في ذكرى ميلاد الآلوسي.. مؤلف "روح المعاني" ومفسر القرآن الكريم
كتبت – آمال سامي:
ولد شهاب الدين محمود الآلوسي بالكرخ في 14 شعبان عام 1217 الموافق 11 ديسمبر من عام 1802م، وكان أبوه رئيسًا لمدرسين بغداد، وكان منزله قبلة لطلبة العلم، وكان لتأثير البيئة التي نشأ فيها شهاب الدين أثر كبير في حياته، حيث اهتم والده بتعليمه، وشاهد اباه نفسه والعلماء من حوله فسار في مسيرهم، فتلقى علوم الدين من مشايخ عصره وكان أولهم أبوه، وتولى التأليف والوعظ وعمره لم يتجاوز الثلاثة عشرة عامًا. وأسندت لشهاب الدين الآلوسي عدة مناصب علمية من أهمها توليه افتاء بغداد، وكان عمره حينها ثلاثين عامًا، وكان وقتها العصر الذهبي للآلوسي، حيث اشترى دارًا واسعة ليلقى فيها طلابه ويستضيف فيها الغرباء منهم، وكان الشعراء يأتونه كل ليلة في مجلسه الأدبي، لكن حين تولى محمد نجيب ولاية العراق عزل الشيخ عن الإفتاء وضيق عليه بشدة وكان يخشى من نفوذه العلمي، وفي تلك الفترة كتب الآلوسي كتابه الأشهر في تفسير القرآن وهو "روح المعاني" ثم سافر بعدها إلى الآستانة وعاد إلى بغداد بعد عام ونصف تقريبًا وبقى فيها حتى مرض وتوفى بها في 25 ذو القعدة عام 1270هـ.
يلقب الآلوسي بـ "الآلوسي الكبير" تمييزًا له عن باقي العلماء الذين جاءوا من نفس الأسرة التي أشتغلت أجيالها المتعاقبة بالعلم الشرعي، وكان كتابه "روح المعاني" من أبرز مؤلفاته وحظى باهتمام كبير بين كتب التفسير، وحكى الآلوسي قصة إقباله على تفسير القرآن في مقدمة تفسيره قائلًا أنه لم يكن يفكر مطلقًا في تأليف أو جمع كتاب في تفسير القرآن الكريم، لكنه رأى رؤية في إحدى ليالي جمع شهر رجب عام 1252 هـ أن الله سبحانه وتعالى أمر بطي السماوات والأرض، ورتق فتقها على الطول والعرض، فرفع يدًا إلى السماء وخفض الأخرى إلى مستقر الماء، ثم استيقظ الآلوسي ظانًا أن أمر تلك الرؤية عظيم ومعناها جليل، فقرأ في بعض الكتب أن مثل تلك الرؤيا تشير إلى تاليف تفسير، فشعر في تأليف ذلك التفسير بالفعل في 16 شعبان من نفس العام، وقد ظل يكتب تفسيره حوالي 17 عامًا. وفي دراسة بكلية أصول الدين بغزة، يحدث الباحث عبد الله جنيد حول منهج الآلوسي في تفسيره، فيقول "يعتبر تفسيره هـذا مـن أوسـع التفاسـير حيـث أودع فيـه صـاحبه جهـد مـن سبقه من المفسرين فكان بحق جامعا لمدارس من سبقه منهم، وقد امتاز صاحبه بمحاربـة الإسرائيليـات والتوسـع في النحو وكذلك الجانب الفقهي كما أنـه لم يغفـل فيـه الجانـب البلاغـي بـل كـان حـاضرا عنـده في معظـم الآيـات، ويظهر انتمائه للعقيدة السلفية من خلال هذا التفسير ولا يترك فرقة مخالفة لأهل السنة والجماعـة إلا رد عليهـا".
يقول جنيد في دراسته إن الآلوسي اعتمد في تفسيره على كل ما سبقه من تفاسير، مع التركيز مع بعضها أكثر من الآخر، مشيرًا إلى أن الآلوسي كان مهتمًا بالقرآن وعلومه وتفسيره منذ كان طفلًا صغيرًا، لكنه في الوقت نفسه لم يكن مجرد ناقل فقط من التفاسير السابقة، بل كان يعلق وينقد كل ما ينقل ويبدي رأيه حيثما أراد فيما نقل، وكان يرجح ما يعرض من آراء مستندًا إلى أدلة.
ومن مؤلفات الآلوسي الأخرى الشهيرة، الأجوبة العراقية عن الأسئلة الإيرانية، ويحتوي هذا الكتاب على ثلاثين مسألة في التفسير واللغة والعقائد والمنطق وغيرها وقد وردت من إيران ولم يجب عنها سواه، وأيضًا من أهم مؤلفاته كتاب "غرائب الاغتراب ونزهة الألباب في الذهاب والإقامة والإياب" وهو حول رحلة الآلوسي الكبرى وجمعت لتراجم الرجال والأبحاث العلمية والأدبية التي دارت بينه وبين الشيخ عارف حكمت، وهو أحد أهم علماء المسلمين الأتراك.
فيديو قد يعجبك: