كنوز الأرزاق في سعة الأخلاق
بقلم - أحمد حلمي:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه سلم قال: (عليك بحسن الخلق وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما).. حديث حسن، رواه أبو يعلى في مسنده وحسنه الشيخ الألباني.
وتأمل قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}.. [الشمس : 9-10]، وكذلك من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها). رواه مسلم.
لتتيقن أن الإنسان مكلف ومأمور بتزكية نفسه وتطهيرها ... لأنها طريق الفلاح .
وحسن الخلق وتهذيب النفس هو غاية ما أرسل من أجله حبينا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه فقد حدد الغاية الأسمى من بعثته بقوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).. أخرجه الإمام مالك.
وإليكم جملة من الأحاديث النبوية المطهرة التي تقر وتثبت فوائد حسن الخلق :
- حسن الخلق أجمل الثمرات وأحسن الفضائل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق).. حديث صحيح أخرجه أبو داود.
- بحسن الخلق يدرك المسلم أجورًا كثيرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصائم القائم بحسن خلقه وكرم مرتبته).. حديث صحيح رواه أحمد.
- وسيلة للقرب من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون). قالوا: (يا رسول الله، وما المتفيهقون)؟ قال: (المتكبرون).. حديث حسن رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقد وردت في حسن الخلق عن الصالحين والتابعين أقوال جميلة وفضائل عظيمة، منها:
- قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: (في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق).
- وقال الحسن بن علي رحمه الله: (من ساء خلقه عذب نفسه).
- أما ابن القيم رحمه الله فله في ذلك قول سديد: (فإن قلت: هل يمكن أن يقع الخلق كسبيًا؟ أو هو أمر خارج عن الكسب؟ قلت: يمكن أن يقع كسبيًا بالتخلق والتكلف حتى يصير له سجية وملكة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج بن عبد قيس: (إن فيك خلقين يحبهما الله، الحلم والأناة)، قال: أخلقين تخلقت بهما؟ أم جبلني الله عليهما؟ فقال: (بل جبلك الله عليهما)، فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله).. متفق عليه.
ولذلك كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت، واصرف عنى سيئها لا يصرف عنى سيئها إلا أنت).. رواه مسلم.
لذا ينبغي علينا أن ننستغل هذه الأيام المباركة ليدرب كل منا نفسه على مكارم الأخلاق، حتى يصير حسن الخلق من سجايانا، وتصير الفضائل طبعًا فينا؛ فتستقيم لنا الدنيا وينصلح لنا حال الآخرة .
- مدير تحرير جريدة الرسالة السعودية
فيديو قد يعجبك: