من هم أول الناس إسلامًا؟
كان أول من آمن بالله وصدق صديقة النساء خديجة، فقامت بأعباء الصديقية؛ قال لها صلى الله عليه وآله وسلم: «خشيت على نفسي»، فقالت: أبشر فو الله لا يخزيك الله أبدا، ثم استدلت بما فيه من الصفات والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبدا.
وكان أول ذكر آمن من بعدها صديق الأمة، وأسبقها إلى الإسلام أبو بكر، فآزره في الله، وعن ابن عباس أنه أول الناس إسلاما، وممن وافق ابن عباس وحسانا على أن الصديق أول الناس إسلاما: أسماء بنت أبى بكر والنخعي وابن الماجشون ومحمد بن المنكدر والأخنس.
وقيل: إن علي بن أبى طالب أسلم بعد خديجة، وكان في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعلى هذا يكون أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ويكون على أول صبي أسلم، لأنه كان صبيّا لم يدرك، وكان سن على إذ ذاك عشر سنين، فيما حكاه الطبري، وقال ابن عبد البر: وممن ذهب إلى أن عليّا أول من أسلم من الرجال: سلمان وأبو ذر والمقداد وخباب وجابر وأبو سعيد الخدري وزيد بن الأرقم، وهو قول ابن شهاب وقتادة وغيرهم.
قال: واتفقوا على أن خديجة أول من أسلم مطلقا.
وقيل: أول رجل أسلم، ورقة بن نوفل، ومن يمنع يدعي أنه أدرك نبوته عليه السّلام لا رسالته، لكن جاء في السير، وهو في رواية أبى نعيم المتقدمة، أنه قال: أبشر، فأنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم، وأنك على مثل ناموس موسى، وأنك نبي مرسل، وأنك ستؤمر بالجهاد، وإن أدرك ذلك لأجاهدن معك، فهذا صريح بتصديقه برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قال البلقيني: بل يكون بذلك أول من أسلم من الرجال، وبه قال العراقي في نكته على ابن الصلاح وذكره ابن منده في الصحابة.
وحكى العراقي: كون عليٍّ أول من أسلم عن أكثر العلماء، وحكى ابن عبد البر الاتفاق عليه.
وادعى الثعلبي اتفاق العلماء على أن أول من أسلم خديجة، وأن اختلافهم إنما هو في أول من أسلم بعدها.
قال ابن الصلاح: والأورع أن يقال: أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن الصبيان أو الأحداث علي، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد، ومن العبيد بلال، والله أعلم، انتهى.
وقال الطبري: الأولى التوفيق بين الروايات كلها وتصديقها فيقال: أول من أسلم مطلقا خديجة، وأول من أسلم علي بن أبى طالب وهو صبي لم يبلغ، وكان مستخفيا بإسلامه، وأول رجل عربي بالغٍ أسلم وأظهر إسلامه أبو بكر بن أبب قحافة، وأول من أسلم من الموالي زيد.
قال: وهذا متفق عليه لا خلاف فيه، وعليه يحمل قول من قال: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، أي الرجال البالغين الأحرار، ويؤيد هذا ما روي عن الحسن أن علي بن أبى طالب قال: إن أبا بكر سبقني إلى أربع لم أوتهن: سبقني إلى إفشاء الإسلام، وقدم الهجرة، ومصاحبته في الغار، وإقام الصلاة، وأنا يومئذ بالشعب يظهر إسلامه وأخفيه... الحديث، أخرجه صاحب فضائل أبي بكر وخيثمة بمعناه.
* نقلا عن دار الإفتاء المصرية
فيديو قد يعجبك: