مع بداية "رجب الخير" احذر ظلم نفسك فقد تصادف ملك الموت
كتب - أحمد الجندي:
الأشهر الحرم هي ذو القعدة، وذو الحجّة، ومحرّم، ورجب، كما في الصّحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: "إنَّ الزمانَ قد استدار كهيئتِه يومَ خلق اللهُ السّمواتِ والأرضَ، السّنةُ اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتوالياتٌ ذو القعدةِ، وذو الحجّةِ، والمحرّمِ، ورجبُ مضرَ الذي بين جمادى وشعبانَ ".
وقد قال رجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان، وذلك لأنّ ربيعة كانوا يحرّمون شهر رمضان ويسمّونه رجباً، وكانت مضر تحرّم رجباً نفسه، ولهذا قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: "الذي بين جمادى وشعبان"، تأكيداً وبياناً لصحّة ما سارت عليه مُضر.
وأمّا ما جاء في مضاعفة الثّواب والعقاب في هذه الأشهر، فقد أقرّ ذلك بعض أهل العلم استناداً لقوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}.. [التوبة : 36].
وقال ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}، أي في هذه الأشهر المحرّمة، لأنّها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أنّ المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.. [الحج : 25]. وفي الأشهر الحُرم تغلظ الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدّية على المذهب الشّافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حقّ من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله: إنّ الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كلّ حال عظيماً، ولكنّ الله يعظّم في أمره ما يشاء ".
وقال القرطبي:" لا تظلموا فيهنّ أنفسكم بارتكاب الذّنوب، لأنّ الله سبحانه إذا عظّم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددةً، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السّيء، كما يضاعف الثّواب بالعمل الصّالح، فإنّ من أطاع الله في الشّهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشّهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشّهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}.. [الأحزاب : 30].
فالسعيد من سعت نفسه الى طلب ارفع المراتب واعلى الدرجات من رضوان الله وذلك باستدراك ما فات والالتزام بالنهج القويم والسديد فى هذا الشهر الحرام وفى كل شهور العام.
على هذا فالظلم ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ظلم الشرك والكفر وهذا أعظمها
والقسم الثاني : ظلم العباد بعضهم بعضا وهو ثلاثة أنواع وهو ظلم بالعدوان على النفس وظلم بالعدوان على المال وظلم بالعدوان على العرض.
والقسم الثالث من أنواع الظلم : ظلم العبد نفسه فيما بينه وبين الله فيما دون الشرك والظلم بأنواعه الثلاثة حرام ، فالله تعالى نهى عن الظلم ، عن ظلم النفس في الأشهر الحرم وهو يشمل أنواع الظلم الثلاثة: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} لا تظلموا في هذه الأشهر الحرم أنفسكم بالشرك أو بالعدوان على الناس أو فيما بينكم وبين الله فيما دون الشرك ، وظلم النفس بواحدة من هذه الأنواع حرام في كل وقت وفي كل زمان ولكنه في الأشهر الحرم أشد وأغلظ وما ذاك إلا لأن الأشهر الحرم أمر الله بتعظيم حرماتها وبتعظيم ما حرمه فكان لها مزية على غيرها ولهذا قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}، وقال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}، فلا يجوز للإنسان أن يظلم نفسه في الأشهر الحرم وفي غيرها بأي نوع من أنواع الظلم ولكن الظلم في الأشهر الحرم أشد وأغلظ، والظلم الأول وهو ظلم الشرك والكفر هذا أعظم الظلم .
فيديو قد يعجبك: