بعد إقرار غرامات إهدار المياه في القاهرة.. تعرف كيف يدعم الإسلام هذا القرار

بقلم – هاني ضوه :

نائب مستشار مفتي الجمهورية

الماء سر وسبب من أسباب الحياة، وبدونه يذبل الأخضر ويموت الإنسان والحيوان فهو من مقومات الحياة الأساسية، لذا كان الإسلام حريصًا على أن يرشد الإنسان المؤمن استخدامه للمياه، وألا يسرف في الماء، ولذا قال رب العزة سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}.

وقبل أيام أكد المهندس عاطف عبد الحميد -محافظ القاهرة- بدء تفعيل غرامات غسيل السيارات في الشارع عبر "خراطيم المياه" والماء الجاري، وأقرت محافظة القاهرة غرامة مالية لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه، لإهدار المياه بالشوارع سواء عن طريق غسل السيارات بالخراطيم أو رش الشوارع بالماء وإهداره.

مثل هذه القرارات المهمة في حاجة إلى أن نلتزم بها جميعًا حتى لا نهدر ثروة قومية كالمياه، خاصة وأن هناك العديد من دول العالم أصبحت تعاني من الجفاف الشديد ولا يجدون حاجتهم اليومية من المياه، ولعل آخرها جنوب إفريقيا التي أصبح سكانها يعانون من العطش.

ودعونا نتعرف على مدى أهمية المحافظة على المياه في الإسلام، وكيف كان المسلمون حريصون أشد الحرص على المحافظة على الماء وعدم الإسراف فيه.

فقد نهى الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله عن الإسراف في الماء، ولو كان للعبادة كالوضوء أو الغسل، فقد مر سيدنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على سعدٍ وهو يتوضأ، ورآه عليه الصلاة والسلام قد أسرف في الوضوء، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما هذا السَّرَف)؟! فقال: يا رسول الله، أفي الوضوء إسراف؟! فقال: (نعم، ولو كنت على نهر جارٍ).

ولذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ بكمية قليلة من الماء تكفي استخدامه ووضوءه أو اغتساله ولا يزيد، ففي الحديث الصحيح أنّ الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله "كان يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد"، والصاع يساوي (2.75 لتر ماء)، والمد يساوي (687 ملليلتر ماء).

ولاشك أن الماء نعمة من نعم الله تزيد بالشكر والحفاظ عليها وتزول بكفرانها ويكون ذلك بالإسراف والتضييع فيما لا يفيد، يقول تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.

من هذا الحرص الإسلامي على المحافظة على المياه، لابد أن نلتزم جميعًا بمثل هذه القرارات التي تسعى للسيطرة على الكثير من عاداتنا السيئة التي تهدر المياه دون أن ينتفع منها أحد، فالمحافظة على المياه أمر شرعي وإنساني يجب أن نتبعه جميعًا.