تقرير القدس.. الأسبوع الأخير من يوليو 2018
انطلاقًا من الدور الريادي للأزهر الشريف، ومسئولياته تجاه قضايا العالم الإسلامي بصفة عامة، وقضية القدس بصفة خاصة؛ إذ إنِّها ليست قضيةَ شعبٍ أو حزبٍ أو عرقٍ، بل قضية كل المسلمين، وتأكيدًا على حقِّ الفلسطينيين في أرضهم ووطنهم.
تتابع وحدتا الرصد باللغة العربيَّة والعبريَّة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف -عن كثب-المستجدات على الساحة المقدسية كافة، وتبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، كما ترصدان الانتهاكات الصهيونية بحقِّ المقدسات والشعب الفلسطيني.
ويتابع هذا التقرير مسار الأحداث ويتتبع أخبارها على مدار الأسبوع الأخير من يوليو، لعرضها على القارئ الكريم في ملف شامل؛ إحياءً للقضية في العقل والوجدان العربي والإسلامي، ومحاولة لإيقاظ ضمير العالم من سباته العميق.
أكثر من ألف مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى في ذكرى خراب الهيكل
تستمر الممارسات الصهيونية المتطرفة بحقِّ المسجد الأقصى، وتتزايد كثافة اقتحاماته بوتيرة متسارعة وغير مسبوقة، حيث اقتحم 1440 مستوطنًا، الأحد 22 يوليو، باحات المسجد الأقصى، في ذكرى ما يسمى بـ"خراب الهيكل"، في خطوةٍ استفزازيةٍ وتحدٍّ صارخٍ لمشاعر المسلمين، وسط إجراءات أمنية مشددة.
قوات الاحتلال تؤمن اقتحامات المستوطنين (أ.ف.ب)
وكعادتهم المشئومة في تزييف التاريخ ومحاولة تغيير الواقع، قدَّم حاخامات اليهود شروحاتٍ عن "الهيكل" المزعوم، وأهمية الشروع في بنائه، والعمل على تهويد مدينة القدس، بحضور النائب الصهيوني المتطرف "يهودا جليك"، وعدد من أعضاء تكتُّل اليمين في الكنيست، وتجوَّلوا في ساحات المسجد وأدَّوا طقوسًا تلمودية.
في أثناء ذلك حاول عددٌ من المتطرفين الاعتداءَ على الشيخ محمد أحمد حسين، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى الفلسطيني، خلال إجرائه مقابلة تليفزيونية بالقرب من باب "الأسباط"، فيما قام آخرون بالاعتداء على تجَّار فلسطينيين في سوق "القطانين"، وخرَّبوا بضائعهم، الأمر الذي استدعى تدخل شرطة الاحتلال باعتقال عددٍ من الفلسطينيين.
بدورها جددت القوى الوطنية والإسلامية في مدينة القدس دعواتِها للنفير والتصدي لاقتحامات المسجد الأقصى، وقالت في بيان: إن "اقتحاماتِ المستوطنين بوتيرة متزايدة، مقدمةٌ بائسة للتقسيم الزماني والمكاني وفرض أمر واقع جديد، وإن ذلك يحتم علينا الالتفافَ حول مسرى رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-وحمايته من أعداء البشرية والإنسانية".
وأضافت القوى أن "الواجب الوطني والديني والأخلاقي يدعونا للَجم هؤلاء الرعاع، وذلك من خلال التواجد والاحتشاد في باحات المسجد الأقصى المبارك، وإعلاء التكبيرات، ومواجهة هذا العدوان البربري"، مؤكدةً على حقِّ الشعب الفلسطيني في الدفاع عن المقدسات الإسلامية.
جديرٌ بالذكر أن أعداد المقتحمين في ذكرى ما يسمى بـ"خراب الهيكل"، تضاعفت بشكلٍ ملحوظٍ مقارنةً بالأعوام السابقة، حيث كان عدد المقتحمين 400 مستوطنًا في نفس الذكرى من العام 2016، وارتفع في 2017، ليصل إلى1263 مقتحمًا، وفقًا لموقع "هر هبَّيت" العبري.
قوات الاحتلال تقمع تظاهرة فلسطينية وتقتحم باحات الأقصى:
يمارس الكيان الصهيوني سلوكَه البربريَّ في تكميم الأفواه، ويعزف على أوتار البطش بمهارة، حيث قمعت قوات الاحتلال تظاهرةً فلسطينيةً، في باحات المسجد الأقصى المبارك، انطلقت بعد صلاة الجمعة الموافق 27 يوليو، رُفعت خلالها الأعلامُ الفلسطينية ورُدِّدت شعاراتٌ ضد الاحتلال؛ إحياءً لذكرى معركة البوابات الإلكترونية التي حدثت في اليوم نفسه من العام الماضي.
واقتحمت عناصر الوحدات الخاصة في الشرطة الصهيونية باحات المسجد الأقصى، واعتدت بوحشية على حرَّاسه، وأطلقت الرصاص المعدني وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع صوب مئات المصلين، وأغلقت جميع أبواب المصلى القبلي، ما أدَّى إلى اعتقال 24 فلسطينيًّا وإصابة العشرات.
بدورها أدانت الحكومة الأردنية اقتحامات المسجد، وعدَّتها ضمن إطار الانتهاكات والاستفزازات الصهيونية المستمرة، مؤكدة أن هذه الممارسات تنتهك حرمةَ هذا المكان المقدّس وتستفز مشاعر المسلمين.
وبحسب دائرة الأوقاف الفلسطينية، فإن قوات الاحتلال أعادت، مساء الجمعة، فتحَ أبواب المسجد الأقصى بعدما أغلقته لعدة ساعات، وانسحبت من محيط المكان، ودخل مئات المقدسيين الحرم الشريف وأدَّوا ركعتي شكرٍ لله، بعدما منعتهم قوات الأمن من صلاة العصر في المسجد المبارك.
قوات الاحتلال تهدم روضة ومركزًا نسويًّا .. وتصادق على بناء 270 مستوطنة
في حلقة جديدة من سلسلة الانتهاكات الصهيونية، هدمت جرافات الاحتلال تحرسها قوة عسكرية، صباح الأربعاء 25 يوليو، روضةَ الأطفال والمركز النسوي في تجمع جبل "البابا" البدوي، القريب من بلدة "العيزرية" جنوب شرق القدس المحتلة.
صورة: رويترز
وتأتي عملية الهدم ضمن مخطط صهيوني للقضاء على التجمعات في بادية القدس، أكبرها تجمع "الخان الأحمر"، لصالح مخططات ومشاريع استيطانية كبيرة وخطيرة على مستقبل مدينة القدس المحتلة، تتمثَّل في وضع اليد على الأراضي وتثبيت الاستيطان، ومنع أي تواصل جغرافي فلسطيني بين القدس وسائر مناطق الضفة الغربية.
وفي إجراء جديد يهدف إلى توسيع حدود المستوطنات الصهيونية وتطويق مدينة القدس، صادقت حكومة الاحتلال على بناء 270 وحدة استيطانية، 170 منها في بلدة "الخضر" جنوب بيت لحم المحاذية لمستوطنة "دانيال"، إضافة إلى 100 وحدة في البؤرة الاستيطانية "كِفَار إلْدَاد" المقامة على منطقة "التعامرة" الفلسطينية.
3 شهداء ومئات الجرحى خلال الجمعة الـ18 لمسيرات العودة
تأكيدًا على رفضهم كلَّ المحاولات التي من شأنها تصفية القضية الفلسطينية، أو الالتفاف على حقِّهم في العودة وكسر الحصار، يُواصل الفلسطينيون نضالَهم الحرَّ بلا كلل أو ملل في الجمعة الثامنة عشرة من مسيرات العودة، الموافق 27 يوليو، تحت مسمَّى "أطفالنا الشهداء".
وتوجَّه آلاف الفلسطينيين إلى مخيمات العودة، على طول السياج الحدودي الفاصل بين شرق قطاع غزة والأراضي المحتلة، وأشعل المتظاهرون النارَ في الإطارات المطَّاطية، وأطلقوا الطائرات الورقية الحارقة صوب قوات الاحتلال الإسرائيلية، في حين أطلق جنود الاحتلال الرصاصَ الحيَّ وقنابلَ الغاز على المتظاهرين، ما أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين بينهم طفل، وإصابة 235 آخرين.
وعقب انتهاء فعاليات "أطفالنا الشهداء"، أعلنت "الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار" في بيان، مساء الجمعة، استمرارَ فعاليات المسيرة حتى تحقيق كامل أهدافها، ودعت الفلسطينيين إلى المشاركة في الجمعة المقبلة تحت مسمى "الحياة والحرية"؛ رفضًا للحصار والإغلاق.
وثمنَّت الهيئة الدورَ المصري في البحث عن وسائل لإغاثة الشعب الفلسطيني بالقطاع، مؤكدةً أن مصر التي قدمت آلاف الشهداء من أجل قضايا الأمة، لن تسمح للاحتلال بكسب الوقت من أجل تمرير صفقته المشبوهة، مطالبةً الأمم المتحدة بالعمل على وقف سياسة الاحتلال في قتل أطفال الشعب الفلسطيني.
جمهورية مولدوفا تعتزم افتتاح سفارتها في القدس
وفيما يتعلق بتبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، أفادت مصادر عبرية أن جمهورية "مولدوفا" تعتزم افتتاح سفارتها في مدينة القدس المحتلة، لكن بشرط أن يفتتح الكيان الصهيوني سفارةً له في العاصمة المولدوفية "كيشيناو".
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد نقلت سفارتها من "تل أبيب" إلى مدينة القدس المحتلة، ومن المتوقع أن تكون جمهورية "مولدوفا" الدولة الخامسة التي تنقل سفارتها إلى "القدس" لتسير على خطى: جواتيمالا، وباراجواي، وهندوراس.
ويؤكد مرصد الأزهر أن الأحداث الأخيرة والممارسات القمعية التي يمارسها الاحتلال تتزايد بصورة لافتة للنظر، مقارنة بنفس الفترة من الأعوام الماضية، وهذا يعني أن الكيان الصهيوني قد انتقل من مرحلة جس النبض، والتخوف من ردود الأفعال العربية والإسلامية، إلى مرحلة القرارات المتغطرسة والممارسات القمعية دون وضع اعتبار لأي رد فعل.
لكن مرصد الأزهر يؤكد على أن المنحة تولد من رحم المحنة، وأن الكيان الصهيوني واهم إن ظن أن الصراع قد انتهى، أو أنه قد كسب المعركة، أو أن خيوطها قد دانت بين يديه.
* نقلا عن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف
فيديو قد يعجبك: