساجد في الخارج؟
لأن ضعف الكوادر الإفتائية في الجاليات المسلمة وتبنيها مناهج غير معتدلة يظل يمثل تهديدًا كبيرًا للمنهج الوسطي المعتدل الذي يمثل المادة الفعالة في الريادة الدينية المصرية حيث تعتبر مصر هي المصدر الرئيسي للفكر الوسطي والمنهج المعتدل، وقد لاحظت مراكز الأبحاث المهتمة بشأن الجاليات تراجع تبني المنهج المعتدل حتى لدى الباحثين الأكاديميين.
كما أنه لا يخلو مجتمع من المجتمعات من وجود المسلمين الذين يحتاجون إلى المرجعية الشرعية التي تعمل على ترسيخ الاستقرار في المجتمع من خلال نشر الأحكام الشرعية على نحو منضبط يتسم بالوسطية والاعتدال في مواجهة التطرف والإرهاب.
- إذا ستتركز محاور المؤتمر جميعها على كيفية تأهيل أئمة الخارج على تلك التحديات؟
بالتأكيد .. فمن خلال المحاور التي أعددناها للمؤتمر سنناقش كل هذه الأمور وقد استكتبت الأمانة العامة السادة العلماء من مختلف دول العالم للكتابة في محاور المؤتمر التالية، ومن ضمنها:
دورُ المؤسسات الإفتائيِة في العالم تُجاهَ الأقلياتِ المسلمة، ويشمل العناصرَ الفرعيةَ التاليةَ: والتي سنتعرض فيها لتجارِب المؤسساتِ الإفتائيِة للجاليات المسلمة تجاه قضاياهم، ودَعْم وتأهيلَ قادةِ الرأيِ الدينيِّ في مجالِ الإفتاءِ في الخارج، وخبرات المؤسساتِ الإفتائيةِ في العالم الإسلامي في التواصل مع الأقليات.
وكذلك الأصولُ المنهجيةُ للتأهيلِ الإفتائيِ للأقلياتِ المسلمة، ويشمل إشكالياتُ التشددِ في فتاوى الأقليات، ونماذج التعايشِ في عصرِ النبوة، ومَداخل توسيعِ دِلالاتِ النصوصِ الشرعيَّةِ لاستيعابِ النوازلِ والمُستجدَّات، وأَثَر مراعاةِ المتغيراتِ الأربعةِ في مناسبةِ الفتوى لمجتمعِ الأقليات، ومرتكزات برنامج علمي لتأهيل أئمة المساجد.
أيضًا هناك محور حول التحدياتُ التي تُواجهُ الأقلياتِ المسلمةَ، وكيفية مواجهةِ الإفتاءِ ظاهرةِ الخوف من الإسلام (الإسلام فوبيا)، ووسائل مواجهةِ التحدياتِ الاقتصاديةِ للأقلياتِ الإسلاميةِ عَبْرَ الإفتاء، والتهديدات الاجتماعيةَ والسياسيةَ والقانونية للأقلياتِ المسلمة، وكيفيةَ التعاملِ معها.
- وماذا عن ورش العمل؟
سنعقد بالطبع ورش عمل خلال المؤتمر .. وهي ثلاث ورش عمل يجتمع فيها نخبة من السادة العلماء ضيوف المؤتمر للعمل على وضع معالجة دقيقة لموضوعات مهمة مثل: الاحتياجات التأهيلية لدعاة التجمعات المسلمة ومكونات البرامج التدريبية، ومكونات المساق المعرفي المساعد في تأهيل المفتين، وأهم القضايا التي يجب تناولها عند تأهيل المفتين.
تعودنا من دار الإفتاء أنها تطلق مبادرات مهمة خلال مؤتمراتها، ولعل هذا المؤتمر الذي نحن بصدده اليوم أحد المبادرات المنبثقة عن مؤتمر الإفتاء العام الماضي .. فهل هناك مبادرات ستطلقونها عبر هذا المؤتمر؟
بكل تأكيد .. فنحن دائمًا ما نسعى إلى العمل على أرض الواقع وليس مجرد طرح لكلام أو أفكار، ومن خلال هذا المؤتمر سنطلق بإذن الله مجموعة مهمة من المبادرات التي تتعلق بالجاليات المسلمة في الخارج وكيفية تأهيل أئمة المساجد هناك.
ومن بين هذه المبادرات إنشاء مرصدًا لأوضاع الجاليات المسلمة، ويراد بهذه المبادرة إنشاء آلة بحثية لخدمة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لتحقيق الرصد الدقيق والمتابعة الرصينة لأوضاع الجاليات الإسلامية في الخارج، ومساعدة صناع القرار في المؤسسات الدينية والإفتائية على اتخاذ المواقف وبناء السياسات والبرامج التي تحقق صالح تلك الجاليات وتدفع في اتجاه حل مشكلاتهم والتغلب على المعوقات التي تواجههم.
- وكيف سيتم ذلك؟
سيكون ذلك من خلال بناء خريطة للجاليات المسلمة في الخارج وأماكن توزعها، وشبكة علاقاتها وطبيعة أوضاعها، ومجموعة القضايا والموضوعات التي تدخل في دائرة اهتمام كل جالية، ومن ثم التعاطي الإيجابي والفعال مع أوضاعهم، والدفع نحو أوضاع تحقق للجالية الحفاظ على حقوقها الأساسية وتضمن حرياتها الدينية وفعاليتها المجتمعية.
- وهل من مبادرات أخرى؟
نعم .. سنطلق مبادرة تهدف لتقديم الدعم العلمي والفني في إنشاء مؤسسات إفتائية، حيث ستحاول دار الإفتاء المصرية وضع خبراتها الواسعة في مجال إدارة المؤسسات الإفتائية في خدمة الأمانة العامة لهيئات ودور الإفتاء في العالم ، وذلك في محاولة واضحة لنمذجة التجربة الإفتائية للدار.
ومن المنتظر أن تشتمل هذه المبادرة على بيان تفصيلي لكيفية تأسيس دار إفتاء منذ التفكير في إنشائها وبيان كيفية وضع الرؤية والرسالة لهذه الدار الناشئة بما يتوافق مع الرؤية والأهداف الاستراتيجية للدول التي تنشئها ، مرورا بتحويل هذه الرؤية إلى مهام ووظائف وعمليات ثم هندسة الهيكل الوظيفي المنفذ لهذه الرؤية ، ووضع المعايير الدقيقة لاختيار منفذي هذه المهام والعمليات وخاصة القائمين بالمهام الإفتائية الذين هم محور هذه الدار ، مع اهتمام بالغ ببيان كيفية تأهيل الكوادر الإفتائية .
- وماذا عن تدريب الأئمة؟
سيتم عقد برامج تدريبية لتأهيل أئمة المساجد في الخارج، وهو أمر مهم، حيث سيتم وضع برنامج تدريبي لإكساب مجموعة من المتدربين المشتغلين بالعلوم الشرعية المهارات الإفتائية، والعلمية، والفنية اللازمة لرفع كفاءة وجودة الأداء الإفتائي لديهم ، ومن ثم رفع كفاءة وفعالية المؤسسات الإفتائية إن كانوا بالفعل يمارسون الإفتاء فيها وسيكون ذلك على مستويات ثلاثة للتدريب.
كما سنقوم بإنشاء ملتقى لبحوث ودراسات الأقليات المسلمة، وهو ملتقى يجمع الباحثين والدارسين من مختلف التخصصات التي تتعلق بشئون الأقليات المسلمة، وتعقد حلقات نقاشية حول هذه الشئون وتخرج بورقة عمل رصينة تتعلق بضبط التعامل مع قضية من قضايا الأقليات، وتعقد جلسات وحلقات هذا الملتقى في شكل ندوات دورية يشارك فيها الباحثون وأبناء الأقليات في شكل تفاعلي بنَّاء .
- كل هذه المبادرات مهمة .. ولكن كيف سيتم استثمار نتائج هذا المؤتمر في الداخل والخارج حتى نحصل النتائج المرجوه منه ؟
تهدف الأمانة العامة إلى الاستفادة من مؤتمرها الأول للتكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة استفادة قصوى على المستوى الداخلي والخارجي وستظهر ملامح هذه الاستفادة في عدة أمور.
فملامح الاستفادة الداخلية، أن هذا المؤتمر سيعمل على زيادة الثقة الداخلية في المؤسسة الدينية الوسطية المعتدلة: باعتبار أن تمديد الريادة الخارجية يسهم بقدر كبير في دعم ثقة المجتمع في دار الإفتاء، والمؤسسة الدينية، ونشر المفاهيم الإفتائية المنضبطة في المجتمع: من خلال تناول فعاليات المؤتمر ومحاوره في الإعلام، وكذلك إتاحة إصدارات المؤتمر العلمية للباحثين والمتخصصين، ونشر القيم الإفتائية الحضارية: من خلال تناول فعاليات المؤتمر ومحاوره في الإعلام، وكذلك إتاحة إصدارات المؤتمر العلمية للباحثين والمتخصصين.
وسيسهم كذلك بشكل كبير في رفع كفاءة الأداء الإفتائي للمتصدرين للفتوى: من خلال مبادرة البرامج التدريبية التي تطرحها الأمانة العامة وتعمل على تفعيلها داخليا وخارجيا، وتصحيح المفاهيم المغلوطة المنتشرة بين طبقات المجتمع المصري عن الإفتاء، ومواجهة الفكر المتطرف وحماية الساحة الإفتائية.
أما ملامح الاستفادة الخارجية فهذا المؤتمر يمثل تمديد الريادة المصرية الحاملة للواء الوسطية والاعتدال بين الجاليات والأقليات المسلمة حول العالم، ونشر المنهج الوسطي وصناعة السلام العالمي، وأيضًا نشر قيم الإفتاء الحضارية في العالم للمشاركة في صياغة فلسفة البناء الحضاري العالمي.
كما سيسهم في رفع كفاءة الأداء الإفتائي للمتصدرين للفتوى للأقليات المسلمة لضمان جودة العملية الإفتائية، ومواجهة الفتاوى المتشددة وإيجاد البديل الوسطي المعتدل في الخارج، وتقديم ميثاق إفتائي دولي للأقليات المسلمة.
ومن المهم كذلك أنه سيساعد بشكل كبير في الوقوف على احتياجات ومشكلات الأقليات المسلمة الحالية والمستقبلية، وتدعيم العلماء أصحاب المنهج الوسطي المعتدل حول العالم، وأيضًا تنسيق جهود العلماء القائمين على رعاية الأقليات المسلمة.
فيديو قد يعجبك: