- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
الأطفالُ لَبِنةٌ ليّنةٌ وفريسةٌ سَهْلَةٌ بين أنيابِ الوحشِ الإرهابي وتحتَ مخالبِ ذئبِ التَّطَرُّفِ؛ لذا يَسْهُلُ على الجماعات المتطرفة اللَّعب على أذهانِهم واستقطابِهِم ليكونوا وقودًا لنيرانِ الأسى والحسرة.
فالأطفالُ هُمْ أكثرُ مَن يدفع ثَمَنَ ويلاتِ الحُروبِ؛ مِنْ قَتْلٍ أو تَشْريدٍ أو مَرَضٍ أو جَهْلٍ أو اسْتِغْلالٍ من قِبَلِ الجماعاتِ المُتَطَرِّفَةِ لضمانِ استمرارِ أفكارِها وأيديولوجياتِها المُشَوِّهة لأذهانِ عِدَّةِ أجيال، فها هو تنظيمُ "داعش" الإرهابي قد قتلَ وشَرَّدَ واستغلَّ آلافَ الأطفالِ بطريقةٍ مباشرةٍ أو غيرِ مباشرةٍ، واستخدمهم وقودًا لعملياتِهِ الإجْرامية.
ويُمْكِنُ أنْ يتحول مستقبلُ أمتِنا المُتَمَثِّل في هذا النشء إلى قنبلةٍ موقوتةٍ تُدَمِّرُ المجتمعَ إذا ما تُركوا فريسةً سهلةً ولُقْمَةً سائِغةً لأمثالِ هؤلاءِ المجرمين، يُخَرِّبونَ عقولَهُم ويَنفُثونَ سمومَهُم في أذهانِهِم ويزرعونَ فيها العداءَ والبُغْضَ لكلِّ ما هو إنساني أو مَدَني.
واستغلالُ الأطفال من قِبَلِ الجماعاتِ الإرهابيةِ يُساهِمُ في ولادَةِ جيلٍ لا يؤْمِنُ بقَبولِ الآخَر ولا بمبادئ التعايُش المشترَك، وهوما يُهَدِّدُ المجتمعاتِ ويضعها دونَ شكٍّ أمامَ أزماتٍ حقيقيةٍ تَحولُ دونَ تقدُّمِها ونهضَتِها على كافّةِ المستويات، لا سيما على المستوى الإنساني.
* الجماعاتُ المُتَطَرِّفَةُ تَسْعى إلى تَجْنيدِ الأطْفالِ:
نظرًا لأنَّ الأطفال في مناطقِ الصِّراعِ، فدائِمًا ما يكونون لُقْمَةً سائِغَةً أمامَ الجماعاتِ المتطرفةِ التي تَسْعى بِخَيْلِها ورَجِلِها لتجنيدِهِم، وتجتهدُ في تحويلِهِم إلى قنابِلَ موقوتةٍ تُفَجِّرُها وقتما تشاءُ وكيفما تشاءُ، الأمرُ الذي يكونُ له حتمًا آثارُهُ الخطيرةُ على المجتمعاتِ التي رُبَّما تَعْجِزُ بِحُكْمِ هذا الصِّراعِ عَنْ حمايةِ هؤلاءِ الأطفالِ من الوقوعِ في براثِنِ التَّطَرُّفِ.
ولِكَوْنِ الأطْفالِ ببراءَتِهِم هم الأسهل في التلقين والتلقي، ولا يُظْهِرونَ أيَّ مقاومةٍ تُذْكَرُ عند تجنيدِهِم، ولا يمتلكونَ الوَعْيَ الكافي للتمييزِ بينَ الخطأ والصوابِ، ولا يُدْرِكونَ مَدى درجةِ الخطورةِ التي يتعرضونَ لها، تُفَضِّلُ الجماعاتُ الإرهابيةُ استغلالَ براءَتِهُم لضمانِ استمرارِ انتشارِ أفكارِها المتطرفةِ والهدّامة عَبْرَ الأجيالِ.
ما يزيدُ من تَشَبُّثِ الجماعاتِ الإرهابيةِ بتجنيدِ الأطفالِ هو عَدَمُ إثارَتِهِم الشُّبُهاتِ؛ ممّا يؤدّي إلى تنفيذِ مهامَّ أكثرَ نجاحًا، أضِفْ إلى ذلكَ أنَّ الطِّفْلَ الجُنديّ لا يُكَلِّفُ الجماعاتِ أموالًا طائلةً كما هو الحال مع المقاتلينَ البالغين، كما تُستَخْدَمُ الأطفالُ في عملياتِ الحِراسَةِ وخدمَةِ قياداتِ التنظيمِ لكونِ ولائهم غير مشكوك فيه.
* أساليبُ تَجْنيدِ الأطْفالِ:
تنتهِجُ الجماعاتُ المتطرفةُ كلَّ الوسائلِ في تجنيدِ الأطْفالِ مِن الإغراءِ الماديّ إلى التأثيرِ العاطِفي إلى الترفيهِ لجذبِهِم وتفخيخِ عقولِهِم، بأساليبَ تتلاءَمُ وطريقة تفكيرِ الطِّفلِ ليتقبّلها بسهولةٍ ويُسْرٍ، منها التغرير بالأطفالِ من خلالِ ألعابٍ ومناهِجَ إلكترونية عَبْرَ الإنترنت، كما يتِمُّ تجنيدُ أعدادٍ كبيرةٍ من الأطفالِ عن طريقِ الإنترنت، لا سيما عَبْرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي، حيثُ يدخلُ الأطفالُ للتسليةِ والاستكشافِ والتواصلِ مع الآخرين، فيكونون فريسةً سهلةً للمجنِّدين.
وعلى الأرضِ يتِمُّ تجنيدُ الأطفالِ من خلالِ توزيعِ هدايا عليهِمِ والسَّماحِ لهم باستخدامِ أسلحةِ المقاتلين واللَّعِبِ بها ليألفوها، وقد تلجأ الجماعاتُ المتطرفة أحيانًا إلى خَطْفِ الأطفالِ وتجنيدِهِم دونَ عِلْمِ ذويهِم، ومنهُم من يَتِمُّ تجنيدُهُ عَبْرَ "التهديد" بالقتلِ والتصفيةِ الجسديةِ في حالِ رفضِهِ حَمْل السّلاح عَنْوَةً، والالتحاق بالصفوفِ الأولى للتنظيمِ لتنفيذِ عملياتِهِ اللاإنسانية، هذا بالإضافةِ إلى الأطْفالِ الذينَ يَتِمُّ تجنيدُهُم بالتبعيّةِ لذَويهم، حيثُ يقومُ أقارِبُهُم باختطافِهِم أو اصطحابِهِم معهم إلى مناطقِ الصِّراعِ، وإخضاعهم لبرامِجِ التأهيلِ التي تُعِدّها التنظيماتُ المتطرفةُ لتجنيدِهِم واستغلالِهِم، وغَرْسِ منهجِ التنظيمِ في عقولِهِم.
* دَوْرُ الأطْفالِ في صُفوفِ الجَماعاتِ المُتَطّرِّفَةِ:
خلالَ التجنيدِ، يتولّى التنظيمُ غسْلَ أدمغةِ الأطفالِ ومَسْخَ هُوِيَّتِهِم؛ ومن ثَمَّ يقومُ بزَرْعِ أصولِ الفكرِ المُتَطَرِّفِ فيها من خلالِ مناهج تعليمية يُعِدّها لهذا الغرض، وبعد ذلك يقومُ بتدريبِهِم عسكريًّا ليكونوا وقودًا زهيدَ الثَّمَنِ لمعارك التنظيم، وغالبًا ما يتِمُّ استغلالُ هؤلاءِ الأطْفالِ في تنفيذِ عمليّاتٍ انتحاريةٍ أو التجسُّس لكونِهِم خفيفي الحركةِ، ولعدمِ إثارتِهِم للشكوكِ خلالَ تنقلاتِهِم، فهم أكثرُ حريّةً وانطلاقًا، فضلًا عن أنهم يُمَثِّلونَ شريحةً ذات جدوى بالغة لتعويضِ الخسائر البشرية في المعارك أو في عملياتٍ متخصصةٍ يكون فيها الكبارُ أقلَّ فاعلية.
* الأطْفالُ ضَحايا "داعش" وما بعدها:
هل يُمْكِنُ أن تكون يدُ العَوْنِ هي نفسها يَد الخيانةِ؟ في مناطقِ الصِّراعِ، إذا نَجا الأطْفالُ من مخالِبِ الجماعاتِ المتطرفةِ، فلن تنجوَ من ظُلْمٍ أو اضطهادٍ أو ربما انتهاكاتٍ تَصِلُ إلى أن تكون جسدية، داخل المخيمات التي من المفترض أنها مخيمات "إغاثة!". فتطالِعُنا تقاريرُ المنظماتِ الحقوقيةِ عن انتهاكاتٍ صارخةٍ في حقِّ الأطفالِ، لاسيما الأطفال الذين كانت تربطهم عَلاقاتٌ مع "داعش"، بسببِ جرائمَ لَمْ يرتكبوها، هذه الانتهاكات الحقوقية والجسدية تُنْذِرُ بوضعِ أساسٍ للعنفِ في المستقبل.
وفي الحقيقةِ، لقد تنامَتْ هذه الظاهرة في الآونةِ الأخيرةِ؛ نظرًا لغيابِ استراتيجيةٍ منظّمةٍ أو قراراتٍ تُقَنِّنُ أوضاعَ هؤلاءِ الأطفالِ، فقد أصبحت قضيتُهُم قضيةً إنسانيةً مُعَقَّدَةً تحتاجُ إلى تضافُرِ كافّةِ الجهودِ المحليةِ والدَّولية نظرًا لحساسيتِها، بالإضافةِ إلى ضرورةِ دمجِهِم مرةً أُخْرى في مجتمعاتِهِم.
لذا يجبُ على الحكوماتِ والمنظماتِ الحقوقيةِ تعزيز حقوقِ الأطْفالِ وحمايتهم من الوقوعِ فريسةً في يدِ الجماعاتِ المُتَطَرِّفَةِ، لا سيما في مناطقِ الصِّراعِ؛ لأنَّ كلَّ طفلٍ في يدِ الجماعاتِ المتطرفة يُمثّل مشروعَ قنبلةٍ موقوتةٍ للمستقبلِ، حيثُ إنَّ الفكرَ المُتَطَرِّفَ يجري في عروقِهِم مَجْرى الدَّمِ منذُ الصِّغَرِ وحُفِرَ في عقولِهِم كالنَّقْشِ على الحَجَرِ، فلم يَرَوْا فكرًا غيرَه، وهذا ما يفرقهم عن غيرِهِم ممن يتِمُّ استقطابُهُم وهم كبار، فمَنْ تَعَوَّدَ على طَعْمِ الدَّمِ وتَدَرَّبَ عَلى أساليبِ القَتْلِ وحَمْلِ السِّلاح في الصغر، سيكونُ قادرًا على جَعْلِ القادم أدهى وأَمَرّ؛ ولذا سيشْهَدُ العالَمُ في المستقبلِ القريبِ تَحَوُّلًا كبيرًا في استراتيجيات ونَمَطِ العلمياتِ الإرهابيةِ، والتي سيستخدمُ مُنَفِّذوها من الأساليبِ ما لَمْ نَرَهُ فيما مضى.
أضِفْ إلى ذلكَ أنَّ تنظيمَ "داعش" كانَ حريصًا على زرْعِ أيديولوجيتِهِ في عقولِ الأطفالِ والشبابِ ليضمن استمرارها، مثله في ذلك مثل جميعِ التنظيماتِ الإرهابية، ولكن الأمرَ المختلِفَ أنه حَرَصَ أيضًا على تغذيتِها وتطويرِها لديهِم عَبْرَ المواقعِ الإلكترونية التي أنشأها الذِّراعُ الإعلامي للتنظيم، والتي باتت منتشرةً بغزارة عَبْرَ الشبكاتِ العنكبوتية، وتَصْعُبُ السيطرةُ عليها، كما يَبُثُّ التنظيمُ بشكلٍ مستمرٍ عَبْرَ هذه المواقع موادَّ تعملُ على تسويغِ إراقَةِ الدِّماءِ، تحتَ مظلةٍ شرعيةٍ من وجهةِ نظرِ التنظيمِ، الأمرُ الذي يَدُقُّ ناقوسَ الخطرِ في العالمِ أجمع؛ لأنَّ الإرهابَ باتَ لا يُفَرِّقُ بين دينٍ أو جنسٍ أو لَوْنٍ.
* نقلا عن مرصد الأزهر: وحدة رصد اللغه الفرنسية
إعلان