أمر إذا فعلته بصدق خففت عن نفسك حساب يوم القيامة
بقلم – هاني ضوَّه :
لا يمكن للإنسان أن يعيش حياته بعشوائية دون أن يراجع خطواته فيها وأفعاله من وقت لآخر ليتدارك أخطائه ويعزز صفاته وأخلاقه الطيبة، فنفس الإنسان غير ثابته على حال، ودائمًا ما تأخذها الأهواء في مهب الريح إذا لم يدوام الإنسان على مراجعة نفسه ومحاسبتها ليتبين طريقه الصحيح وليستعد ليوم الحساب.
يقول تعالى: {إِنَّ ٱلنَّفْسَ لامَّارَةٌ بالسُّوء إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى}.. [يوسف : 53]، ومـن هنـا كان لزاماً على كل عبدٍ يرجو لقاء ربه أن يطيل محاسبة نفسه، وأن يجلس معها جلسات مطولة؛ فينظر في كل صفحة من عمره مضت ماذا فعل فيها، ليلجم نفسه بلجام التقوى والخـــوف من الله.
في الحديث عن أنس بن مالك عن رسول الله قال: (الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني).. [رواه الإمام أحمد والترمذي].
ومحاسبة النفس بصدق تهون حساب يوم القيامة فقد روى الإمام أحمد في كتاب الزهد عن عمر بن الخطاب أنه قال: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غداً، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيّنوا للعرض الأكبر يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ).
ونقل ابن القيم عن الحسن أنه قال: (المؤمن قوّام على نفسه يحاسب نفسه لله، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة).
وليس هناك أعرف بنفس الإنسان من نفسه، يقول الله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}.. [القيامة : 14] .. فكل واحد منا بصير بعيوبه، هو يعلم حقيقة نفسه من دون شك، الإنسان لا يستطيع أن يجهل نفسه إطلاقا، وفي الآخرة يقول عنها سبحانه وتعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}.. [الإسراء : 14].
فعلى كل من أن يسأل نفسه هل لي من عمل يصلح للعرض على الله عز وجل؟ إذا أغمضت عينيك وتصورت أنك لاقيت الله عز وجل ما العمل الذي تعرضه على الله عز وجل؟ هذه المحاسبة، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.. [الحشر : 18].
فهناك أعمال ينتهي أثرها في الدنيا، وهناك ما ينتهي أثرها عند الموت، وهناك أعمال تستمر إلى ما بعد الموت.
قال الإمام أحمد رحمه الله: (مكتوب في حكمةآل داود: حق على العاقل، أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوته الذين يخبرونه بعيوبه ويَصدقونه عن نفسه، وساعة يتخلى فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات وإجماماً للقلوب).
فيديو قد يعجبك: